في غمرة "البوكلاج"، تتلقى الجريدة اتصالا، من مواطن يريد التشكي، ورغم أن الوقت غير مناسب لاستقبال المكالمات، إلا أنني استجبت على مضض، حاولت في البداية التعرف على المشتكي، الذي لم يتح لي فرصة التعرف على شخصه وسؤاله، وشرع في العتاب على استعمال اسمه من قبل العديد من الأشخاص، وفي مناسبات عديدة. ظننت، في البداية، أن الأمر يتعلق بمقال صحافي، كان هو موضوعه، لكنه استمر في العتاب، وللحظة كدت أنهي المكالمة لأنني لم أفهم مضامينها، وبعد برهة خفت حدة صوته، بعدما استوعب أنني لم أدرك محور اتصاله، فقال لي أنا الذي طالما استغل اسمه، من قبل الجميع لتبرير أي شيء رغم أنه غير مسؤول عن ذلك. إنه المدعو "لا أحد" الذي يتردد اسمه كثيرا، وفي مناسبات عديدة، كالامتحانات ومباريات التوظيف، وحتى في تبرير فعل ما، فالكل يستعير اسمه لتبرير شيء ما بالقول "لا أحد"، رغم أنه غير مسؤول عما يصدر، وعن النتائج التي يرتبط بها اسمه، والتي تحولت بقدرة قادر، بعد مدة، إلى اسم معلوم. "لا أحد" هو الفشل في مواجهة الحقيقة، وهو التعبير الذي يبرر به كل سلوك، دون البحث عن أسبابه، وهو النتيجة الحتمية لسياسات معينة، فعندما يتم الإعلان عن مباراة معينة، ويتقدم لاجتيازها العشرات من الأشخاص وتكون النتيجة "لا أحد"، فهنا يجب محاكمة السياسة التعليمية التي انتهت بهذه النتيجة، والساهرين عليها. وعندما ينتهي الأمر في قضايا معينة بالهروب من تحمل المسؤولية، ويحضر "لا أحد" بدلهم، فهنا يجب الوقوف مرة ثانية لإعادة ترتيب الأوراق للوقوف على الخلل، الذي يعتري المجتمع في هذه المسائل، حتى لا نفتح الطريق أمام تصرفات غير قانونية لكي تتسرب إلى الداخل. فلا يمكن قبول استمرار تحمل "لا أحد" للإخفاقات التي يعيشها المجتمع ولسلوكات المواطنين، وتبرير تقاعسهم، فكما يتحمل "لا أحد" مسؤوليته في المواقع الصحية، على "أحد" أن يكون كذلك ويتحملها هو الآخر، والبحث عن مكامن الخلل، التي أدت إلى تلك النتيجة عوض الاكتفاء بها، أو اعتمادها لتكون الحجة لتمرير مسائل في الخفاء. كلمة "أحد" قد تجلب بعض المتاعب لقائلها في حالات معينة، وقد يجد مستعملها نشازا في مجتمع أضحت فيه "لا أحد" هي السائدة، إلا أنها في حال استعمالها في المكان الصحيح تقي من العديد من المتاعب ومن التورط في مشاكل المجتمع هو في غنى عنها، فكلمة أحد المعلومة تشكل في حالات معينة "الترمومتر" الذي يقاس به مدى إلزام الفرد بالواجب والحق، وامتثاله للقانون والالتزام، الذي نحن بحاجة إليه، لأجل الانخراط في الإصلاح الشامل والرقي بالمجتمع، والذي لن يتأتى إلا بمساهمة الجميع، كل من موقعه، وكما يقول المثل "نقطة بنقطة كا يحمل الواد". كريمة مصلي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma