بصمة تفضح قاتل صائغ

ذو سوابق استدرجه لشقة وقطع جثته أشلاء تخلص منها بموقعين وأخفى معالم جريمته وفر للجنوب وجدت عناصر الدرك بصفرو والأمن بفاس، صعوبة كبيرة في فك لغز قتل صائغ عثر على جثته أشلاء متناثرة قرب دوار بسيدي خيار بإيموزار كندر. وظل البحث مفتوحا نحو شهر لم يهتد فيه لغير تشخيص هوية الضحية المختفي من محله بالملاح، اعتمادا على تحاليل الحمض النووي، بعدما أبدع القاتل في إخفاء معالم أبشع جريمة بالمنطقة. ظل مصير سيارة الضحية غامضا قبل العثور عليها مركونة بحي النرجس بعد 19 يوما. وبرفع بصمات منها سيهتدي المحققون لخيط رفيع مفيد في البحث. إحداها لذي سوابق غادر حديثا السجن بعد ثلاث سنوات قضاها فيه في قضية مخدرات. وتنقل فريق أمني للداخلة حيث فر القاتل بعد علمه بالبحث عنه، محاولا الهجرة إلى جزر الكناري للتواري عن الأنظار. جثة متناثرة في ذاك الصباح البارد من فبراير، انهمك راعي غنم في مراقبة قطيع غنمه بموقع بين منطقتي عين عافية وآيت بوزيان بجماعة سيدي خيار بإيموزار كندر. وكلما انهمكت في التهام الكلأ، كان يجمع أعشابا طبية لبيعها، قبل أن يثير انتباهه وجود أكياس بلاستيكية محكمة الإغلاق قرب الطريق. تقدم نحو مكانها وتحسس ما بها وصرخ بأعلى صوته. صراخه سمعه جيران هذا الموقع فتجمعوا. اندهشوا واعتقدوا أن مكروها حل به، وصدمتهم زادت بمعاينة أطراف بشرية بأكياس سوداء. مشهد لم يألفه أبدا سكان مسالمون اتصلوا بعون السلطة، فتحركت الهواتف إخبارا. حضرت عناصر الدرك وأحاطت المكان مانعة تدفق الفضوليين لحين الانتهاء من إجراءات المعاينة وجمع الأدلة المادية. لم يعثر هناك إلا على الرجلين واليدين، دون باقي الجسد. انطلق البحث ليعثر على الرأس محروقا على بعد أمتار معدودة. ملامح الوجه مشوهة ولا أحد ممن وجد بالمكان، تعرف ما إذا كان لامرأة أو رجل. حتى البصمات لا أثر لها، ما يؤكد أن مرتكب هذه الجريمة، مجرم محترف أخفى كل أثر يمكن أن يقود لاكتشاف هوية الضحية. انتهت المعاينات اللازمة وعملية تمشيط المكان وأنجز محضر دونت فيه تصريحات راعي الغنم، الذي سرد حيثيات وتفاصيل اكتشافه الأشلاء قبل نقلها لمستودع الأموات بمستشفى الغساني بفاس لتشريحها والشروع في بحث باشرته عناصر الضابطة القضائية انطلاقا من مراجعة السجلات لمعرفة ما إذا كانت هناك بلاغات باختفاءات غامضة لأشخاص. اختفاء صائغ نسقت عناصر الدرك بإيموزار مع زملائها بمختلف المراكز بصفرو ومع مصالح الأمن بفاس. وتلقت إفادة من ولاية أمن فاس تؤكد اختفاء غامضا لصائغ، قبل أيام من ذلك بعدما غادر منزله بحي عز الله بالدكارات لحي الملاح حيث يملك محلا. يتعلق الأمر بستيني أب لخمسة أبناء أعمارهم متفاوتة، أحدهم من زوجته الأولى والبقية من الزوجة الثانية. استدعيت عائلته وأجريت تحاليل الحمض النووي فجاءت نتائجها مؤكدة أنه صاحب الأشلاء المعثور عليها بسيدي خيار. حقيقة استثمرها المحققون لتركيز البحث حول ظروف اختفائه بتنسيق بين الدرك والأمن. إفادة أفراد أسرته لم تأت بجديد مفيد. كلهم أكدوا ألا عداوات له، لما عرف عنه من طيبوبة وكرم وحسن تعامل مع كل معارفه وزملائه. تصريحات الزوجة الثانية والأبناء لم تفك لغز اختفاء الصائغ، عكس تجار الحلي والمجوهرات في حي الملاح بالمدينة العتيقة. بعضهم أكد معاينته إياه صباح يوم اختفائه، راكبا سيارته ومعه أشخاص زاروه في متجره ورافقهم إلى وجهة مجهولة. لكن لا أحد منهم أطلع المحققين على هويات مرافقيه ولا مصير السيارة التي لم يعثر عليها بعد اختفائه. كان قد مر أسبوع على اختفائه، لما عثر الراعي على أشلائه. الجريمة بشعة ومرتكبها أبدع في إخفاء معالمها بشكل صعب البحث، الذي بقي مفتوحا أكثر من 3 أسابيع. لم يكن سهلا فك لغزها والوصول للقاتل. لكن في اليوم التاسع عشر سيعثر على السيارة مركونة بشارع بحي النرجس، ما شكل خيطا رفيعا سيقود لاكتشاف حقائق مذهلة. بصمات من السيارة رفعت بصمات من داخل السيارة، وأرسلت للمختبر المختص. أغلبها للضحية وإحداها لشخص معروف في حي بن دباب بفاس. له سوابق متعددة وغادر السجن بعد إنهائه 3 سنوات سجنا أدين بها في قضية مخدرات. لم تجد عناصر الأمن أثرا له رغم الزيارات المتكررة لمسكنه. بعض تجار الحلي والمجوهرات أكدوا في شهادتهم معاينتهم الجانح يتجول بحي الملاح وسؤاله عن الضحية في يوم اختفائه. ومنهم من أفاد برؤيتهما على متن سيارته، ووجود سيارة بها أشخاص، كانت تتعقبهما، ما جعل الشبهات تتركز على الجانح الذي بحثت الشرطة القضائية عنه في محيطه العائلي، وبكل الأماكن التي يرتادها وقد يكون اختفى فيها. وفي خضم البحث عنه، توصلت بمعلومة عن وجوده بالجنوب المغربي، لتتنقل فرقة أمنية من ولاية فاس للداخلة وتنصب له كمينا أوقع به قبل تحقيق حلمه وتنفيذ رغبته في الهجرة بحرا وبشكل قانوني إلى جزر الكناري لتوفره على عقد عمل، ليقتاد إلى فاس ويسلم إلى درك المركز القضائي بصفرو للاستماع إليه قبل استكمال البحث التمهيدي. حاول المتهم الهروب إلى الأمام وإنكار علاقته بالجريمة، لكن مواجهته بشهادة تجار حلي عاينوه بالملاح ووجود بصمة له في السيارة وظروف اختفائه ومحاولته الهجرة، جعلته يتراجع ويعترف تلقائيا بما قام به. عبثا حاول إقحام صهر الضحية في التخطيط للجريمة وتنفيذها والتمثيل بالجثة وقطع أطرافها والتخلص منها ناحية سيدي خيار بإيموزار. اعتراف الجاني ظل الجاني يتجول على متن سيارة الضحية أياما تنقل فيها إلى مدن مختلفة، قبل أن يركنها بشارع بحي النرجس بعدما علم بالعثور على الأشلاء. حينئذ قرر السفر إلى الداخلة استعدادا للهجرة لإسبانيا للتواري عن الأنظار، بعدما حصل على عقد عمل. وتوجه بعد يوم من التخلص من السيارة، من فاس إلى أكادير ومنها إلى الداخلة حيث اعتقل. أقر الجاني بتخطيطه للجريمة بهدف السرقة وتوجهه لحي الملاح والبحث عن الصائغ قبل لقائهما بعد فتح محله. وأكد ادعاءه حيازة كمية مهمة من المجوهرات يريد بيعها، حيلة استعملها لإقناعه بمرافقته وانطلت عليه ليتوجها على متن سيارته الخاصة ومعه مبلغ مالي والميزان و"العيار" المستعمل عادة لتبيان والتثبت من جودة الذهب. استدرجه لمنزل بحي وادي فاس، وبه نفذ جريمة في مرحلتها الأولى. وهو جالس في بهوه، رش وجهه بالماء الحارق قبل أن يقتله بوحشية ويبتر أطرافه خاصة الرجلين واليدين مستعملا منشارا كهربائيا اشتراه قبل ذلك، لتسهيل نقلها والتخلص منها. وضعها في أكياس بلاستيكية وفي الليل بعد نوم الجيران، شحنها في الصندوق الخلفي لسيارة الضحية. جال الجاني شوارع وأحياء وهو يبحث عن مكان للتخلص من الأشلاء. واستقر رأيه بعد تفكير عميق، على رميها بعيدا عن المدينة محاولة منه لتضليل العدالة، قبل أن يتوجه عبر طريق إيموزار في اتجاه إفران. ولما دنا من سيدي خيار رمى أكياس الأطراف على قارعة الطريق بقليل، قبل أن يتوجه لمكان قريب تخلص فيه من رأس الضحية المحروق. حميد الأبيض (فاس)

بصمة تفضح قاتل صائغ

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جهة كلميم واد نون... التنمية المتعثرة

استقرار الادخار الوطني في 28,3 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات