الوزارة همشت الفاعلين والمتدخلين والهيآت غير الحكومية والنقابات والجمعيات بقلم: النقيب حسن بيرواين خلال الخرجة الإعلامية الأخيرة لوزير العدل، عبداللطيف وهبي، مع منبر 360، ولمناسبة سؤال يتعلق باشراك جمعية هيآت المحامين بالمغرب، في اعداد مشروع المسطرة المدنية، اعتبر وزير العدل أن مبدأ التشاركية ودور المحامين ينحصر فقط في إبداء ملاحظاتهم ومقترحاتهم حول المشروع، وأن القرار النهائي في إعداد هذا الأخير يرجع لوزير العدل، وليس هناك ما يلزمه للأخذ بالمقترحات المقدمة. بداية لابد من تذكير وزير العدل بالمقتضيات الواردة في دستور المملكة لسنة 2011. لقد حملت الوثيقة الدستورية لسنة 2011 العديد من المستجدات القانونية، التي لم تكن موجودة في دساتير المملكة سابقا. من بين هذه المستجدات، نجد "آليات الديمقراطية التشاركية" التي تطرق لها الدستور الجديد بداية بالفصل 14، الذي نص على ممارسة المواطنات والمواطنين حق تقديم ملتمسات التشريع، مرورا بالفصل 15 الذي نص على حق تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، وصولا إلى الفصل 13 والفقرة الأولى من الفصل 139 ، الذي تضمن محتواهما خلق آليات التشاور العمومي، من أجل التعاون بين المؤسسات المنتخبة والمواطنات والمواطنين والجمعيات. وتأسيسا على المقتضيات الدستورية المذكورة أعلاه، يتأكد إشراك المحامين في إعداد القوانين بصفة عامة، والمرتبطة بمنظومة العدالة والمحاكمة العادلة وحقوق المواطنين في إطار الولوج المستنير للمحاكم، خاصة قانوني المسطرة المدنية والجنائية وقانون مهنة المحاماة، والذي كان يعتبر وزراء العدل السابقين، أنه ينبغي إعداده من قبل المحامين، ثم عرضه على وزارة العدل للمناقشة والتوافق بعد ذلك على مقتضياته في إطار اللجنة المشتركة ما بين مكتب الجمعية ووزارة العدل. وللأسف الشديد، يحاول وزير العدل الحالي، عدم الالتزام بالمقتضيات الدستورية الملزمة بضرورة التقيد بمبدأ التشاركية في إطار إعداد القوانين ما بين السلطة الحكومية وباقي الفاعلين والمتدخلين والهيآت غير الحكومية والنقابات والجمعيات. ونذكر كذلك من يعنيهم الأمر، لعل الذكرى تنفعهم، بالرسالة الملكية السامية لصاحب الجلالة والموجهة إلى السادة المحامين لمناسبة المؤتمر 49 للاتحاد الدولي للمحامين، والمنعقد بفاس والتي جاء فيها " …وإن من دواعي ابتهاجنا بملتقاكم، تزامنه مع تفعيل ما نحرص عليه من توجه حثيث، لإغناء وتحديث الإطار القانوني، المنظم لمهنة المحاماة، لتواكب المستجدات، وترقى إلى مستوى مواجهة التحديات؛ عاملين على أن تحقق التكامل والانسجام، مع التطور الذي تعرفه هذه المهنة عالميا، على أساس التوفيق بين الخصوصية الوطنية والقيم الكونية، وهو الإطار الذي سوف يؤمن استقلالية المحاماة، ويرفع مستوى أدائها. كما أنه سيدعم سبل التواصل والتعاون والتشارك، مضيفا بذلك لبنة جديدة، إلى ما شيدناه، على درب الإصلاحات الكبرى، التي نقودها بعزم وحزم، للنهوض ببلدنا، وجعله في مستوى الدول المتقدمة. فالمملكة المغربية حريصة على أن تظل رسالة الدفاع حاضرة بمصداقيتها، في قلب الممارسة المؤسسية، التي تنهض بها السلطة القضائية، باعتبارها الضامن الفعلي لمساواة المواطنين أمام القانون وسيادته، واستقرار المجتمع، والثقة في المعاملات، وتحفيز التنمية والاستثمار. ومن ثم جعلنا في مقدمة ركائز مشروعنا الديمقراطي، الارتقاء بالعمل القضائي، وتأهيله باستمرار، مهيبين بوزارة العدل، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، أن تنسج في ما بينها علاقات شراكة وتعاون ثابتة، في إطار المسؤولية والتعبئة، من أجل تحديث المنظومة القانونية، وتأهيل كل الفاعلين في الحقل القضائي، مع الانفتاح على التجارب المثمرة، والاستشراف للغد الأفضل ..." فالرسالة الملكية السامية وتوجيهات صاحب الجلالة تحث وزارة العدل وجمعية هيآت المحامين بالمغرب على ضرورة العمل بكيفية مشتركة، من أجل تحديث المنظومة القضائية، وكذلك الحرص على التعاون الإيجابي خدمة للمتقاضين، والعدالة بصفة عامة. إن "خطاب أنتم ونحن" ينبغي عدم استعماله من قبل وزارة العدل في خرجاتها الإعلامية، أو أثناء مناقشة القوانين بمجلس النواب. يجب علينا جميعا أن نجسد الإرادة القوية المشتركة لإخراج قوانين كفيلة بالنهوض بمستوى العدالة، بما يحقق طمأنينة المواطنين بها، وهو بكل تأكيد ما يحرص عليه السادة المحامون، من خلال جمعيتهم ومؤسساتهم، دون النظر للأمر من زاوية مصالح فئوية ضيقة، كما يحاول البعض ترويجه داخل المجتمع بمناسبة مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية.