الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة… مشاكل بالجملة

قصور آليات القيادة الإستراتيجية إنجاز: أمينة كندي و إيمان رضيف غياب متكرر لأعضاء المجلس الإداري رصد المجلس الأعلى للحسابات خلال مهمة مراقبة تسيير الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون قصورا في آليات القيادة الإستراتيجية، إذ كانت من أبرز ملاحظاته غياب وثيقة رسمية تحدد التوجهات الإستراتيجية للمؤسسة. وفي إطار قصور آليات القيادة الإستراتيجية توقف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عند عدم إبرام عقد البرنامج بين الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون والدولة منذ 2012. وأكد تقرير المجلس الأعلى للحسابات أنه بعد مراجعة محاضر اجتماعات المجلس الإداري تبين غياب مناقشة القضايا والتوجهات الإستراتيجية، إذ غالبا ما يقتصر جدول الأعمال على الموافقة على الميزانيات وفحص الحسابات وعرض نتائج طلبات العروض الخاصة بالإنتاج الخارجي والتحقق من صحتها. وأوضح التقرير ذاته تسجيل الغياب المتكرر لبعض أعضاء المجلس الإداري. ومن بين أوجه القصور المسجلة ضمن تقرير المجلس الأعلى للحسابات، عدم القيام بجرد شامل لأصول الإذاعة والتلفزة المغربية والمصلحة المستقلة للإشهار، قبل الشروع في دمجها في إطار شركة مساهمة. ضعف استغلال المساحات الإشهارية أكد تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون تتوفر على مساحات إشهارية لا يتم استغلالها بشكل كاف، وهو ما كان من شأنه أن يدر عليها موارد مهمة، وأن يرفع من رقم معاملاتها السنوي. وأوضح التقرير ذاته أن النسبة التوقعية المعمول بها، من قبل وكالة الإشهار تبقى دون مستوى المساحة الإشهارية المخصصة لقنوات الشركة، كما أنه في 2017 بلغت نسبة المساحة الإشهارية التي تعذر بيعها 80 في المائة. وسجل التقرير ذاته ضعف التنقيب على عملاء جدد على مستوى وكالة الإشهار، وهو ما يتعارض مع دليل المساطر المتعلق بها. نقائص التدبير الميزانياتي تضمن تقرير المجلس الأعلى للحسابات عدم قيام الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون بمسك محاسبة ميزاناتية تسمح لها بالمتابعة الدقيقة، لتنفيذ ميزانيتها والقيام بالإجراءات التصحيحية في الوقت المناسب، وتجنب مخاطر تجاوز الاعتمادات المرصودة. ويقتصر إعداد ميزانية الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، حسب التقرير ذاته، على تقدير بنود حساب الإيرادات والمصروفات، حيث تتم العملية في غياب برمجة ميزانياتية متعددة السنوات. وكان من بين الملاحظات أن موافقة مجلس الإدارة على الميزانية باستثناء ميزانية 2017 ، عرفت تأخرا يتراوح ما بين 3 و6 أشهر. ومن أوجه القصور في التقرير ذاته عدم تحيين نظام المشتريات، وأن النظام المعلوماتي داخل الشركة لا يلعب دوره الكامل، كما أنه يعاني العديد من النواقص، منها عدم المصادقة على استراتيجية تطوير الأنظمة المعلوماتية، إلى جانب نواقص في تنظيم مهام إدارة الأنظمة المعلوماتية، إذ تم تسجيل وجود أنظمة معلوماتية تتم إدارتها من قبل بعض المديريات الأخرى، مثل المديرية التقنية ووكالة الإشهار. ضعف مداخيل الاشهار كشف تحليل مداخيل الإشهار، حسب ما جاء في التقرير ذاته، هيمنة المداخيل المتأتية من بعض القنوات التلفزيونية بالمقارنة مع القنوات الإذاعية، إذ بلغت موارد القنوات التلفزيونية خلال 2017ما مجموعه 148 مليون درهم، أي ما يعادل 91 في المائة من مجموع المداخيل، في حين لم تتجاوز مداخيل القنوات الإذاعية 14 مليون درهم، أي 9 في المائة . ورغم أن "الشروط العامة للبيع" تنص على بيع المساحات الإشهارية على مواقع الإنترنت، إلا أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تسجل تأخرا على مستوى استغلال هذه الوسائل، إذ لم يتم تحقيق أي موارد من المواقع الرقمية، رغم أن بعض القنوات التلفزيونية والبرامج بإمكانها أن تدر موارد مهمة، كما هو الشأن بالنسبة إلى عدد من برامج القناة "الرياضية" و"الأولى"، والتي تجاوزت بعض حلقاتها سقف مليون مشاهدة على موقع "اليوتوب"، مثل برنامج لالة العروسة وبرنامج المواهب "ستاند آب". ووصلت المبالغ المتراكمة لاتفاقيات اقتناء الحقوق الرياضية المبرمة بين الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، منذ سنة 2006، ما مجموعه مليار و650 مليون درهم، إذ انتقل المبلغ السنوي المخصص لاقتناء هذه الحقوق من 26 مليون درهم سنة 2006 إلى 101 مليون درهم ابتداء من سنة 2011، وهوما يمثل 11 في المائة من المنح المقدمة من قبل الدولة للشركة. إلا أنه لوحظ أن الموارد المحصلة من هذه التظاهرات الرياضية لا تغطي حتى المبالغ المستثمرة من أجل اقتناء حقوق بثها. اختلالات في إنتاج البرامج جاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن الشركة الوطنية لم تضع السياسة العامة للبرمجة والانتاج الخاصة بها والمصادقة عليها، وذلك لتحديد التوجهات الإستراتيجية لمختلف قنواتها التلفزيونية والاذاعية بهدف ضمان القيام بمهامها في أحسن الظروف. فمن الملاحظات التي قدمها المجلس في هذا الصدد، حيازة سبع شركات، أي 11 في المائة، على أزيد من 50 في المائة من اجمالي مبالغ الصفقات المصادق عليها من قبل الشركة، و7 شركات على 33 في المائة من اجمالي عدد البرامج المقبولة من قبل الشركة وحصول 63 شركة على الأقل على مشروع واحد. وسجل التقرير ذاته عدم اعتماد شبكة تنقيط لتقييم وترتيب العروض التقنية والفنية، وأيضا تجاوزات مهمة لتقديرات تكاليف البرامج، إضافة إلى غياب لجنة لمشاهدة البرامج التي تم تسليمها وأيضا مساطر تخص حقوق البث، إلى جانب بث بعض البرامج دون إبرام العقود المتعلقة بها. توصيات في الانتظار قدم المجلس الأعلى للحسابات عددا من التوصيات، منها إعداد استراتيجية مصادق عليها من قبل مجلس الإدارة تهم البرمجة والإنتاج وبث البرامج، قادرة على تحديد التوجهات وعلى تنسيق سياسات البث وعروض الخدمات، وعلى ضمان عقلنة وسائل الإنتاج، إضافة إلى وضع دليل المساطر لإدارة أنشطة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بما في ذلك البرمجة والإنتاج وبث البرامج وحقوق البث. وأوصى المجلس أيضا بتحسين مسطرة تقييم العروض المالية من خلال دراسة دقيقة للتقديرات، وإنشاء آلية لتقييم القدرات المالية للشركات التي قدمت عدة مشاريع في طلب العروض نفسه، إضافة إلى القيام بتتبع منتظم لعمليات تصوير البرامج وتوثيقها في محاضر. وبناء على ما جاء في التقرير من أوجه القصور، أصدر المجلس الأعلى للحسابات العديد من التوصيات لتجاوزها، منها إبرام عقد برنامج بالتنسيق مع الوزارة الوصية، يحدد التزامات الأطراف المعنية ويشكل إطارا لمخصصات الميزانية الممنوحة للشركة، إلى جانب وضع إستراتيجية ذات أهداف واضحة تمكن الشركة من التصدي للتحديات، وكذلك حث هيآت الحكامة، بما في ذلك مجلس الإدارة واللجان المنبثقة منه على اتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيز دورها القيادي الإستراتيجي، والعمل على اعتماد تدبير للميزانية يرتكز على النتائج، وكذلك اعتماد محاسبة ميزانياتية. وأوصى المجلس الأعلى للحسابات بوضع مساطر لتعزيز نظام الرقابة الداخلية والعمل على تحيين المشتريات والمصادقة على المخطط التوجيهي للأنظمة المعلوماتية وضمان الربط التلقائي في ما بينها. العــرايــشي يـــرد رد فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة على ما تضمنه التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات حول الشركة. وفي الوقت الذي تحدث فيه التقرير عن "غياب وثيقة رسمية تحدد التوجهات الإستراتيجية للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة"، أكد العرايشي أن "الرؤية الاستراتيجية الرسمية مضمنة في دفتر التحملات الخاص بالشركة الصادر عن الحكومة بمقتضى مرسوم والمصادق عليه من قبل الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، لتبقى مهام الشركة في هذا الإطار مهاما تنفيذية". وفي ما يتعلق بالنقطة المتعلقة بعدم تجديد عقد البرنامج بين الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والدولة منذ سنة 2012، اعتبر الرئيس المدير العام للشركة أن "الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة أبلغت وزارتي الاتصال والمالية عدة مرات خلال الفترة من 2012 إلى 2018 بذلك، كما قدمت مشاريع عقود برامج تراعي الالتزامات الجديدة المضمنة في دفتر التحملات الجديد، دون جدوى"، مضيفا أن "آخر مراسلة للشركة كانت بتاريخ 15 ماي 2018". وأضاف العرايشي، أنه "منذ 2012 وبعد نشر دفتر التحملات الجديد للقطاع السمعي البصري تعمل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وفق القرارات المعتمدة من قبل مجلس إدارتها في إطار مطلب استمرار خدمات المرفق العمومي في القطاع السمعي البصري"، مضيفا "في غياب إعداد عقود برامج من قبل السلطة الحكومية المختصة، فإن الشركة تتوصل بالمخصصات المالية من الميزانية الممنوحة لها من طرف الدولة بناء على حصر الحساب السنوي بمناسبة كل سنة مالية». وبالنسبة الى ملاحظة "قصور في ضبط ممتلكات الشركة"، نبه العرايشي أن الأمر يتعلق بنصوص تنظيمية أناط القانون صلاحية إصدارها للجهات الحكومية المختصة، مشيرا إلى أن الشركة تمتلك ممتلكات منقولة وغير منقولة مهمة، تعذر دمجها بأكملها ضمن افتتاح الدورة المحاسبية لمناسبة إنشاء الشركة، إلا أنه خلال 2006 و2007 قامت الشركة بتثمين ممتلكات الإذاعة والتلفزة والوكالة المستقلة للإشهار. ولأن التقرير سجل نواقص في تدبير الميزانية، قال العرايشي إنه منذ 2012 وبعد تعديل دفتر التحملات الخاص بالقطاع السمعي البصري، تعمل الشركة وفقا للميزانية السنوية المعتمدة من قبل مجلس ادارتها في غياب أي عقد برنامج. البث الأرضي والفضائي... إتاوات غير مستحقة وقف تقرير المجلس الأعلى للحسابات، المتعلق بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في شق البث الأرضي والفضائي للقنوات عند حقيقة مفادها تعثر العديد من مشاريع البنيات التحتية الملتزم بها، من قبل الشركة المذكورة منذ 