الحكومة تطرد مكتب الكهرباء من جهة البيضاء

بدأت عملية جرد وتقييم ممتلكات ومقرات المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بجهة الدار البيضاء الكبرى، وإحصاء موارده البشرية، في أفق تنزيل الاتفاقية الإطار الخاصة بملاءمة وتوحيد معايير تدبير خدمات توزيع الماء والكهرباء والتطهير في مجموع تراب الجهة، الموقعة نهاية شتنبر الماضي أمام جلالة الملك، ضمن عشر اتفاقيات لمخطط تنمية البيضاء الممتد لخمس سنوات بتكلفة مالية تجاوزت 33.6 مليار درهم. يستعد المكتب الوطني للكهرباء والماء لمغادرة خدمات التوزيع للماء والكهرباء والتطهير السائل بمجموع تراب جهة الدار البيضاء وفسح المجال إلى فاعل أساسي ووحيد يقوم بتسيير هذا القطاع عن طريق آلية التدبير المفوض بمجموع العمالات والأقاليم والجماعات القروية.هذا الفاعل لن يكون، في نهاية المطاف، غير شركة "ليدك" المكلفة بالتدبير المفوض للقطاع في المقاطعات الـ16 للدار البيضاء، وجماعة المحمدية وجماعة عين حرودة، وبعض الجماعات الصغيرة الأخرى، في الوقت الذي احتفظ المكتب الوطني للكهرباء، قبل دمجه مع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، بجميع المناطق والعمالات والمناطق المحيطة بالمدينة.وتقع الاتفاقية الإطار في عشر صفحات، وسهر على إعداد بنودها وتعديلاتها فريق من أطر ومهندسي وزارة الداخلية والمكتب الوطني للكهرباء وزارة الطاقة ووزارة المالية ومجلس المدينة وقطاعات أخرى، باستثناء الفرقاء الاجتماعيين، بغرض ملاءمة خدمات التوزيع مع منطق التدبير المفوض وإخراجه من المرفق العمومي بصفة نهائية.وتقضي هذه الاتفاقية بتحويل جميع المرافق والممتلكات والخبرات والبنيات التحتية والبشرية واللوجيستيكية التي كانت بحوزة المكتب الوطني في خدمات توزيع الماء والكهرباء، على الخصوص، إلى السلطة المفوضة بجهة البيضاء، قصد تدبيرها على نحو متناغم وموحد وفق معايير مضبوطة، تسهر عدد من اللجان التقنية على وضـــعها.هذا التحول الجديد في بنيات ومقومات توزيع ثلاث خدمات حيوية بجهة الدار البيضاء نزل بردا وسلاما على الطرف المستفيد منها، الذي سيتمدد على طول وعرض جهة البيضاء، بكل الامكانيات المالية وفرص الاستثمار الكبيرة والضخمة المبرمجة في الأفق، لكنه كان بمثابة الصفعة بالنسبة إلى مئات من مستخدمي المكتب الوطني للكهرباء والماء المشتغلين في ضواحي الدار البيضاء، المطلوب منهم، حسب منطوق الاتفاقية، القبول بمعايير التنقيل من مؤسسة إلى أخرى، أو جمع حقائبهم والرحيل خارج الدار البيضاء للعمل في فروع أخرى تابعة للمكتب الوطني للكهرباء والماء."لم نستغرب ذلك"، يقول محمد زروال، الكاتب العام للجامعة الوطنية لعمال الطاقة، مؤكدا، في حوار مع "الصباح"، أن اتفاقية 26 شتنبر الماضي، هي استكمال لمسلسل الإجهاز على المقومات الطبيعية للمؤسسة المكتب الوطني للكهرباء والماء".وقال إن هدفها الأساسي في نظرنا هو إبعاد المكتب عن خدمات التوزيع بأكبر جهة بالمغرب بشكل كلي، وتعويضها بشركة "ليدك"، أي الإبقاء على فاعل أساسي واحد بالجهة وإقصاء الآخرين".وأضاف زروال، "هذا الموضوع أيضا تتم استشارتنا فيه، أو التباحث معنا حوله، علما أن الأمر يتعلق بمئات المستخدمين والعمال الذين لا يعرف مصيرهم إلى الآن، ويجري الحديث عنهم في فقرة من أربعة أسطر في اتفاقية من عشر صفحات".وذكر الكاتب العام بأن التداول حول موضوع التنطيق بجهة البيضاء وكيفية إدماج المناطق الضاحوية ليس جديدا، إذ عقد بشأنه عدد من الاجتماعات حضرها ممثلو وزارة الداخلية والمكتب الوطني ومجلس المدينة والولاية وباقي المصالح الأخرى وشركة "ليدك"، وكنا على اطلاع على ذلك"، قبل أن يضيف "لكن الوتيرة التي سارت بها عملية إدخال التعديلات وعدم الحرص على تدقيق بعضها، والسرعة التي حررت بها الاتفاقية النهائية التي عرضت أمام جلالة الملك، تجعلنا نشك في جدية هذه الأطراف ونواياهم تجاه الكهربائيين، والمصير الغامض الذي ينتظرهم، بعد دخولها حيز التطبيق، علما أن عملية تقييم وجرد الممتلكات بدأت منذ مدة لترحيلها إلى الفاعل الأساسي". زروال: لسنا جزءا من القطيع يوصف موقفكم من مشروع توحيد خدمات توزيع الماء والكهرباء بالبيضاء، أو عقد البرنامج الحكومي بالحاد، ما السبب؟ قبل الحديث عن عقد البرنامج بين الحكومة والمكتب الوطني للكهرباء، أو الاتفاقية الاطار الموقعة أمام الملك بالبيضاء، دعني أعود بك إلى 20 سنة إلى الوراء، لربط التحولات الراهنة، بحلقات سابقة بما أسميه مسلسل الإجهاز على مكتسبات هذه المؤسسة العمومية التي تؤدي خدمة اجتماعية بامتياز.كان ذلك في 1994، حين قررت الحكومة إنهاء احتكار إنتاج الكهرباء من قبل المكتب، ودخول شركات خاصة على الخط، وهي السنة نفسها التي جرى فيها تفويت المحطة الحرارية بالجرف الأصفر إلى مؤسسة "جليك"، ما اعتبرناه، في حينه، ضربة قاضية للمؤسسة والاقتصاد الوطني، دون الحديث عن باقي التراجعات اللاحقة، مثل تفويت محطتي عين بني مظهر وتحضارت، ثم تحرير مجال الطاقات المتجددة وفتحه أمام الرأس المال الخاص، ثم محطة الجرف الأصفر 2 وأخيرا محطة أسفي التي هي الآن قيد الإنشاء. هل يمكن القول إن هذه التراجعات والقرارات المجحفة في حق المؤسسة ومستخدميها كانت بدايات الأزمة التي وصلت إليها الآن؟ بطبيعة الحال، إن جميع هذه التراجعات كانت تهدف إلى تجريد هذه المؤسسة الوطنية من مقومات وعناصر حياتها وديمومتها ودعاماتها الأساسية، مثل الإنتاج الذي يعيش الآن آخر حلقت تحريره وتفويته للخواص، وكذلك التوزيع. لمن تحملون المسؤولية للحكومة أم الإدارة العامة؟ للدولة طبعا بالدرجة الأولى، لأنها المسؤولة عن وضع الإستراتيجية الطاقية للبلد واتخاذ القرارات الكبرى والبرامج الاستثمارية وأهدافها وحتى توقيت إنجازها، فيما تقوم الإدارة والمستخدمون بدور المنفذ فقط. فمسؤولية الدولة واضحة إذن ومؤسساتها التنفيذية والتشريعية مسؤولة عن وضع القوانين التي تبارك هذا الإجهاز الصريح عن المرفق العام.هناك القانون 40/09 الذي بموجبه سيتم إدماج المكتبين، أو جمع أنشطتهما، ومن جهة أخرى، هناك عقد البرنامج الذي جاء لتفكيك خدمات المؤسسة وهدم دعاماتها ومقوماتها الطبيعية، تمهيدا للإجهاز عليها فيما بعد.