قاضي العيون قال لـ «الصباح»إن الرميد أخبره بأن غالبية المسؤولين القضائيين يرفضون العمل بالمنطقة مازالت تداعيات قرار وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، متواصلة بشأن توقيف محمد قنديل ، القاضي بابتدائية العيون، الذي أكد أنه لم يبلغ بقرار توقيفه بشكل رسمي، وإنما عن طريق الصحافة، وأضاف في حوار مع «الصباح»، أن الوزير كان يخطط لإبعاده عن المحكمة حتى لا يستمر في رصد الخروقات، وحتى يتمكنوا من إصلاحها قبل حلول لجنة التفتيش. في ما يلي نص الحوار: < كيف تلقيت قرار توقيفك من قبل وزير العدل والحريات؟ < حقيقة، استقبلت قرار الوزير بكل افتخار وفرح، رغم أني لم أبلغ به إلا عن طريق الصحافة، إذ لم تكن عند وزير العدل والحريات الجرأة ليخبرني بالقرار، رغم أنه يتوفر على رقم هاتفي أو يكلف أحدا من المفتشين العامين أو المفتش العام أو أحد المديرين بالوزارة بتبليغي بالقرار، والشيء نفسه من قبل المسؤولين القضائيين بالعيون لم يتصل بي أي منهم، ليبلغني قرار التوقيف. وهنا يجب التأكيد أن الوزير قام بخطوة لا يمكن وصفها، إلا أنها سياسية، إذ عوض تبليغ المعني بالأمر، عمد إلى مراسلة جميع المنابر الإعلامية ببلاغ يشير فيه إلى توقيفي، في محاولة لإيجاد عذر، لما تساءلت بشأنه «الصباح» في مقالاتها السابقة عن صمت الوزارة، إذ أنه ظل ساكتا لمدة ثلاثة أشهر، ليعمد إلى اتخاذ قرار التوقيف ويبرره بإخلالات تمس الوقار والشرف. ولم يوضح الإخلالات، فالمتهم عندما يصدر في حقه قرار قضائي كيفما كان، يتم تبليغه بالإخلالات والمنسوب إليه، وهو ما لم يعتمده الوزير في قرار توقيفي، أي أنه لم يحدد الإخلالات التي تمس بالوقار والشرف والمنسوبة إلى القاضي. < في تصريحاتك وتدويناتك، تحدثت غير ما مرة عن لقاء بوزير العدل والحريات، متى كان ذلك؟ < كان لقائي بوزير العدل والحريات أواخر أكتوبر الماضي. < هل أنت من سعيت إليه؟ < بعد صدور بيان للمكتب الجهوي للنقابة الديمقراطية للشغل بالعيون، أصدرت ردا عليه بالنظر إلى أنه يخصني بصفة مباشرة، لأنه تحدث عن أحد القضاة الوافدين الجدد على المحكمة، وبدون ذكر الاسم وبصفة غير مباشرة، لأنني أنا المقصود بذلك البيان، فاستدعاني الوكيل العام والرئيس الأول لاستئنافية العيون لإجراء جلسة احتواء للموضوع، وطلبا مني التعامل بمرونة، والتعايش مع الوضع، فكان ردي عليهما، أنه في حال عدم اتخاذ المتعين، فسوف ألجأ إلى الصحافة، ما دفع الوكيل العام للملك إلى الاتصال بالمفتش العام ووزير العدل والحريات، وزود المفتش العام برقم هاتفي، ليتصل بي، وطلب مني خلال الحديث التريث، وأخبرني بأن الوزير طلب منه التكلف بالموضوع شخصيا، وأنه إن كان بإمكاني الالتحاق بالوزارة يكون الأمر أفضل، وهو ما استجبت له. وخلال لقائي بالمفتش العام بالوزارة، بحث معي جميع الخروقات التي أخبرته بها، وزودته بالإثباتات الضرورية، وهو اللقاء الذي ربما يكون المفتش العام قد عمد هو الآخر إلى تسجيله، كما سجلته أنا أيضا أي تسجيل متبادل. في آخر المطاف، سألني عن إمكانية تغيير المحكمة في إطار الحلول الممكنة، إلا أني أخبرته ساعتها أن كل ما أطلبه هو التحقيق في النازلة، وإن ثبت وجود أي خلل مهني، تتم إحالتي على المجلس، وإذا كان غير ذلك، تتم محاسبة المعنيين. كل ما أطالب به تطبيق القانون، لا أقل ولا أكثر، فكان جوابه «أنك تعلم جيدا أن السلسلة طويلة، وأنا مجرد جزء منها، وأتعاطف مع قضيتك ولكن القرار ليس بيدي». ساعتها أكدت له أنني لا أطلب شيئا إما أن تقيلوني من العمل أو تتركوني أعمل بما يرضي الله، وليس هناك أي تعايش مع الفساد. وفي طريق العودة إلى العيون، اتصل بي المفتش العام مجددا وأخبرني بالعودة، لأن وزير العدل يريد لقائي، فعدت مرة أخرى إلى مقر الوزارة، وانتظرت على باب الوزير حوالي نصف ساعة ليستقبلني بعدها، لحوالي 20 دقيقة، عرضت فيها القضية عليه من جديد. وقال لي بالحرف «نزاهتك واستقامتك لا يشكك فيهما أحد، إلا أنه تنقصك بعض المرونة، فأنت تذكرني بشبابي، فقد كنت أشبهك، إلا أنه بعد دخولي الوزارة تغيرت، وعليك أنت كذلك أن تتغير وعدم الاندفاع»، فكان الجواب على كلامه أن أقرب مسافة