2010، مسجلة تأخيرات في التنفيذ بسبب عدم توفر العقارات أو عدم ملاءمتها لإيواء المعدات والأجهزة اللازمة، ما أدى إلى تأخر في الآجال المبرمجة مسبقا لتشغيل المواقع المعنية. وضرب التقرير المثال على المشاريع المتعثرة بمشروع توريد وتركيب وتشغيل المرسلات وثلاثي الأنظمة وأنظمة استقبال الأقمار الصناعية، موضوع الصفقة رقم (36. (snrt.2014، والذي شهد عدة توقفات في انتظار إيجاد وعاء عقاري كفيل باحتضان هذه المعدات. ومن بين المحطات المعنية بالتعثر المذكور، ذكر التقرير محطات أوريكا وأركانة وبني بونصار ورأس العين وتغازوت وزاوية سيدي حمزة، موضحا أن الشركة قامت باستعمال المعدات في انتظار تركيبها وتهييء المحلات المحتضنة، وهو ما لم يتح تشغيلها، وفقا لما هو متفق عليه في دفاتر الشروط الخاصة بالصفقات العمومية، بالنظر إلى عدم توفر البنيات التحتية. ولاحظ التقرير أداء إتاوات عن استغلال ترددات خاصة بمحطات غير مستغلة موضحا أنه من أجل نقل وتوزيع وبث البرامج استخدمت الشركة ترددات راديو كهربائية بترخيص من الهيأة العليا للاتصال، السمعي البصري وبتنسيق مع الوكالة الوطنية لتقنين الاتصال مقابل إتاوات عن استغلالها، غير أن مقارنة البيانات المتعلقة بالإتاوات المؤداة لفائدة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري بينت استمرار الشركة في الأداء عن مواقع تم التخلي عنها دون أن تقوم بطلب فسخ الاتفاقيات المبرمة بشأنه. وتعتبر الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المتعهد الرئيسي للبث الأرضي والفضائي للبرامج الإذاعية والتلفزيونية، إذ توفر خدمات البث التلفزي والإذاعي لقنواتها ولقنوات “دوزيم” و”ميدي1 “ وبعض الإذاعات التابعة للخواص. وقد بلغت الميزانية المخصصة لمديرية البث حوالي 80 مليون درهم في 2017، مقابل 170 و60 مليون درهم، على التوالي، سنتي 2016 و2015 . وخلصت عملية الافتحاص التي قام بها المجلس الأعلى للحسابات في ما يخص التخطيط الاستراتيجي في مجال البث الإذاعي والتلفزي إلى غياب مخططات واضحة وموثقة، وكذا عدم التحديد المسبق لعتبة التغطية، وعدم تحديد هذه العتبة حرم الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة من التوفر على مؤشر الأداء، من شأنه أن يساعدها على عقلنة اختيار استثماراتها وإيجاد التوازن بين نسبة التغطية المراد تحقيقها والوسائل المالية، والتقنية المعبأة لتحقيق هذا الهدف. كما تحدث التقرير عن ضعف الارتباط بين البرمجة ومختلف أنواع البث الإذاعي والتلفزي، وعدم تجميع المحطات الفضائية في موقع واحد، وهو ما يجعل من الصعب ترشيد تدبيرها، من حيث المراقبة والتحكم واستهلاك الطاقة والصيانة. وفي الجانب المتعلق بتشغيل وتدبير البنيات التحتية للبث الإذاعي والتلفزي، فقد وقف المجلس الأعلى للحسابات عند عدم استكمال عملية التسوية العقارية للمحطات، وكذا عدم ضبط الوضعية العقارية لعدد من المحطات، وتحدث التقرير أيضا عن وجود مشاكل تتعلق بربط المحطات بالكهرباء، وتراكم الفواتير غير المؤداة وانقطاع التيار الكهربائي. ياسين قُطيب

الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة… مشاكل بالجملة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تهديدات بالقتل بسبب المدونة

اختطاف وتعذيب يورطان سويسريا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات