الباحث يستقيل من مركز الحوار العمومي واتهم التوجهات المحافظة بالهجوم على شخصه وصلت تداعيات المواجهة بين الحداثيين والمحافظين حول إصلاح مدونة الأسرة، إلى الهجوم على الباحثين الذين انخرطوا في هذا الورش الإصلاحي، من موقعهم الفكري. ووصل الأمر بالبعض إلى مهاجمة الباحثين والمثقفين، وتحريف النقاش عن الأهداف التي جاءت في التوجيهات الملكية، وممارسة الابتزاز، باسم الدين، ومهاجمة المفكرين والنشطاء المحسوبين على التوجه الحداثي. ووصلت شرارات الهجوم المحافظ إلى مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، الذي يرأسه الباحث سعيد ناشيد، والذي تأسس قبل سنة، بمبادرة من حزب الأصالة والمعاصرة، من أجل المساهمة في إنتاج الأفكار، والمساهمة في النقاش العمومي، ليجد نفسه مضطرا إلى تقديم الاستقالة من المركز وجميع مؤسساته البحثية. وأوضح ناشيد، في رسالة الاستقالة، التي توصلت "الصباح" بنسخة منها، والتي وجهها إلى فاطمة الزهراء المنصوري، المنسقة الوطنية للقيادة الجماعية لحزب "البام"، أنه وجد نفسه مضطرا إلى تقديم استقالته من رئاسة مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، فضلا عن استقالته من كل أجهزة المركز، بالنظر إلى ما أسماه "حجم الهجوم الإعلامي الذي تحول بقدرة قادر من هجوم على شخصي، إلى هجوم على مشروعي الفكري، وهو ما لا أستطيع تحمله". وأكد ناشيد أن مشروعه الفكري هو رأسماله الوحيد ، مشيرا إلى أنه سير المركز، لعام كامل مقابل صفر درهم، وكان الثمن الوحيد، الذي سعى إليه، هو المساهمة في تخليص الحقل الثقافي من ثقافة الريع، التي قد تجعل المغرب يخسر الريادة الفكرية، التي كان يتمتع بها في سنوات ماضية، إلا أن الأجواء خلطت الأوراق وعصفت بالأمل. وقال ناشيد مخاطبا المنصوري، "لقد تشرفت طيلة العام الماضي برئاسة مركز الحوار، وأعترف بأن حزبكم وفر لي ولفريق عمل المركز استقلالية كاملة، وبما ينسجم مع حاجيات مركز يفترض أنه حلقة لإنتاج الأفكار، وقد عملت مع فريق عمل يضم أكاديميين أكفاء ومستقلين، يغطون مجالات القانون والسوسيولوجيا والبيئة والفقه". كما عبر عن اعتزازه بكل ما أنجزه في المركز من ندوات ومؤتمرات وأوراق بحثية، كما يعتز شخصيا بالعمل مع وزير العدل، في القضايا التي كان ولا يزال يناضل من أجلها، من قبيل الحريات الفردية وإصلاح قانون الأسرة. وقال ناشيد إن الجهات التي تقف خلف الهجوم، الذي تعرض له، هي الجهات المحافظة التي استغلت النقاش حول إصلاح مدونة الأسرة، من أجل الهجوم على شخصه أولا، ومشروعه الفكري ثانيا. وأوضح الباحث في الشأن الديني، في حديث مع "الصباح"، أن الهجوم عليه يستهدف كسر شوكة الفكر الحداثي، سيما أن هناك معارك اليوم حول الحريات الفردية، وقضايا الأسرة، وهي معارك يستعد لها المغرب، من أجل كسب رهان الاستحقاقات المقبلة. ولم يستغرب ناشيد للمناسبة، لحدة الهجوم الذي استهدفه، بالنظر إلى الدور الذي قام به إلى جانب وزير العدل شخصيا، في معركة الحريات الفردية وإصلاح مدونة الأسرة. وجوابا عن سؤال حول الأفق، الذي سيختاره بعد استقالته من المركز العمومي، أكد ناشيد أنه سيواصل استكمال مشروعه الفكري بشكل فردي، بعد أن أصبحت الأجواء غير مناسبة، رغم أن التجربة كانت مهمة بالنسبة إليه، وهو ليس نادما عليها، بالنظر إلى غنى التجربة والتصورات الجديدة التي اكتسبها منها، والتي ستفيده في استكمال مشروعه الفكري بشكل فردي. برحو بوزياني