الحكومة “تعتقل” النص القانوني لهيأة الرشوة

مازل صناع القرار بالهيأة الوطنية لمحاربة الرشوة، ينتظرون اليوم الذي ستتمتع فيه هيأتهم باستقلالية أكبر وبسلطات أوسع وبميزانية في مستوى التحديات، وذلك من أجل الانخراط الفعلي في مسلسل محاربة الفساد بكل تلاوينه وأشكاله. ومازال المهتمون ينتظرون بفارغ الصبر صدور النص القانوني المنظم لها، وهو النص الذي مازال يراوح مكانه بين جدران رئاسة الحكومة. وكان الدستور الذي صادق عليه المغاربة بالإجماع في 2011، أحدث الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، باعتبارها هيأة مستقلة للحكامة، ستعوض الهيئة الحالية بمجرد صدور النص القانوني المنظم لها، وذلك بسبب محدودية الهيأة المركزية على مستوى الوسائل والموارد المادية والبشرية. وكشف مصدر مطلع أن مشروع نص قانون تمت مناقشته وتعديله في مجلس الحكومة، معتبرا أن المقاربة التي اتبعتها الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة تمثل ترجمة عملية حقيقية لمقتضيات المادة 12 من الدستور، وذلك بشكل استباقي لدور الهيأة المقبلة في تدعيم قيم المواطنة المسؤولة. وتتمثل أسس الهيأة الوطنية للنزاهة في الاستقلالية الإدارية والمالية، وكذا تخويلها سلطات جديدة تشمل على الخصوص التصدي التلقائي وصلاحيات التحري ما قبل القضائي، بالاضافة الى إلزام الإدارات بالتجاوب معها، فضلا عن ميزانية ووسائل بشرية كافية، وتبني وتنفيذ إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد. وتوقع مصدر حقوقي أنه من المنتظر أن تتوفر الهيأة في صيغتها الجديدة التي مازالت معلقة بين الأرض والسماء، بعد التشخيص الشمولي والتشخيصات القطاعية الأخرى التي أنجزتها الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة، على خلاصات البحث الوطني حول الرشوة الذي يوجد قيد الإنجاز، مما سيساعد في إتمام وتدقيق الإنجازات الكبرى التي ساهمت فيها الهيأة المركزية بشكل فاعل، من قبيل القانون المتعلق بحماية الشهود وضحايا أفعال الفساد. وساهمت الهيأة بحلتها القديمة في إسقاط «طابو» الفساد لدى كل الأوساط والقطاعات، إذ قامت، ولأول مرة، هيأة حكومية مكونة من ممثلين عن مجموع الفاعلين في المجتمع والإدارات والأوساط المهنية والمجتمع المدني، بالانكباب على ظاهرة الرشوة، بشكل حر ودون ضغوط، مما أسفر عن وضع تقارير ذات مصداقية شكلت تقدما كبيرا في المجال. وتوجه الهيأة اقتراحات إلى الحكومة بخصوص التوجهات الكبرى لسياسة الوقاية من الرشوة، وتساهم في اقتراح التدابير الرامية إلى تحسيس الرأي العام والاضطلاع بجمع المعلومات المرتبطة بظاهرة الرشوة، وإلى تعزيز الإنجازات الأساسية التي تهم على الخصوص القيام بتشخيص عام وتشخيصات قطاعية، والمشاركة في الهيأة العليا لإصلاح منظومة العدالة، والقانون المتعلق بحماية الشهود والمبلغين، وإصلاح النص المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية، إلى جانب البوابة الإلكترونية «أوقفوا الرشوة». ومقابل ذلك، تنتصب جملة من العراقيل أمام عمل الهيأة التي تنتظر بصبر أيوب الإفراج عن نصها القانوني الجديد الذي تحدث عنه دستور 2011، تهم أساسا تتبع وتقييم السياسة الحكومية في مجال الوقاية من الرشوة وتجميع المعلومات المرتبطة بهذه الظاهرة، علما أن إرساء سياسة في مجال مكافحة الفساد رهين ببلورة إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد. ويجد نشطاء الهيأة صعوبات أخرى في الاشتغال، وهي الصعوبات المرتبطة بالولوج إلى المعلومات وصعوبة التنسيق مع الفاعلين الآخرين المعنيين بموضوع الفساد والانخراط غير الكافي لبعض الأطراف وضعف الوسائل التي يتوفر عليها الشركاء، والتي لا تسمح بإنجاز مشاريع ملموسة. والمؤكد أن الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة تعيش أيامها الأخيرة، لأن دستور 2011، أحدث الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، باعتبارها هيأة مستقلة للحكامة ستعوض الهيأة الحالية بمجرد صدور النص القانوني المنظم لها. وقد تم إعداد مشروع نص في هذا الاتجاه، تمت مناقشته وتعديله وتدقيقه، حيث من المنتظر أن تتم المصادقة عليه، وذلك بعد إشراك كل الفاعلين المعنيين في هذا العمل، خاصة المجتمع المدني. وهو ما يعني أن المقاربة التي اتبعتها الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة مثلت ترجمة عملية حقيقية لمقتضيات المادة 12 من الدستور، وذلك بشكل استباقي لدور الهيأة المقبلة في تدعيم قيم المواطنة المسؤولة، وهي الهيأة التي طال انتظارها، ومازالت حكومة بنكيران «تعتقلها».عبدالله الكوزي

الحكومة “تعتقل” النص القانوني لهيأة الرشوة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الدفء يعود إلى تطوان قبل المونديال

الوسيط... في انتظار الصوت المسموع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات