جلسة ماراثونية تنتهي بتبرئة متهمين

الساعة الخامسة والنصف عصرا في قاعة الجلسات رقم 2 بمحكمة الاستئناف بأكادير، الخميس الماضي، بدأ رئيس الجلسة بالإعلان عن أرقام الملفات المعروضة أمامه للبت فيها، مناديا في الوقت نفسه على أسماء المتهمين الذين هم في حالة سراح، وكذلك أسماء هيأة الدفاع التي تنوب عنهم وعن المطالب بالحق المدني، أمام حضور إعلامي كبير. ويتعلق الأمر بملف يعود إلى 26 فبراير 2021، حين اقتحم ثلاثة أشخاص مقر شركة رجل أعمال وسرقوا محتويات الخزنة الحديدية التي كانت تحتوي على مجموعة من الوثائق التي تخص سبع شركات، إضافة إلى شيكات وكمبيالات تُقدر بملايين الدراهم. وتمكنوا من تنفيذ السرقة بعدما عطلوا كاميرات المراقبة الموجودة في مكتب رجل الأعمال الواقع بشارع الحسن الثاني وسط أكادير، وحصلوا على معلومات من المحامي تفيد بأن حارس العمارة سيكون غائبا يوم تنفيذ السرقة بسبب وجوده في جلسة بالمحكمة. بدأت الجلسة بجدال حاد، حيث قدم دفاع المطالب بالحق المدني ملتمسا بتأجيل الجلسة إلى حين البت في طلب تم التقدم به إلى محكمة النقض بالرباط بشأن الطعن في الهيأة القضائية ونقل الملف إلى هيأة قضائية خارج استئنافية أكادير. وبرر الدفاع هذا الطلب بعدم الالتزام بالحياد الذي طبع سير الجلسات السابقة، ورفض الإجابة عن أسئلة هيأة الحكم، التي تسعى لتوجيه الملف المعروض أمامها والسير به من أجل استصدار قرار مخالف للقانون وللحكم الابتدائي الصادر في حق البرلماني السابق والمحامي ورجل الأعمال. وأمام طلب التشكك، دخلت الجلسة في نقاش قانوني بين الطرفين. مطالب برفع العقوبة استمرت مرافعات دفاع المطالب بالحق المدني لأكثر من خمس ساعات،ما اضطر رئيس الجلسة للمطالبة بالتعجيل في المرافعة أكثر من مرة. وطالب الدفاع بضرورة رفع العقوبة السجنية في حق المتهمين الثلاثة المدانين في الجلسة رقم 16، في يناير الماضي، بسنتين نافذتين لكل واحد منهم في حدود سنة والباقي موقوف التنفيذ، مع أداء المتهمين تضامناً تعويضات لفائدة المطالب بالحق المدني محددة في مبلغ مليون درهم. وتضمنت مرافعات دفاع المطالب بالحق المدني أخذ بعين الاعتبار تقرير قاضي التحقيق، الذي قضى بمتابعة المتهمين الثلاثة (رجلا أعمال كانا برلمانيين سابقين، ومحامٍ) من أجل جناية المشاركة في السرقة المقترنة بظروف التعدد والكسر واستعمال ناقلة ذات محرك، طبقا للفصلين 509 و129 من القانون الجنائي، وإحالتهم على غرفة الجنايات لمحاكمتهم وفقا للقانون، في حالة سراح. كما قرر قاضي التحقيق عدم متابعة ابن أحد البرلمانيين السابقين، الذي يدير شركة، وحفظ ملف التحقيق في حقه إلى حين ظهور أدلة جديدة. وجاء قرار قاضي التحقيق بعد التحقيق الإعدادي والتفصيلي مع المتهمين بالمشاركة في سرقة محتويات خزنة حديدية، فقد قاموا بتحريض ثلاثة شباب على اقتحام مكتب رجل أعمال وسرقة مجموعة من العقود والكمبيالات والشيكات والوثائق التي تخص بعض الشركات والممتلكات والمعاملات التجارية. وعاينت الشرطة القضائية واقعة السرقة التي تعرضت لها الشقة الكائنة بشارع الحمراء بأكادير، والتي يتخذها المطالب بالحق المدني مقراً لشركاته، ووقفت على وجود آثار كسر. كما أقر الشباب الثلاثة بأنهم ارتكبوا هذه السرقة باستعمال الكسر، وبالاستعانة بسيارة أحد المتهمين بعد اتفاق وتنسيق وتوزيع للأدوار. اعتراف بالسرقة قرر قاضي التحقيق بالغرفة الأولى بمحكمة الاستئناف بأكادير، عبد العالي الدليمي، متابعة المتهمين رغم إنكارهم، لوجود عدة قرائن وقف عليها، فقد اعترف منفذو السرقة أن المحامي المتهم هو من حرضهم على ذلك بمعية البرلمانيين الآخرين خلال لقاءات عديدة بينهم، بهدف الحصول على وثائق تساعدهم في نزاعاتهم القضائية مع رجل الأعمال مالك الخزنة الحديدية. كما كشف أيضا مضمون المكالمات الهاتفية، ومحضر اطلاع الضابطة القضائية على هاتف أحد منفذي السرقة، وجود 52 مكالمة هاتفية بينه وبين المحامي خلال فترة ارتكاب السرقة، ووجود 34 مكالمة هاتفية بين المحامي ومنفذ آخر للسرقة، إحداها وقعت مساء يوم الجريمة. وقرر قاضي التحقيق متابعة البرلماني بعد اعتراف منفذي السرقة بأنه حرضهم على القيام بهذا الفعل، وأجرى عدة لقاءات معهم في إطار الإعداد للسرقة، ووعدهم بتسليمهم مقابلا ماديا، إضافة إلى تزامن السرقة مع محاكمة هذا البرلماني السابق بشأن نزاع بينه وبين مالك الخزنة الحديدية. بالنسبة إلى البرلماني ورجل الأعمال الثاني المتهم والمتحدر من منطقة اشتوكة أيت باها، فقد استند قاضي التحقيق في متابعته على قرائن وأدلة، منها اعتراف أحد منفذي السرقة أن هذا المتهم طلب منه جلب وثائق وشيكات تخص والده وشقيقه من خزنة رجل الأعمال بأي طريقة. كما تبين من كشف المكالمات وجود 18 اتصالا بين هذا المتهم وأحد منفذي السرقة. وتم الاستماع إلى المتهمين المدانين بسرقة الخزنة الحديدية الثلاثة بعد خروجهم من السجن، حيث أعادوا تفاصيل عملية سرقة محتويات الخزنة الحديدية التي كانت في مكتب أحد رجال الأعمال، بإيعاز وتحريض من المتهمين. واستمرت جلسة الاستماع إلى اللصوص الثلاثة إلى وقت متأخر من الليل، حيث أعادوا شريط الأحداث من البداية وحتى تنفيذ العملية. براءة المتهمين قرر بعد ذلك رئيس الجلسة الاستماع إلى هيأة دفاع المتهمين، التي قدمت مجموعة من الوثائق والحجج على براءة موكليها لأكثر من ثلاث ساعات ونصف. وعرفت جلسة النطق بالحكم استكمال مرافعات دفاع المتابعين، حيث استمرت إلى حدود الساعة الثانية والنصف صباحاً، قبل أن يتم حجز الملف للمداولة، والتي استمرت أطوارها إلى حدود الساعة الثالثة صباحا. وأصدرت المحكمة حكمها في هذه القضية، بقبول الاستئناف شكلا، ورفضه موضوعا، والحكم ببراءة المتابعين من جناية المشاركة في السرقة وتحميل الخزينة العامة الصائر. عبد الجليل شاهي (أكادير)

جلسة ماراثونية تنتهي بتبرئة متهمين

ملف سرقة الخزنة الحديدية شهد نقاشا قانونيا واستمر إلى الساعات الأولى من الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

السرقة من داخل السيارات تطيح بجانح

أخبار الصباح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات