لم أنسق، يوما، وراء التحريف الذي طرأ على مقدمة الفيلسوف الألماني "كارل ماركس" لكتابه "نقد فلسفة الحق عند هيغل"، وما لحق مقولة "الدين أفيون الجماهير"، أو "الدين أفيون الشعوب" من قراءات وتأويلات مغرضة. لكني، أجرؤ على هذا "الاقتباس"، في هذا التوقيت بالتحديد، نكاية في شيوخ، أصبحوا أكثر من الهم على القلب، وأضحى ظهورهم مملا وفاضحا ومفضوحا ومسيئا إلى الدين والمعاملات والعقائد، ومسيئا إلينا في المقام الأول، ونحن نقدم إلى العالم، عينة من "علماء إسلام"، بجلاليب وقبعات حمراء وقفاطين و"كندورات" ملونة، وصناديل مطاطية مقاومة لماء الوضوء، يفتون في كل شيء. شيوخ، من أجيال وانتماءات ومدارس مختلفة، مدربون على شد النقاشات العمومية الجادة، من شعرها وجرها إلى مستنقعات الحيض والحضيض والإسفاف، ومهيؤون لزرع فضاءات الاحتجاج ضد الأسعار والأجور والقهر والجوع والبطالة، ببذور القنب الهندي والخشخاش والأفيون، التي تقدم إلى المتلقي في شكل مواعظ وفتاوى دينية فيها كثير من "الفهلوة" و"تخراج العينين". في كل مرة، يطفو على السطح نقاش حقيقي في البلد، في السياسة والفكر والمجتمع والرياضة وفي مداخل الإصلاح ومحاربة الفساد والعدالة والاجتماعية، إلا ونبت قربه شيخ بلحية وجلباب يحاضر في فوائد النكاح قبل أذان الفجر، أو في جواز الترحم على السائحة المسيحية التي غرقت في البحر حين تطوعت لإنقاذ طفل مسلم، أو أحكام تسرب قطرة ماء إلى الحنجرة أثناء الوضوء في يوم صيام. مواضيع تافهة وأخرى، لا تعني لهذه الطينة من الشيوخ أي شيء في الواقع، ولا أهمية لها إلا بمقدار الصدام الذي تخلفه في المجتمع، والتحريف الذي سيقع في مواقع التواصل الاجتماعي وفضاءات النقاش العمومي، وبقدر الفتن والحروب التي ستشتعل بين مؤيدين ومعارضين. شيوخ انتقلوا من الدراجات الهوائية إلى الصالونات المكيفة للسيارات الألمانية بسائق، ومن السفر في حافلات "عريبات" المفخخة بروائح البيض المسلوق و"رايبي"، إلى اشتراكات في نوادي الشخصيات المهمة جدا (في أي بي) بالمطارات الدولية. هؤلاء الذين قطعوا وادي الفقر وجفت أقدامهم، هم أنفسهم الذين يستمرون في توزيع أوراق "نيبرو" و"طريفات" الحشيش بالتقسيط العادل على الشعب. هم أنفسهم الذين يتاجرون، يوميا، في الوهم المنتج للثروة، لإجهاض باقي مشاريع "الثورات" للأيام المقبلة. يصنعون المستحيل كي يبقى الوضع كما هو عليه، لأنهم يعرفون أن أي تغيير سيعصف بتفاهتهم وتواطئهم، أولا وقبل كل شيء. يوسف الساكت للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma