تلاميذ تحت سطوة الانتقام

يلجأ العديد من الآباء والأمهات إلى سلك طرق غير تربوية اتجاه أبنائهم، الذين فشلوا في الامتحانات الإشهادية، ظنا منهم أنهم بذلك سيقومون اعوجاجهم ويصلحون من أمرهم، وهم بذلك يزيدون من تأزيم الوضع النفسي لدى الابن ويوسعون الشرخ الحاصل في نفسيته. ويعمد بعض الآباء والأمهات إلى حرمان التلميذ من الاستفادة من وسائل الترفيه، مثل منعه من متابعة التلفاز أو منعه من استعمال الهاتف المحمول أو ارتياد الشاطئ، أو المسبح أو متابعة مباريات كرة القدم، عقابا له على فشله في تحقيق نتائج إيجابية نهاية الموسم الدراسي، سيما أنه ظل ينتظر انتهاء السنة الدراسية وحلول العطلة الصيفية للتحرر من قيود الخروج والدخول في الوقت المناسب. وتعتبر هذه الأساليب غير التربوية غير مجدية، لأن التلميذ، الذي لم ينجح نهاية الموسم الدراسي، لا يعتبر نفسه مسؤولا لوحده عن ذلك، وإنما يعتبر والديه وأساتذته ومحيطه، جزءا أساسيا ومساهما في فشله في دراسته. ويرتكب الآباء خطأ كبيرا بلجوئهم إلى هذه الطرق البالية في معاقبة أبنائهم، بل يفترض فيهم اللجوء إلى طرق تربوية عصرية تتلاءم مع ظروف الطفل الاجتماعية والنفسية ومحاولة تخفيف العبء عنه وجعله يعتقد أن الفشل والنجاح مرتبطان وأن الإنسان (التلميذ على الخصوص)، معرض للسقوط (الفشل) لكنه مفروض فيه الوقوف بسرعة ومحاولة ضبط أسباب ذلك لتخطيها وتفاديها مستقبلا. ويرى عبد الواحد سعادي إطار تربوي، أن الآباء في البوادي والمدن، خصوصا آباء وأولياء التلاميذ الذين اجتازوا الامتحانات الإشهادية (السادس، التاسعة، الباكالوريا) ينتظرون بشغف كبير هذه النتائج المهمة في مسار تمدرسهم، فإن توفقوا فالفرح والبهجة والسرور تسود محيط الأسرة، وإن كان العكس، فإن الغضب والتحقير والاستخفاف، ينزل على كاهل التلميذ . ويضيف سعادي، أن الآباء في الأرياف أشد معاملة وأقسى تصرف مع الأبناء عند رسوبهم من سكان المدن، نظرا لطبيعة الوسط القروي وأنشطته الشاقة، إذ تسند إلى الأطفال الراسبين أعمال شاقة في الحقول، كرعي الأغنام تحت شمس صيف حارقة وكنس فضائلها بالإسطبل، أو تكليفهم بغرس وسماد وسقي وتتبع زراعة الخضر الصيفية السقوية، التي يستغرق نضوجها مدة شهرين كاملين، وهو ما يعتبر تربويا، ممارسة عنف من طراز آخر أو عملية تهذيب وتأديب ليست مجدية ولا مقبولة نفسيا ولا تربويا. وتختلف معاملة الآباء بالمدن عن البادية، إذ يتم حرمان التلميذ الراسب بالمدينة من الخروج لملاقاة أصدقائه والذهاب إلى النزهة، ويصبح في أعين أسرته وأهله بالزقاق والدرب أو الحي، منبوذا كأنه اقترف جريمة يستحق عليها العقاب، مما يؤدي لا محالة بالطفل الراسب إلى الانطواء عن نفسه والإحساس بالعزلة عن أهله، وبالتالي تترتب عن ذلك أمراض وعقد نفسية قد تحول بين الطفل الراسب وبين متابعته لدراسته مستقبلا. أحمد ذو الرشاد (الجديدة)

تلاميذ تحت سطوة الانتقام

آباء يحرمون أبناءهم من متعة العطلة الصيفية عقابا لهم على "فشلهم" الدراسي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

القضاء يحسم في ابتزاز رؤساء جماعات

احساين: خطأ تربوي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات