غوص في دينامية علاقات المهاجرين وارتباطهم بوسائل التواصل يواصل الباحث يحيى يحياوي، المتخصص في المنظومة الرقمية وعلوم الاتصال، تعميق الدراسات والأبحاث في كل ما يتعلق بالرقميات والاستراتيجيات العمومية في مجال الاتصالات، والتحديات التي تفرضها، في ظل العولمة الزاحفة والثورة التكنولوجية التي يعرفها العالم. وفي إطار هذا الاهتمام المتواصل، أصدر الباحث يحيى يحياوي كتابا جديدا، اختار له عنوان ""الشبكات الاجتماعية الرقمية في سياق الهجرة: نموذج المهاجرين المغاربة". ويقع الكتاب الذي صدر عن دار انشر سبينال، في حوالي 193 صفحة، خصصها الكاتب لإشكالية الهجرة في علاقتها بالشبكات الاجتماعية الرقمية، من خلال حالة المغاربة المقيمين بالخارج. يقول المؤلف في كلمة الغلاف "إن الشبكات الاجتماعية الرقمية لا تسهم فقط في توفير سبل جديدة للتواصل وتعميق سبل الانتماء لمجموعة بشرية ما، بل تسهم أيضا في بروز فضاء عمومي عابر للحدود، حيث يكون بمقدور مجموعات بشرية موزعة جغرافيا، تبادل المعلومات والأخبار والمعطيات والرموز، بحرية أكثر ودون الحاجة للوسائط الإعلامية والاتصالية التقليدية، محدودة الأثر والوقع. ويلاحظ المؤلف، من خلال دراسة حالة الجالية المغربية المقيمة بأوربا، أن هذه الشبكات اسهمت كثيرا في تحريك دينامية علاقات المهاجرين ببلدانهم/الأصل، وفي استنفار روابطهم الهوياتية معها، وفي ترسيخ انتماءاتهم الترابية والثقافية بنسب متقدمة. إن هذه الشبكات الافتراضية، يقول يحياوي، عملت على تفعيل العلاقات الاجتماعية والثقافية والهوياتية لهذه المجموعة من المواطنين، وأدت إلى تعميق الروابط التي كانت المسافات والظروف الاقتصادية تحول دون تقويتها واستمرارها في الزمن والمكان. وعن سياق صدور هذا الكتاب، قال يحياوي في تصريح ل"الصباح"، إن معظم الدراسات الرائجة حول الهجرة لا تقف عند علاقتها بالشبكات الرقمية، سيما الإنترنيت والهاتف المحمول وشبكات التواصل الاجتماعي، موضحا أن استحضار هذه الجوانب من شأنه أن يعيد النظر في مفاهيم الحدود والحضور والمسافة، ومن شأنه أيضا أن يطرح النقاش حول الأشكال الجديدة للاتصال والروابط الاجتماعية التي تترتب عنها. وأكد يحياوي أن المفاهيم التقليدية من قبيل الهوية والانتماء الجغرافي والارتباط بالمجال، لم تعد بالقوة نفسها، إذ باتت الهوية مثلا هويات وبات الانتماء انتماءات، واصبح عنصر الارتباط المادي بمجال ما من طبيعة تفسيرية محدودة، بمعنى أن الذي أضحى مهما، في زمن الشبكات الاجتماعية الرقمية، ليس المكان في حد ذاته، بل الرابط، الذي من شأنه أن يعيد بناء الانتماء والهويات، ليصبح فضاء الهجرة فضاء ثقافيا وهوياتيا. ويرى الباحث، صاحب العديد من الإصدارات في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والرقمنة، أن اهتمامه بقضايا الرقمنة والهجرة، لا يعني المهاجرين المغاربة باعتبارهم جالية موحدة، بل باعتبارهم عنصرا من عناصرها يسميه منظومة الشتات، والتي لا تضمر موقفا ذاتيا، لكنها أداة منهجية قصوى، تم توظيفها للنظر في نمط "تجميع" الشبكات الاجتماعية الرقمية لعناصر موزعة جغرافية وبعيدة بعضها عن بعض. برحو بوزياني