قال إن مشروع القانون أبقى جرائم الفساد الإداري والسياسي والمالي خارج مجال تدخل الهيأة رد عبد السلام بودرار، رئيس الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة، على التصنيفات الدولية، التي تجعل المغرب في رتب متأخرة، في لائحة الدول التي يشملها التصنيف، وضمنها تصنيف مؤشر إدراك الرشوة التي نشرت نتائجه، أخيرا، منظمة "ترانسبرنسي"، وجعل المغرب يحتل الرتبة 80 من أصل 175 دولة شملها التصنيف. وأكد أن هذا الترتيب غير ذي أهمية، عكس النقاط التي يحصل عليها المغرب، مثلا في التصنيف ذاته.وبرر بودرار، الذي تحدث خلال المنتدى الذي نظمته وكالة المغرب العربي للأنباء أمس (الثلاثاء)، عدم أهمية ترتيب المغرب التي تركز عليه وسائل الإعلام، بأن عدد الدول يختلف من سنة لأخرى، نتيجة خروج أو دخول دول يختلف انتشار الفساد والرشوة بها، عكس النقاط التي يحصل عليها المغرب في هذا المجال، والتي تحتسب على أساس معايير ثابتة، " تظهر تسجيل تقدم مضطرد للمغرب، في مؤشر إدراك الرشوة، خلال الست سنوات الماضية، جعلت المغرب ينتقل من النقطة 33 سنة 2009، إلى النقطة 39 هذه السنة"، ليقر "أكيد أن هذا التقدم بطيء، وقد نحتاج إلى عشر سنوات أخرى، ليحصل المغرب على المعدل في مجال محاربة الرشوة".وفي السياق ذاته، خلص بودرار، إلى أنه من غير الممكن استئصال الرشوة من المجتمع بشكل نهائي، "سواء أحدثنا الهيأة الوطنية للنزاهة أو عدة هيآت مؤسساتية، لأننا أمام ظاهرة نمطية تمس مختلف القطاعات بدرجات متفاوتة، هذا لا يعني أن نظل مكتوفي الأيدي، بل يجب تكثيف الجهود لمحاصرة وضبط الظاهرة". وأكد بودرار أن المتابعة القضائية والعقوبات الزجرية وحدها، لن تكفي لبلوغ هذا الهدف، وبالتالي "الإصلاح يجب أن يكون شاملا في إطار المنظومة الوطنية للنزاهة، تقوم على إصلاحات اقتصادية ومؤسساتية وتشريعية وقضائية وسياسية، علاوة على رفع الوعي العام وقيم المجتمع". وقال رئيس الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة، إن الوعي العام يتطور، إذ توصلت الهيأة، في الفترة الممتدة بين 2009 و2013 بـ 3096 شكاية، 1498 منها بالطرق العادية و1598 عبر بوابة "أوقفوا" الرشوة، تمت إحالة الشكايات المستوفية للشروط على السلطات القضائية المعنية.وفيما نبه رئيس الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة إلى السبب الرئيسي في تأخر خروج الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة، يكمن أساسا في عدم اعتبار الحكومات المتعاقبة، وضع هذه الإستراتيجية من أولوياتها، بشر في المقابل، إلى أنها سترى النور قريبا، مضيفا أن "هذه هي الوسيلة الوحيدة التي ستمكننا من إدراك مدى تقدمنا، استنادا إلى المحاور والأهداف التي حددناها في هذه الإستراتيجية".وبخصوص القانون الذي سيمكن من المرور من الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة، إلى الهيأة الوطنية للنزاهة، أوضح بودرار أن مشروع القانون المحدث لهذه الهيأة، وبعد أن أحالته الحكومة على لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب بعد المصادقة عليه، في يوليوز الماضي، اعترته العديد من النقائص، التي "جعلت التعديلات التي قامت بها الحكومة على نص المشروع الذي اجتهدنا هيأة في إعداده وعرضه على الحكومة، بعد سنتين من النقاش الموسع حوله، تعديلات في اتجاه التقليص وليس في اتجاه الحفاظ على السقف المنصوص عليه في دستور 2011".وأكد بودرار أن مشروع القانون المعروض حاليا على البرلمان، أبقى بعض أنواع الفساد المجرمة بمقتضى نصوص تشريعية خاصة، من قبيل الفساد الإداري والسياسي والاقتصادي والتجاري والمالي، خارج مجال تدخل الهيأة، عكس ما جاء في الدستور الذي ربط بين جميع أشكال الفساد وإحداث الهيأة الوطنية للنزاهة، فضلا عن تعطيل البعد المجتمعي للهيأة، "فبموجب هذا المشروع، لم تبق التمثيلية منفتحة ومتعددة، ولم يبق أيضا الامتداد الترابي للهيأة، أي تمثيلها في الجهات".وعاب رئيس الهيأة ضعف قدرات الهيأة ومحدودية آليات التفعيل المخولة لها نتيجة غياب التنصيص في المشروع المعروض على البرلمان، على موافاة الهيأة بمآل توصياتها وآرائها وتبليغاتها، وتمكينها من حق "المبادرة" تلقائيا بإبداء الرأي لسائر المعنيين، وعدم تقييد هذا الحق بشرط الاستجابة لطلب هؤلاء المعنيين، علاوة على تمكينها بشكل واضح من حق الحصول على الوثائق والمعلومات داخل الآجال التي تحددها، ومن حق التدخل الفوري لجميع أفعال الفساد التي تصل إلى علمها عبر مختلف القنوات، وعدم الاعتراض على عمليات التحري التي تقوم بها أو الاحتجاج بالسر المهني في مواجهتها.هجر المغلي