وفرة العرض يقابلها غلاء الأسعار والجفاف يؤثر على قفة زبائن السوق قبل أيام من حلول شهر رمضان، بدأت رحبة الحبوب والقطاني بالبيضاء، تعرف رواجا كبيرا لا تشهد له مثيلا طيلة أيام السنة، إذ يقبل سكان البيضاء، خاصة المحافظين على عادات وتقاليد المطبخ المغربي، على اقتناء منتوجات مختلفة من السوق، سواء تعلق الأمر بالأسر أو التجار الذين يتوفرون على محلات تجارية متخصصة في بيع الحبوب والقطاني والتوابل، والذين يتزودون بالمواد التي يتزايد عليها الإقبال في محلاتهم خلال الأيام التي تسبق رمضان. إنجاز: عصام الناصيري / تصوير: (أحمد جرفي) أمام سوق الحبوب بمنطقة درب السلطان بشارع محمد السادس بالبيضاء، كان ثلاثيني ينظم حركة مرور السيارات والشاحنات، التي تدخل السلع إلى السوق، أو التي تحملها إلى مناطق أخرى، إذ يرفع بين الفينة والأخرى الحاجز الحديدي، حتى يتمكن زوار السوق من الدخول أو الخروج، إذ يقف في باب السوق وعلامات التعب بادية على وجهه، بسبب الحركة الكبيرة التي يعيشها السوق في هذه الأيام. وفرة المنتوجات رغم الجفاف الذي تعيشه المملكة منذ سنوات، فإن اللجوء إلى الاستيراد يجعل السوق الوطنية دائما تتميز بوفرة المنتوجات رغم قلة المنتوج الوطني، وهو ما عاينته "الصباح" في "رحبة" الحبوب بالبيضاء، إذ أن الوفرة هي السمة الغالبة على السوق. وتوجد مجموعة من المحلات تبيع بالتقسيط للزبائن الذين يقصدون السوق للتبضع، سواء تعلق الأمر بالحبوب أو القطاني أو التوابل أو المنتجات التي تستعمل في إعداد الحلويات ومنتجات رمضان. وعاينت "الصباح" أطنان الحبوب من أنواع مختلفة، سواء تعلق الأمر بالقمح أو "الفرينة" أو الشعير أو الذرة أو غيرها، ناهيك عن الأعلاف المركبة، إضافة إلى الفاصوليا والعدس والحمص والفول وغيرها من الحبوب، المعبأة في أكياس من مختلف الأحجام. ارتفاع الأسعار رغم أن أسعار المواد المختلفة المعروضة في السوق، ارتفعت منذ جائحة كورونا، وسجلت بعض المواد هذه السنة مستويات قياسية من الغلاء، إذ بلغ ثمن الشعير 100 درهم لـ "العبرة"، وهي وحدة قياس الحبوب، والتي تساوي 18 كيلوغراما تقريبا. أما أسعار القمح فتتراوح ما بين 110 دراهم و130 درهما، حسب الجودة، ودرجة النقاء، إذ كلما كانت الحبة صغيرة ومكسرة أو فيها أتربة وأحجار صغيرة وقطع حشائش، كلما تراجع سعرها، في حين أن النوع النقي يكون سعره مرتفعا. وأما بالنسبة إلى سعر "الفرينة"، فيصل إلى 90 درهما، بينما يبلغ سعر الفول 15 درهما للكيلوغرام الواحد، و"السنوج" وصل سعره إلى 40 درهما، فيما وصل ثمن "الجنجلان" 80 درهما، بعدما كان سعره السنة الماضية لا يتجاوز 45 درهما. وفي ما يخص الفواكــه الجافة، فيختلف سعرها حسب الجودة، إذ وصل سعر "الكركاع" 80 درهما، وهو من المواد القليلة التي تراجع سعرها، بعدما كان سعره العام الماضي في حدود 120 درهما، ووصل سعر اللوز 80 درهما، وهناك أنواع يتجاوز سعرها 100 درهم. فوضى وعشوائية يضم سوق الحبوب محلات كثيرة وتجارا ويحقق أرقام معاملات كبيرة يوميا، ومع ذلك فإن وضعيته لا تشرف العاصمة الاقتصادية، إذ يعيش بدوره في فوضى وعشوائية كبيرة لا تختلف كثيرا عن سوق القريعة ودرب غلف، وغيرهما من المناطق التجارية بالبيضاء. وعاينت "الصباح" الوضعية الكارثية التي يعيشها السوق، الذي لا يتوفر على أي مرافق، ويعاني ضعفا في خدمات النظافة والتنظيم، وأما المحلات فجلها معدة بشكل عشوائي وتشبه دور الصفيح، إذ لم يقم أصحابها أو سلطات المدينة ببناء محلات تحفظ سلامة تلك المواد الموجهة للاستهلاك. وبالإضافة إلى سوء وضعية المحلات التجارية، فإن السوق يجلب مختلف أنواع الطيور، وهو ما يراكم نفاياتها في السوق، ويزيد اتساخه، كما أن أرضية السوق لا تزال من تراب، ولم تتم تهيئتها، ما يطرح أكثر من سؤال على القائمين عليه. مناصب شغل ينضاف إلى عشرات التجار الذين يزاولون مهنة البيع والشراء داخل هذه المحلات، العديد من العمال الذين يساعدونهم، ويتعلمون الحرفة من أجل فتح محلاتهم في المستقبل، كما أن هناك عشـــرات السائقـــين الذين ينقلـــون تلك السلع، ما يجعل الســـوق يوفـــر فـــرص شغـــل كثيرة. وهناك فئة أخرى تعمل داخل السوق، ويتعلق الأمر بالنساء اللائي يشتغلن في تنقية الحبوب من الشوائب التي تختلط بها، إذ هناك من تمارس تلك المهنة سنوات طويلة مقابل 10 دراهم لـ "العبرة". وتشتغل داخل السوق أيضا مجموعة من المهاجرين الأفارقة، يعملون في حمل أكياس الحبوب وتنظيمها داخل المحلات، عوض التسول في الشارع مثل الكثير من المهاجرين، الذين لا يقبلون على العمل.