حج أم ساحة معركة؟

المناسك خلفت قتلى وجرحى ومفقودين!! بقلم: خالد المختاري من الصعب أن يفتتح أي كاتب مقاله، وهو يصف مناسك الحج لهذه السنة، بالعبارة التالية: "خلف موسم الحج أزيد من 1300 قتيل ومئات المصابين وعشرات المفقودين، والحصيلة مازالت مرشحة للارتفاع". هل هذا تقرير عن منسك شعائري يعتبر الركن الخامس من أركان الإسلام، أم تقرير من ساحة معركة أو حرب؟ كيف حصل كل ذلك؟ مشهدان يلخصان حج هذه السنة... المشهد الأول: عندما تصفحت مجموعة من الفيديوهات المصورة من البقاع المقدسة، لفت انتباهي نوعان من الحجاج، أو لنقل نوعين من الحج، حج للخواص وحج للعموم، كان هناك حجيج ينعمون في الأرائك وتحت المظلات الشمسية، وبجانبهم وعاظ يلقنونهم ما استغلق عليهم من تعاليم وشعائر دينية، وفي الجهة المقابلة كان هناك حجيج يفترشون الأرض ويختبئون من الشمس تحت الحافلات، تحيط بهم أكوام من القمامة، كانوا بكل بساطة دون أي رعاية وفي ظروف قاسية جدا. والمشهد الثاني: انتشر منذ أسبوع فيديو لحاج يبدو من لكنته أنه مشرقي، قام بتصوير جثث لحجاج ماتوا بسبب الحرارة وانعدام الرعاية، وتُرِكوا فوق الأرصفة، يتخطاهم الحجاج دون أن يكترثوا بحالهم، وثق هذا الحاج هذه المشاهد المؤلمة التي حولت الحج إلى مأساة حقيقية. حسب علمي لم تقع وفيات بين حجاج خمسة نجوم، لأنهم كانوا في فنادق وأماكن مكيفة تلطف من شدة الحرارة، التي كانت تتجاوز خمسين درجة، كان الأكل والمرطبات متوفرة ومبسوطة بعناية فوق الموائد، وكانت كل سبل الراحة متاحة، وبالتالي لم تكن هناك من أسباب تدفع لوجود ضحايا. بينما في الجهة المقابلة كان هناك حج للعموم، حيث الاكتظاظ وانعدام أبسط سبل الراحة واختلاط الأعراق وتنوع العادات، وانتشار ملحوظ للأزبال والمخلفات، حيث تجتمع كل الأسباب لانتشار الأمراض والعدوى ولوقوع ضحايا وحدوث مشاهد مؤلمة. بدأت بسؤال عن كيفية وقوع هذه الأحداث، والآن لماذا حصل كل ذلك؟ مما لا شك فيه أن وزارة الحج السعودية تبذل مجهودات كبيرة لإنجاح هذا الركن من المشاعر المقدسة، ويبدو جليا لكل زائر حجم الاستثمار والإنفاق في التجهيزات المعتبرة الموفرة للحجاج، خاصة على مستوى النقل وتسهيل الولوج وتوفير الشروط اللازمة والأساسية لتأدية المناسك، لكن رغم هذا المجهود السخي، هناك نقص واضح في التنظيم، رغم المجهود التقني والرقمي المتطور والواضح، وتساهل غير مبرر مع المخالفين، سيما أولئك الذين لا يتوفرون على رخص الحج، والذين مكثوا بعد عمرة العشر الأواخر من رمضان وعددهم بالآلاف. عندما كثر قطاع الطريق وأصبح الحج مغامرة محفوفة بالمخاطر، منعت الدولة المرابطية السفر إلى الديار المقدسة، فتفتقت العبقرية المغربية، وأبدعت "حج المساكين"، فأصبح الفقراء يحجون إلى ضريح الولي الصالح سيدي شاشكال (أحمد أشقال) بضاحية آسفي، ويؤدون مناسكهم كاملة، من طواف ووقوف بعرفة ورمي للجمرات، وعندما تولى الموحدون مقاليد الحكم أعادوا رحلات الحج بعد تأمين الطريق. لقد كان الهدف دائما هو الحفاظ على أرواح الحجاج، والآن بعدما ارتفعت كلفة الحج وأصبح فعلا "لمن استطاع إليه سبيلا"، هل نأمل في عبقرية مغربية جديدة على شاكلة "حج المساكين" لـ "سيدي شاشكال"؟

حج أم ساحة معركة؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أخبار الصباح

الاستدراكية... محنة التلاميذ والآباء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات