إقبال منقطع النظير يفرض اعتماد نظام الأفواج لزيارة الروضة الشريفة تتوق نفوس المغاربة، على غرار باقي المسلمين، لزيارة البقاع المقدسة، في رمضان، من أجل أداء العمرة، عملا بقول الرسول الكريم (ص) "عمرة في رمضان تعادل حجة معي". ولأن أجر هذه العمرة عظيم، فإنها تعادل في ثوابها ثواب من حج مع النبي الكريم، من أجل ذلك، يشد الآلاف من المغاربة الرحال صوب الأراضي المقدسة تزامنا مع شهر الصيام. في ما يلي رصد للأجواء الروحانية للعمرة خلال شهر الصيام للموسم 1445.. يوسف الجوهري (موفد "الصباح" إلى الديار المقدسة) - تصوير: (تطوان ميديا) عرفت وتيرة الرحلات الجوية المنطلقة من مختلف مطارات المغرب، صوب المملكة العربية السعودية، بتزامن مع شهر رمضان، ارتفاعا كبيرا، على غرار باقي السنوات، فوحدها الجائحة التي عطلت سفر المسلمين لقضاء مناسك العمرة في رمضان، لكن زوالها جعل وتيرة الإقبال تنشط والرحلات ترتفع. ويرى أحد المهنيين أن "نسب إقبال المواطنين على السفر لأداء عمرة رمضان 1445 جيدة"، موضحا أن "الأسبوع الأول من شهر الصوم شهد سفر الآلاف لأداء مناسك العمرة"، موضحا أن "غالبية شركات الطيران العاملة بين المغرب والسعودية نظمت رحلات إضافية، لاستيعاب أعداد المعتمرين المسافرين خلال شهر رمضان الجاري". وحسب ما رصدته "الصباح"، انطلاقا من المغرب، في استقراء لآراء بعض أرباب وكالات الأسفار، فإن "وتيرة استقطابهم لزبائن الرحلات التي ينظمونها لأداء العمرة تبلغ ذروتها بتزامن مع اقتراب شهر الصيام وخلاله"، وهو "الإقبال الذي يبلغ مداه خلال العشر الأواخر من رمضان"، تزامنا مع فترات التهجد، في عشر "العتق من النار". ورغبة في الأجر والثواب، يتوافد الآلاف من المغاربة خلال شهر رمضان على الأراضي المقدسة، ذلك أن "العمرة في رمضان توصف بأنها أكبر تجمع بشري بالحرمين الشريفين بعد موسم الحج". ويرى القائمون على شؤون الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية أن "أعداد المعتمرين صار يتضاعف سنويا، ويزداد في شهر الصيام". وتزداد أعداد المعتمرين في العشر الأواخر، ذلك أن عددا كبيرا يفضلون أداء عمرتهم الرمضانية فيها، لأن الحديث النبوي يصفها بأنها عشر "العتق من النار". ارتفاع في أسعار الفنادق حسب ما صرح به لـ "الصباح" أحد أصحاب الوكالات المشتغلة بطنجة وتطوان، فإن "أسعار الفنادق بالمملكة العربية السعودية، تزامنا مع رمضان، تعرف بعض الارتفاع"، وهو "الارتفاع الذي يجد تفسيره في ارتفاع الطلب"، موضحا أن "316 شركة سعودية تتكلف بتوفير التأشيرات وبيع حجوزات الفنادق لوكالات الأسفار المشتغلة عبر دول العالم". وأشار المتحدث ذاته، زيادة في تفسيره لخضوع العرض لما يفرضه الطلب، إلى أن "قلة الرحلات المتجهة نحو السعودية خلال الفترة ما بين 6 رمضان و8 منه، جعلت أسعار بعض الفنادق تعرف انخفاضا"، كما أن ولوج شركات سعودية لتنظيم رحلات الطيران صوب البقاع المقدسة انطلاقا من المدن المغربية من قبيل (مناسك) و(فلاين آس)، التي دخلت في العشرين من رمضان الجاري، ساهم في تأمين رحلات من مطارات غير مطار محمد الخامس الدولي، بل إن مدن وجدة وأكادير وفاس ومراكش شهدت تنظيم رحلات عمرة مكثفة بدورها، كما أن عمل الشركات المذكورة ساهم في قدرة وكالات الأسفار على تلبية رغبات المتعاملين معها. أجواء روحانية عاشت "الصباح"، إلى جوار المعتمرين، أياما من فترات صلوات القيام والتهجد بالحرم المكي منذ العشر الأواخر من رمضان الحالي، التي انطلقت هنا منذ الاثنين 31 مارس الماضي، فكانت الأجواء الروحانية التي تجعل الألسن تلهج بالدعاء طلبا للمغفرة والعتق من النار ونيل الأجر والثواب، في شهر المغفرة والرحمة. كانت الأدعية ترتفع طمعا في الرحمة والمغفرة في شهر الرحمة، مع ختم صلوات التهجد. ولأن هموم المسلمين لا تنسيهم قضيتهم الأولى، فإن الدعاء بالحرم المكي مع أهل فلسطين عامة وسكان غزة الجريحة بشكل خاص كان يسبغ على النفوس نوعا من الطمأنينة، طمعا في الاستجابة لرفع العدوان المتواصل على الأبرياء الذين وجدوا أنفسهم تحت قصف المدافع. ومع توالي دعاء الإمام، كانت الألسن تصادق بالتأمين، طلبا للثأر من المستعمر الغاشم، فيما انخرطت العيون في البكاء ألما على شهداء قضوا بدون ذنب اقترفوه، وفي لحظة وكأن السماء تشارك المتبادلين خشوعهم كانت قطرات المطر تتهاطل مخففة من أجواء الحر التي يعرفها الحرم المكي. النقل معضلة الوكالات من بين 136 وكالة أسفار بطنجة، تتوفر تسع منها فقط على صفة شريك في المنظمة العالمية للنقل الجوي، (BSP)، وهي الشراكة التي تستفيد الوكالات المنخرطة فيها من امتيازات. في وقت تشتغل بتطوان حوالي 36 وكالة أسفار تتوفر ثلاث منها على صفة (BSP)، وتعود هذه الشراكة بالنفع على الوكالات وتحسن من جودة الخدمات التي تقدمها لزبائنها. ويرى أحد أصحاب وكالات الأسفار المشتغلة بتطوان أن شركة الخطوط الملكية المغربية غالبا ما كانت تخلف وعودها مع زبائنها من وكالات الأسفار ولا تلبي احتياجاتهم، الأمر الذي جعلهم يلجؤون إلى خدمات شركات أجنبية للطيران من قبيل (فلاي أس) و(مناسك). ويضيف المتحدث ذاته أنه، في إطار اشتغاله مع شركة الخطوط الوطنية، طالبت وكالته الشركة بتخصيص رحلات لها على متن طائرتين، لكن الشركة لم تخصص لها غير 40 مقعدا، وهو الرقم الذي جعله بعيدا عن تحقيق متطلبات المتعاملين مع وكالته. وبكثير من النوستالجيا الجميلة، تحدث صاحب الوكالة المذكورة عن المدير الجهوي السابق لشركة الخطوط الملكية، الذي انتقل للاشتغال في فرع الشركة بالقاهرة، معترفا أنه "كان يجتهد في تلبية مطالب الوكالات، ولا يتوانى في توفير مقترحاتهم، سعيا منه لتحقيق رواج تجاري للشركة التي يشتغل بها وكذا للوكالات التي تلجأ إلى خدمات شركة مغربية يفضلون التعامل معها". ويرى صاحب الوكالة أن لجوءه إلى العمل مع الشركتين اللتين صار يحجز معهما رحلات زبائنه، وهما شركتا (فلاي آس ومناسك) مكنه من توفير المقاعد التي يطلبها حتى في فترة الذروة، من قبيل عمرة رمضان، فعلى بعد أربعة أيام فقط من شهر الصيام، حيث الإقبال الكبير على السفر صوب الديار المقدسة، تمكنت الوكالة من توفير 140 مقعدا للمعتمرين الذين اختاروا السفر معها. وأشار المتحدث ذاته إلى أن جودة خدمات الشركتين اللتين تعامل معهما، جعلت شركته تلج مدنا مغربية أخرى للاشتغال بها، ذلك أن شركة (مناسك) على سبيل المثال تشتغل بأكادير وطنجة وفاس ومراكش ووجدة. وانطلاقا من كل مدينة تؤمن من ست رحلات إلى سبع، تزامنا مع عمرة رمضان. وأكد المتحدث ذاته أن وكالات الأسفار التي لا تتوفر على شراكات مع المنظمة العالمية للنقل الجوي أفلست، ذلك أن مشكل النقل يبقى الهاجس الكبير لأصحاب وكالات الأسفار. إقبال متزايد وفقا لوزير الحج والعمرة السعودي، توفيق الربيعة، فإن "أعداد المعتمرين وصلت إلى 13.55 مليون معتمر، خلال موسم رمضان العام الماضي، وهو أكبر ارتفاع في تاريخ المعتمرين من خارج المملكة، بارتفاع قدره 5 ملايين معتمر بنسبة زيادة 58 في المائة". ووضعت الحكومة السعودية خطة لرفع الطاقة الاستيعابية لضيوف الرحمن إلى 30 مليون معتمر، و5.4 ملايين حاج في 2030. وتعيش شركات العمرة حالة من النشاط المستمر قبيل موسم رمضان وخلاله، حيث تشهد المدينتان المقدستان مكة المكرمة والمدينة المنورة كثافة في أعداد الزوار. أمن العمرة تشير المعطيات المتعلقة بالسلطات المكلفة بالحج والعمرة إلى أنه "قبيل قدوم رمضان، تستعرض وزارة الداخلية السعودية، خطة أمن العمرة خلال شهر رمضان المبارك، استعدادا لاستقبال ضيوف الرحمن خلال الشهر الفضيل، والسهر على سلامتهم وخدمتهم. وفي هذا السياق، أورد تصريح إعلامي لمدير الأمن العام السعودي أن "قوات أمن العمرة تسهر على تنفيذ مهماتها لحفظ النظام وإدارة وتنظيم الحشود، وإدارة الحركة المرورية، وتقديم الخدمات الإنسانية، وتمكين ودعم الجهات الأمنية والخدمية والمساندة، وتوظيف التقنية وتسخيرها لخدمة قاصدي الحرمين الشريفين، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالكثافات القادمة للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، والتعامل معها". وتطرق مدير الأمن العام السعودي إلى تخصيص صحن المطاف والدور الأرضي للمعتمرين والأماكن المخصصة للصلاة، ومحطات النقل العام ومراعاة كثافة الحشود المتوقعة توافدها عليها، ودورها في توزيع الكثافة على جميع جهات الحرم تفاديا للازدحام، والمواءمة بين الطاقة الاستيعابية لمحطات النقل والحرم المكي. وأكد المتحدث ذاته أن على قاصدي بيت الله الحرام التقيد بالأنظمة والتعليمات المتعلقة بالدخول إلى المسجد الحرام وأداء مناسك العمرة، بالتنسيق والتكامل مع الجهات كافة. وحسب ما عاينت "الصباح"، فإنه رغم المجهودات الكبيرة التي تبذلها السلطات المكلفة بالحج بتنسيق مع وكالات الأسفار سعيا لتنظيم عمليات الولوج إلى الحرم المكي، تزامنا مع أوقات الصلوات، إلا أن بعض المشرفين على المعتمرين من أصحاب الوكالات غالبا ما يجدون بعض الصعوبات رغم التفويج المعمول به، ذلك أن لجوء السلطات إلى إغلاق بعض المنافذ المرورية والشوارع نتيجة الازدحام الكثيف، يجعل الكثير من المعتمرين لا يلتحقون، أحيانا، بأفواجهم، خاصة في الحرم المكي. أما عن الفترة التي يقضيها المعتمرون بالمدينة المنورة، فإن أغلب أصحاب الوكالات يصرحون أن أجواءها تمر في نوع من السلاسة، ذلك أن نظام الأفواج والمواقيت المحددة لكل فوج من أجل زيارة الروضة الشريفة تجعل المنظمين يتحكمون في أداء شعائرهم بالمدينة المنورة في أمن وأمان.