مــؤتـــمـر نــــواذيــبـو

شاهد جزائري على مغربية الصحراء 3 العسكر الجزائري وبخ بومدين على تصريحاته الداعمة لمغربية الصحراء نسرد في هذه السلسلة من الحلقات، كواليس اعتراف الرئيس الجزائري هواري بومدين، بمغربية الصحراء، علنا ورسميا، وكيف كان هذا الاعتراف التاريخي سببا في محاربته من قبل «الكابرانات» إلى وفاته الغامضة في 1978، والتي قيل إنها كانت بسبب نزلة برد ! كواليس تحدث عنها بومدين وكتاب جزائريون في مذكرات، منع تسويقها وبيعها في الجزائر، بسبب تضمنها لمواقف الرئيس التاريخي للجزائر، بخصوص مغربية الصحراء، وكيف واجه العسكر في مقرهم بالأمر، ودعاهم إلى الاهتمام بشؤون البلد السيئة، عوض معاكسة وحدة ترابية لبلد جار ... ليكون مصيره المعروف واقعا حتميا بالنسبة إليه. ياسين قطيب ذكر بومدين في مذكراته، الممنوعة من النشر والتسويق بالجزائر، أنه بعد 1970 ومؤتمر نواذيبو، اعترف بمغربية الصحراء، أمام القادة العسكريين الجزائريين، الذين وبخوه على تصريحاته الداعمة لهذا التوجه، في المؤتمر التاريخي. ولم تكن مذكرات بومدين الوحيدة التي تضمنت هذا الاعتراف، بل ذكره كتاب جزائريون تطرقوا لحقبة بومدين رئيسا للجزائر، قبل سنوات قليلة من وفاته، إذ اعتبروا أن مسار بومدين توقف في 1970، بسبب قضية الصحراء ودعمه الكبير الذي أعلن عنه رسميا وعلنا في مؤتمر نواذيبو، لمغربية الصحراء، بل ووعد آنذاك الرئيس الموريتاني ولد داداه والملك الراحل الحسن الثاني، بعدم التدخل في الصحراء، معتبرا القضية "شأنا داخليا لدول مجاورة". بعد ضم موريتانيا لجزء من التراب الصحراوي، في 1973، بناء على اتفاق مع المغرب، واجه السياسيون الموريتانيون الجزائر بتصريحات بومدين والتزامه في مؤتمر نواذيبو، وهو الأمر الذي صدم الجزائريين، وبدؤوا بعده بالتحضير لمرحلة ما بعد بومدين، إذ تضمنت مذكراته أن عبد العزيز بوتفليقة انقلب على صديقه وزميله بومدين، بشكل غريب ومفاجئ. وشكل مؤتمر نواذيبو منعطفا تاريخيا في مسار بومدين، إذ بعده شن «الكابرانات» هجوما قويا على الرئيس الجزائري، في الإعلام والعسكر وبين قيادات الدولة، إذ أرادوا الإطاحة به بأي ثمن، وهو ما تضمنته مذكراته، لدرجة أن بعض الجزائريين آنذاك شككوا في موته، في 1978، الذي قيل إنه جاء بسبب مرض عضال لم ينفع معه علاج. أراد النظام العسكري الجزائري أن يطمس معالم الجريمة، بتنظيم وداع تاريخي لبومدين، معتبرين إياه "رجل دولة وكفاح"، وهو الأمر الذي تطرق له كتاب جزائريون في ما بعد. لكن أكثر ما دفع النظام العسكري الجزائري إلى حجب مذكرات بومدين ومنع تسويقها داخل البلاد، هو اعترافه الصريح بمغربية الصحراء، سواء في مؤتمر نواذيبو في 1970، أو في نقاشاته مع قيادات العسكر الجزائري، أو من خلال خرجات إعلامية له أو ندوات أقيمت بالجزائر. كان بومدين يعتبر أن قضية الصحراء لا علاقة للجزائر بها، وأن للبلاد أمورا أكثر أهمية للاهتمام بها، من بينها إنهاء التطاحنات الداخلية بين أحزاب متصارعة على الحكم، بالإضافة إلى ضبط قطاعات حساسة كانت تعاني الفوضى، أهمها قطاع النفط والمحروقات والزراعة والصناعة، وهو ما دفع الرئيس الجزائري الراحل إلى تشكيل لجنة خاصة تضمنت سياسيين وقادة عسكريين، تتكلف باتخاذ القرارات الأكثر أهمية للبلاد. الإطاحة ببومدين دعا بومدين مقربين منه ومن بينهم بوتفليقة، إلى إنهاء أوهامه بخصوص الصحراء، والتوجه إلى قضايا أكثر أهمية، بل اعتبر الغزو الإسرائيلي لأراضي دول عربية في الشرق الأوسط، حدثا مهما بارزا، وجب الاهتمام به على الصعيد الدولي والعربي، خاصة من قبل دول شمال إفريقيا العربية، عوض الاهتمام بقضية وحدة ترابية لبلد جار. تسبب هذا الموقف، في الإطاحة ببومدين من رئاسة الجزائر، إذ خلصت مذكراته، أنه حتى لو لم يمرض، لكان قد أزيح بانقلاب عسكري، أو بطريقة غير دستورية ولا قانونية. كان يتوقع بومدين سقوطه، بعدما تكالب عليه «الكابرانات» من كل الجوانب، وكان من أكبر الخائنين الذين أداروا ظهرهم لبومدين، صديقه ورفيق دربه عبد العزيز بوتفليقة، الذي سيكون رئيسا للبلاد في ما بعد.

مــؤتـــمـر نــــواذيــبـو

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أخبار الصباح

النصب بشيكات مقاولين ذاتيين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات