الجامعي أوضح أن عقوبة الإعدام تظهر في 35 فصلا في القانون الجنائي المغربي سلط تقرير حقوقي أعدته شبكة المحاميات والمحامين من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، والائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، الضوء على ممرات الموت، أو عنابر المحكومين بالإعدام، وكشف عن طبيعة المعاناة التي يتجرعها يوميا من ضرب لهم موعد مع الموت، دون تحديد التاريخ المضبوط، ويؤدي إلى مضاعفات نفسية وعقلية.وكشف عبد الرحيم الجامعي، منسق الشبكة، في أبرز خلاصات التقرير الذي قدم أمس (الجمعة) محاوره العريضة، أن ما يربو عن 70 محكوما بالإعدام، القابعين بالسجن المركزي بالقنيطرة، يعيشون أوضاعا نفسية متدهورة جدا، جراء ظروف الاعتقال، "فالعنابر التي يقيم بها النزلاء عبارة عن بيوت متقابلة يتوسطها ممر وكلها متشابهة بصفة عامة مساحة وهندسة، وداخلها يعيش فريق المحكومين في تجمع خاص من نوعه، فلكل محكوم عنبره الخاص المكون من بضعة أمتار بباب حديدي سميك وقضبان حديدية من وراء الباب، وداخل العنبر، يوجد مرحاض دون باب، يفتقد لأبسط التجهيزات التي تحفظ الكرامة وتمنع هجوم الحشرات".وقال الجامعي إن هذه الاوضاع تشكل سببا رئيسيا في الخوف والأمراض النفسية التي يعانيها المحكومون بالإعدام داخل عنابرهم "التي هي في واقع الأمر قبور يختلط فيها مكان النوم بقنوات الصرف الصحي، التي هي، في نهاية المطاف، عبارة عن ثقب مكشوف لقضاء الحاجة". ووقف تقرير الهيأة الحقوقية، الذي أعدته، استنادا إلى زيارات متواثرة للسجن المركزي بالقنيطرة، واللقاء بالمحكومين بالإعدام القابعين هناك، انطلقت ماي الماضي، واستمرت إلى غاية شتنبر الماضي، (وقف) على سوء التغذية وقلة النظافة التي يعيشها المحكومون بالإعدام، سيما أيام حفيظ بنهاشم، المندوب العام السابق لإدارة السجون والإدماج، إذ لفت التقرير إلى أن "المحكومين بالإعدام أكدوا في مقابلات عدة، تمت في غياب إدارة السجن، ما عانوه جراء سوء المعاملة والعنف والإهمال والتهميش الذي طالهم طيلة فترة حكم المندوب السابق في السجون، بل إن بعض النزلاء نبهوا إلى استعمال العنف ضدهم بالحي من قبل بعض الموظفين، وطالبوا بمساءلة من اعتدوا عليهم داخل السجن من الحراس والموظفين، كما استحضر جلهم تصرفات تنم عن قدر كبير من القسوة والاحتقار، تمثلت في منعهم من حق الخلوة الشرعية وانتزاع الأسرة بدعوى أنها تتكون من أسلاك مطاطية يمكن أن تكون الوسيلة لتسهيل الانتحار".كما منعوا من الاستفادة من الحصول على نصيب المؤونة من اللحم والدجاج الذي كان مخصصا لهم، ومن الحصول على منحة نقدية شهرية، قال الجامعي إنها لم تكن تتعدى 130 درهما للفرد الواحد، كانت مخصصة لهم لشراء حاجيات من مقتصدية السجن من قبيل الصابون ووسائل النظافة"، قبل أن يشير التقرير إلى أن جل المحكومين بالإعدام لمسوا تحسن العلاقة التي تربطهم بالإدارة عموما، منذ مجيء المندوب الحالي.وعلاوة على ذلك، تنضاف القطيعة الاجتماعية والعائلية التي تطبع علاقة المحكومين بالإعدام محيطهم التي عمقها حرمانهم من العزلة الأسرية والخلوة الشرعية، لتؤدي جميعها إلى وضع نفسي متأزم من أخطر مظاهره الإصابات النفسية والعقلية وإصابات الإحباط والاكتئاب بشكل ملفت، لا توفر المؤسسة السجنة العلاج الملائم لها تضاف بدورها إلى الأمراض العضوية التي يعانيها المحكومون بالإعدام، كأمراض المفاصل والروماتيزم والجهاز الهضمي ومرض السكري والتهاب العيون، وتراجع قوة وظيفة بعض الأعضاء كالسمع والبصر.التقرير سلط الضوء أيضا على الموظفين المشرفين على حي المحكومين بالإعدام، وخلص إلى تعرض هذه الفئة إلى عدة مخاطر بشكل يومي، تجعل الموظف يطرح يوميا، سؤال ما إن كان سيتمكن من مغادرة الحي سليما أم لا، "ذلك أن جل المحكومين بالإعدام يعانون عوارض أمراض نفسية، ويظل التهور واردا في أي وقت، سيما أنه يظل بالنسبة إليهم الجلاد الذي يصادر حريتهم". وأكد عبد الرحيم الجامعي، أن الشبكة سبق أن ناهضت عقوبة الإعدام، ونادت بإلغائها، لأنها ترى في العديد من المحاكمات العادية والسياسية مقصلة الإعدام تحصد الأرواح، ويستعمل فيها القانون للقتل باسم عدالة لم تكن ولن تكون أبدا سوى عدالة نسبية لا يقوى قضاتها، كما هي طبيعة البشر وحدود قدراته، على التخلص من الشك، حتى في نسبته الضعيفة، ولا يستطيعون الراحة للضمير واليقين القاطع بأن أحكامهم بالإعدام نظيفة خالية من الأخطاء.ونبه الجامعي في دراسة ثانية قدمها خلال الندوة ذاتها إلى ارتفاع "قوانين القتل" في التشريع المغربي، ذلك أن عقوبة الإعدام تظهر في 35 فصلا في القانون الجنائي المغربي، الذي يحيل على 937 حالة تعتبر واجهة حقيقية للخوف، فيما يصل عدد الفصول المتطرقة إلى عقوبة الإعدام في قانون القضاء العسكري إلى 16 تشير إلى 79 حالة، و10 حالات أخرى في فصل يندرج في قانون صحة الأمة تتطرق بدورها إلى الحالات الموجبة لإقرار عقوبة الإعدام.هجر المغلي