بين نقطتين، هو خط مستقيم، أي تطبيق القانون لا غير، ليقاطعني الوزير ويؤكد «سأحدثك بصراحة. المنطقة لها حساسيتها وأنا أعلم أن المحكمة بها فساد، ولكن لا يمكن تنقيل الرئيس والرئيس الأول، لأن غالبية المسؤولين القضائيين يرفضون العمل بالمنطقة»، وطلب مني اختيار أي محكمة أخرى للعمل بها، وسيعمل على تنقيلي إليها دون تردد، فأخبرته برغبتي في الاستقالة، مع طلب إبراء الذمة المالية، إلا أنه رفض، وقال لي بالطريقة الدكالية «نوض تكعد ما غاديش نفرط في واحد بحالك». ولا أخفيك سرا أني استجبت لطلب التنقيل، وأخبرته أنه يجب تنقيل زوجتي هي الأخرى لأننا نعمل معا بالعيون، وأنه مادامت ليست هناك رغبة في الإصلاح، اخترت المحكمة التجارية بأكادير بالقرب من عائلتي، فقال لي ضع طلب الانتقال، وخلال الحديث سألني عن الرخصة الإدارية، هل استفدت منها أم لا ، فأخبرته بالنفي، فطلب مني الاستفادة منها بكاملها أي ما يعادل 54 يوما، (ثلاثون يوما الرخصة العادية بالإضافة إلى 24 يوما تخص العمل في الصحراء)، ولم أفطن ساعتها إلى أن الوزير كان يخطط لإبعادي تلك المدة عن المحكمة، حتى لا أستمر في رصد الخروقات، وحتى يتمكنوا من إصلاحها قبل حلول لجنة التفتيش. اجتماع مع قضاة العيون بعد الحادثة مباشرة التي حدثت لي، عدت إلى العيون، فرفض رئيس المحكمة التأشير لي على الرخصة الإدارية، وكرد فعل، أخبرت القضاة عن نيتي البقاء في العيون، وأني لن أغادر إلى أي محكمة أخرى، خاصة بعد أن شعرت مباشرة بعد الحادثة، أن هناك رغبة في تصفيتي. كما أخبرت رئيس المحكمة عن توفري على تسجيلات لموظف يؤكد فيها فساد الرئيس، ما دفع بمجموعة من القضاة بالاتصال بالوكيل العام لأجل إيجاد حل، في الخلاف مع الرئيس، وبالفعل تدخل الوكيل العام، وأخبرته بضرورة تحقيق القانون وذلك برجوعي إلى الشعبة التي كنت بها، لأنه لا يعقل أن يعمد كاتب الضبط إلى تغيير قاض من الشعبة التي يعمل بها لأنه غير راض عن طريقة عمله، فهو إجراء غير ممكن ولا يعمل به حتى في الدول الأكثر تخلفا. الحكم صادر قبل ولوجي سلك القضاء بالفعل، هناك حكم صادر ضدي عندما كنت أدرس بالجامعة، إذ أن إحدى الطالبات، التي هي زميلتي سبتني أمام الملأ بكلمات نابية في حق والدتي، الشيء الذي لم أتقبله وصفعتها، لتقدم شكاية ضدي. وأمام الضابطة القضائية، صرحت بالواقعة، كما هي واعترفت بالمنسوب إلي، وصدر ضدي حكم ابتدائي، وعند ولوجي للقضاء كان الملف، وهنا أطرح تساؤلا على الذين يريدون إخراج هذا الملف من الأرشيف الآن، وطرحه للتشكيك في نزاهتي، إذا كانت لي سوابق عدلية في الضرب والجرح، لماذا تم قبولي بالقضاء، وخلال المرحلة الاستئنافية، كنت ساعتها ملحقا قضائيا وكان بإمكاني التدخل في الملف، لأني قضيت فترة تدريب باستئنافية سطات حيث كان الملف رائجا، إلا أني لم أفعل ذلك والله على ما أقول شهيد. الرميد كذاب كلام العقلاء منزه عن العبث، لماذا تم انتظار كل هذه المدة للحديث عن لجنة تفتيش بالمحكمة، حتى يتم إصلاح الخروقات المهنية التي رصدتها، والتي كان يجب ضبطها ساعتها، فالرسالة من وزير العدل والحريات وصلت، وخطابه عن محاربة الفساد غير ذي جدوى، فطالما رفع شعار التبليغ عن الفساد، وعندما بلغت به في مكتبه لم يقم بشيء بل اكتشفت أنه شخص يكذب، وفقد مصداقيته في عيني، ولم أعد أحترمه. لست متطرفا بشأن حضوري أمام المجلس الأعلى للقضاء، لن أمانع، لكن بحضور جلالة الملك الضامن الحقيقي لاستقلال القضاء، لأن وجود الرميد بالمجلس في نازلتي، وهو خصم وحكم لا يستقيم، على اعتبار أني أتهمه بالتستر على الفساد. كما أني أطالب بتحكيم ملكي بيني وبين وزير العدل، في إطار تدبير الشأن المؤسساتي، فوزير العدل يتلكأ في محاربة الفساد بالحديث عن حساسية المنطقة وهو ما لم أتقبله شخصيا، لأن الحساسية في المصطلحات الطبية هو مرض أبدي لا يمكن الشفاء منه، وأنا مواطن مغربي أؤمن بوحدة التراب الوطني، ولا وجود لحساسية، ولكن ربما خصوصية. وأؤكد أن ما قمت به من محاربة للفساد سأستمر فيه، رغم ما يحاولون القيام به أو الترويج له من قبل أني شخص متطرف، فهل القرب من الله وتطبيق القانون يشكلان تطرفا؟ أجرت الحوار: كريمة مصلي