فعقد البرنامج ينص على ما يسمى الشركات الجهوية المتعددة الخدمات، او التنمية المحلية التي سيرحل إليها أطر ومستخدمو المكتب الماء والكهرباء والوكالات المستقلة، وكان من المفروض، كما كان يروج سابقا، أنها ستكون مجرد فروع خدماتية تابعة للمكتب الوطني، قبل أن يتبن لنا أن ما يخطط له هو عكس ما يجري الترويج له. بمعنى أن الشركات الجديدة، التي ستواكب المشروع الجديد للجهوية الموسعة، ستكون مستقلة عن المكتب وليست تابعة له، وهو أمر خطير سينتهي بالقضاء نهائيا على المؤسسة.الأخطر من كل ذلك، أنه أصبح، اليوم، بإمكان المنتجين الذاتيين أن ينتجوا حاجياتهم من الكهرباء إلى حدود 300 ميغاواط، في حين أن النسبة لم تكن تتجاوز في السابق 10 ميغاواط، قبل أن ترتفع في عهد الحكومة السابقة إلى 50 ميغاواط. ماذا يعني ذلك؟ يعني مزيدا من التضييق أكثر على المكتب في واحدة من أهم دعاماته هي إنتاج الكهرباء ثم الإجهاز عليه.هناك أيضا، المذكرة الأخيرة الصادرة عن وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، والتي "دازت حسي مسي"، وهي المذكرة التي يعطي فيها الوزير الضوء الأخضر لشركات خاصة وأشخاص بإنتاج الطاقة الكهرمائية في حدود 12 ميغاواط فوق السدود الصغيرة، وهو أمر خطير يعطي لأي مستثمر الحق في وضع أجهزته لإنتاج الطاقة بمنطقة سيادية وحساسة مثل السدود. أشرتم في لقاءات سابقة أنكم غير ملزمين باتفاقية لم تشاركوا في صياغتها ولم تستشاروا، ماذا يعني ذلك؟ أوضح، في هذا الصدد، بأن الجامعة الوطنية لعمال الطاقة (ا م ش)، جامعة مسؤولة، والاحتجاج ليس هوايتنا المفضلة، لأننا نعرف أين نشتغل ومع من نشتغل. فالأمر يتعلق بمؤسسة عمومية استراتيجية. نحن نعي جيدا ذلك ونتحمل مسؤوليتنا، ونؤمن أن الحوار هو الطريق الأنجع لفض النزاعات وحل المشاكل والملفات بمؤسستنا، وقد حققنا مكتسبات خلال مشوارنا الطويل، كما استفادت الإدارة من هذا النهج في إطار مراعاة المصالح العليا للبلد والتشبث بالوطنية ولن يزايد علينا أحد في الالتزام.لكن، بقدر ما نحن منضبطون ونعرف ما لنا وما علينا، بقدر ما نرفض أن يتعامل معنا أحد بمنطق القطيع، دون مراعاة التضحيات الجسام التي قدمها مستخدمو القطاع منذ فجر الاستقلال إلى اليوم. نحن لن نسكت عن امتهان أو المساس بكرامة آلاف الموظفين والعمال والأطر، ولن نسمح بمرور أي اتفاق، أو عقد يكون على حساب مكتسباتنا وحقوقنا في التقاعد والأعمال الاجتماعية والتعاضدية وباقي الحقوق، ولن يمر أي مخطط إلا على أجسادنا، ونحن نعرف ونعي ما نقول.صباح 23 أكتوبر الماضي، خضنا إضرابا جهويا مع وقفة احتجاجية، اللهم إننا قد بلغنا اللهم فاشهد. أجرى الحوار: ي. س الكاتب العام للجامعة الوطنية لعمال الطاقة (إ. م. ش)

الحكومة تطرد مكتب الكهرباء من جهة البيضاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

غضبة ملكية على وزير الداخلية ووالي فاس

مرضى الجلد بالبيضاء... "الشافي الله"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات