أهلا بكم في مهرجان السلفيين! يكتشف الزائر لفعاليات مهرجان السلفيين، فقرات من الاستغلال السياسي والديني، يؤطرها "علماء" (مختصون في "الكتب التراثية" وليس العلوم الدقيقة)، ويشرف على نشرها بمواقع التواصل الاجتماعي، مريدون يلقبون بـ "السمع والطاعة". كل شيء مباح بمهرجان السلفيين، إلا الاختلاف مع أفكارهم، ولو ادعوا أن الأرض لا تدور، أو انتقاد تشددهم في التكفير والغلو في تحريم كل شيء تقريبا، وإن تجرأ أحدهم على محاججتهم، فإنه يصنف ضمن المرتدين ويستحق الطرد من "الفرقة الناجية" و"بلوك" في "فيسبوك". حمل آخر مهرجان للسلفيين شعار "الكوفية قبل العلم"، إذ اعتلى منصة المهرجان سلفيون يدعون إلى حمل "الكوفية" الفلسطينية في كل مكان، أثناء اجتياز امتحان البكالوريا وفي صلاة العيد وفي الأسواق و"الحمام"...، والويل لمن تجرأ ونزعها من بين الأكتاف، فهو علماني ومرتد وعميل للصهيونية ومعاد للإسلام وكافر، يستحق تطبيق كل الحدود عليه. ولم يفوت السلفيون الفرصة للمزايدة على أحداث غزة الأليمة، محاولين استغلال المأساة الإنسانية لتحقيق مكاسب ضيقة، فمشاهد الدمار والنكبة الكبرى، سببها الشعوب العربية، ومنها المغرب، في نظر منظمي مهرجان السلفيين، وليس حماقات أيديولوجية لا تجيد السياسة ولا تعترف بالواقع ولا تهتم بالشعب. لا تستحق التضامن مع فلسطين، إن لم تلتحف بالكوفية، كما لا تعتبر متعاطفا مع محنتهم، إن لم تؤمن بعقيدة الحرب، علما أن الفلسطينيين اختاروا السلام منذ ثلاثة عقود، ولن تحسب من فئة المدافعين عنهم إن تسلحت بالمنطق والحكمة، وليس اعتناق عاطفة السلفيين التي لا تجلب إلا النكبات. من مصائب الفلسطينيين أن القضية الفلسطينية، تتلاعب بها تيارات لا تمت لفلسطين بصلة، من القومية الناصرية والبعثية إلى المرتزقة، الذين يرتكبون الجرائم باسم قداسة القضية. اليوم، يأتي دور تيارات الإسلام السياسي لتتلاعب بالقضية لمصالحها. الممنوعات في المهرجان يمنع بمهرجان السلفيين الحديث عن العلم الوطني المغربي، ويحظر حمله، ويطرد كل من يلتحف به، فـ "الكوفية" أولى بالتبجيل والتقديس، ولا يسمح لعلم أن ينافسها. لم يتجرأ سلفي، يوما في الدفاع عن العلم الوطني، رغم ما يتعرض له أحيانا، من حملة مغرضة، ف"أقزام" في أوربا يسعون إلى النيل منه، ودولة "الكابرانات" تجيش مرتزقة للدوس عليه واستهداف الوحدة الترابية الوطنية، دون أن يدون سلفي كلمات دفاعا عنه. إن القاعدة السلفية واضحة، فهم يرون أن مفهوم الوطن مجرد "تراب نجس"، يجب تطهيره بإزالة الحدود بين الدول الإسلامية لإقامة دولة الخلافة العظمى، ويؤمنون بتذويب الأوطان في دولة افتراضية تمتد من طنجة إلى جاكرتا، حيث يتجلى الوطن في خيالهم "دولة الخلافة". خالد العطاوي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma