“الأندلسيات الأطلسية”… الموسيقى توحد ما فرقته السياسة

استعادت الصويرة جزءا من ذاكرتها الفنية والعرقية، خلال النسخة الحادية عشرة من مهرجان الأندلسيات الأطلسية الذي انطلقت فعالياته مساء أول (الخميس)، والذي يحتفي بفن الآلة الأندلسية وملحقاتها الفنية. الصويرة التي ظل الكثيرون يعتقدون أنها مستكينة لبخور "ملوك" كناوة وإيقاعاتها، حتى إنه لم يعد في الإمكان الحديث عن مدينة الرياح فنيا دون استحضار ارتباطها بتاكناويت، قبل أن تكشف أبعادا أخرى مختزنة خلف أسوارها وأزقتها الضيقة ومتاهاتها الغارقة في السر، والمتمثلة في فن الآلة الأندلسية والذي يشكل جزءا من هوية المدينة ويجعلها تنضم إلى المدن العريقة التي عرفت تاريخيا باحتضانها هذا الفن مثل فاس والرباط وطنجة وغيرها.وما يميز الآلة الأندلسية الصويرية هو مساهمة المكون اليهودي، الذي شكل جزءا مهما من التشكيلة السكانية للمدينة عبر التاريخ، في إضفاء لمسة خاصة عليها وجعلها متشبعة بخصوصيات الثقافة العبرية التي فتحت هذا الفن على إمكانات تعبيرية وأبعاد نغمية وموسيقية جعلته متفردا.وكان لجمهور اليوم الأول للمهرجان، الذي حضره أندري أزولاي مستشار الملك، إلى جانب رشيد بلمختار وزير التربية والتعليم، والسفير الفرنسي شارل فري وشخصيات أخرى، فرصة اكتشاف التلاقح الفني والثقافي بين المسلمين واليهود من خلال وصلات موسيقية، وكانت البداية مع استهلال موسيقي عرف توقيع الفرقة التابعة للمعهد الموسيقي بالصويرة برئاسة عبد الصمد اعمارة.وكانت البصمة التطوانية الأندلسية حاضرة من خلال فرقة محمد الأمين الأكرمي التي رافقت المنشدة زينب أفيلال التي أدت مقطوعة "يا عجبا علاش ما تهواني" وهي من القصائد الملحونية التي ألفها الشاعر محمد بن مسايب التلمساني، وأديت بإيقاع الزنداني المعروف بالحواضر الشمالية، وتربطه قرابة فنية بالأسلوب الحوزي الجزائري الذي يتحدر منه.وكانت هذه الوصلة بمثابة تمهيد للحظة الامتزاج الفني بين الثلاثي المتشكل من المنشد هشام دينار والأخوين غابرييل وأبراهام أوحيون، تجاورت فيها القصائد الصوفية لابن الفارض مع مقطوعات دينية وغزلية عبرية، أعقبتها وصلة للفنان المغربي اليهودي بنيامين بوزاغلو أدى فيها قصيدة "الفياشية" والتي طعمها بمقاطع عبرية.أما ذروة الانتشاء الموسيقي فكانت لحظة صعود الفنان المغربي حاييم لوك الذي غنى قصيدة "الحرم يا رسول الله" بصيغة مغايرة تحمل البصمتين اليهودية والإسلامية، وتكشف جانبا من التعايش الديني الذي حققه الفن والموسيقى بشكل يجعل اليهود يتغنون بنبي الإسلام دون غضاضة أو ضير.واكتملت اللحظة الموسيقية انتشاء بعد أن التحق الفنان عبد الرحيم الصويري بحاييم لوك، وأديا معا شذرات من النوبات الأندلسية كانت بدايتها مع بسيط وقدام "غريبة الحسين" ومقاطع موسيقية أخرى.لتتواصل بعدها الباقة الفنية بتوقيعات نسائية يهودية ومسلمة من قبيل عبير العابد وفراسواز أطلان وزينب أفيلال ونيطاع الخيام وسناء مرحاتي وأصوات أخرى.وتتواصل نهاية الأسبوع فعاليات المهرجان الذي يحتفي في هذه الدورة بالرسام الفرنسي "أوجين دولاكروا" خاصة من خلال لوحته الشهيرة التي رسم فيها موسيقيين يهودا غنوا في حضرة السلطان المولى عبد الرحمن، ومن المفاجآت التي تحملها الدورة تقديم مقطوعة موسيقية نادرة من التراث الأندلسي القديم تدعى "القدام الجديد الصويري" قدمت أمام هذا السلطان، وتم تجميع نصوصها وألحانها من مخطوطات قديمة ليتم الاشتغال طيلة أشهر لتكون جاهزة لجمهور المهرجان.عزيز المجدوب (موفد "الصباح" إلى الصويرة)

“الأندلسيات الأطلسية”… الموسيقى توحد ما فرقته السياسة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مهنيو الصيد يهددون بالإضراب بسبب التقاعد

الرميد يدعو مسؤولي الوزارة إلى الاشتغال بشعار "صفر خطأ"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات