الباحث اللويزي يغوص في العوالم المؤثرة على اللغات وعلى القوالب الإعلامية والسياسية يواصل الباحث والإعلامي مصطفى اللويزي، الاشتغال على قضايا الإعلام والتواصل، من زوايا متعددة، انطلاقا من تجربته المهنية المزدوجة، إذ مارس مهنة الصحافة لسنوات عديدة، قبل أن ينتقل إلى البحث الأكاديمي، أستاذا باحثا بجامعة سيدي محمد بنعبد الله بفاس. وشكل المعرض الدولي للكتاب، في دورته الأخيرة، مناسبة للباحث لتقديم مؤلفه الجديد بعنوان "الإعلام والترجمة – من الاختلاف للتواصل"، ضمن فعاليات الأنشطة الثقافية لرواق جامعة سيدي محمد بنعبد الله بفاس، وهو كتاب صدر باللغة الفرنسية في بداية السنة الجارية، عن دار النشر إفريقيا الشرق. وقد كان فرصة للقاء بالمهتمين من الإعلاميين والباحثين، لمحاورته حول انشغاله الفكري بمسألة الترجمة ووسائل الإعلام، كمجال مزدوج للدراسة والتحليل للعوالم الممكنة وللظواهر المتكررة المؤثرة على اللغات من جهة، وعلى القوالب الإعلامية والسياسية من جهة أخرى. وبرأي الأكاديمي اللويزي، فـ"الصحافي والمترجم هما ناقلان، أي أشخاصا يخاطرون بأنفسهم بين الحدود اللغوية والثقافية وبين التواصل وعدم التواصل أو التواصل الفج وغير المفيد، كما أن ممارسة الترجمة في عالم الإعلام، تعتبر عملية شاقة للغاية، لأنها عمل يومي متعب، لكنه ضروري ولا غنى عنه"، يقول اللويزي. "وبما أن عملية الترجمة في الإعلام تتطلب الكثير من السرعة ورد الفعل، نظرا لأن عالم الأخبار والمعلومات يفرض سرعة الاستجابة والاستيعاب، فإن ذلك"، يقول الباحث، "يضعنا أمام متاهات الخيارات التقريبية، مع ما يرافق ذلك من عدم الدقة والعمومية". كما يركز الكاتب على الدور الحيوي الذي تلعبه المعلومات في عملية اتخاذ القرار، في عالم تتشابك فيه المصالح الإستراتيجية، مؤكدا أن ترجمة تلك المعلومات تعد مشروعا استراتيجيا حقيقيا، نظرا للرهانات السياسية، والإيديولوجية، والدينية، والاقتصادية، والثقافية التي تتدخل في صناعتها، ما يجعل ترجمتها أحد أعمدة الصحافة في العالم الحالي. إن التعددية اللغوية في غرف التحرير، يقول اللويزي، هي حقيقة موجودة على نطاق واسع، إذ لم يعد الصحافي ذلك الشخص الذي يتحدث لغة واحدة، ويذكر ببساطة الأحداث التي وقعت في "منطقته اللسنية"، بل يجب أن تترجم المعلومات القادمة من مناطق أخرى، ليس فقط حرفياً، ولكن يجب معالجتها استنادا إلى نطاقها وتأثيراتها. ويأتي هذا الكتاب، ليعزز رصيد اللويزي، في مجال البحث الأكاديمي، إذ صدر له كتاب "تواصل أزمة وأزمة تواصل"، والذي حظي بتقديم جمال الدين ناجي، المدير العام السابق للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، قائلا “العنوان الذي اختاره المؤلف يقول كل شيء، مشيرا إلى أن "لدى الكاتب شغف للتفكير، غالبا ما يكون جريئا، بخصوص نظريات التواصل والتطبيق العملي على الدياليكتيك الذي يحكم هذين الحقلين ويغذيهما، في تناقض لا يمكن إنكاره في الجوهر والأهداف وحتى القيم". برحو بوزياني