أكدت زهور الحر، القاضية سابقا والمحامية، أن النقاش المجتمعي حول موضوع إصلاح مدونة الأسرة يهم جميع المغاربة، لأن إصلاح الأسرة هو إصلاح للمجتمع، مشيرة الى أن الأسرة هي الركيزة الأساسية لإنجاح جميع عمليات الإصلاح، فالأسرة، تقول الناشطة المهتمة بقضايا المرأة والأسرة، هي حلقة مهمة في كل إصلاح والمدخل القانوني هو أحد المداخل الأساسية لتحقيق الإنصاف بين جميع مكونات المجتمع. وأوضحت الحر، في ندوة بعنوان "مدونة الأسرة الآفاق والتطلعات" نظمها مجلس مقاطعة الحي الحسني، أخيرا، أن المجتمع عرف تحولا متسارعا وعميقا في بنيته الاجتماعية، يفرض اليوم مواكبتها بإصلاحات جديدة لمدونة الأسرة، انطلاقا من تقييم جدي لحصيلة عقدين من التجربة، بعد أن أبانت عن اختلالات في التطبيق. ولم يفت الخبيرة في قضايا الأسرة التذكير بالمسار التاريخي الذي قطعه إصلاح قانون الأسرة، والذي تميز بالتدرج، مشيرة إلى أن المغرب لم تكن لديه قبل 1956 مدونة جامعة للقوانين الخاصة بالأسرة، قبل أن يبادر الملك محمد الخامس، بعد الاستقلال الى تشكيل لجنة عهد إليها تجميع الأحكام الفقهية في لجنة الاحوال الشخصية، وهي اللجنة التي شارك فيها فقهاء وسنت مقتضيات قانونية لضبط أحكام الاحوال الشخصية وفق المذهب المالكي. ورغم التعديلات الإيجابية التي جاءت بها اللجنة في تلك الفترة، إلا أن المدونة ظلت تعرف ثغرات انتقدها السياسيون والنساء، الذين أجمعوا على ضرورة الإصلاح، إيمانا بأن لا تقدم للمجتمع دون إنصاف المرأة، التي تمثل النصف، فتعالت الأصوات المنادية بتغيير الوضعية القانونية للمرأة، لكن فشلت كل محاولات التعديل التي كانت تهدف إلى نزع طابع القدسية على قانون الأحوال الشخصية، الصادر عن فقهاء وقوانين مستمدة من الشريعة والفقه. ولم يفت المحامية والخبيرة في قضايا الأسرة تقديم مقترحات ترى من موقع خبرتها وتجربتها الطويلة في المحاكم، إنها باتت ضرورية لتجاوز الثغرات التي اعترضت تطبيق مدونة الأسرة، مؤكدة أن التحولات العميقة تفرض اليوم إصلاحات عميقة، ف"مطالب الإصلاح تخضع للزمن والظرف ملائم اليوم لطرح هذه الاصلاحات"، تقول الحر. وأكدت أن مبادرة الملك إلى تحيين المدونة في رسالة إلى رئيس الحكومة وشروع لجنة خاصة في الاستماع إلى مختلف الأطراف والهيات في إطار مقاربة تشاركية، أمر مهم، معبرة عن أملها في تحقيق مدونة للأسرة تضمن الانسجام والتماسك الذي يضمن تعميق المسار الديمقراطي للبلاد. وتفاعلت المحامية الحر مع نقاشات الحضور، وأجابت عن العديد من الأسئلة التي تؤرق الرجل والمرأة على حد سواء، داعية إلى ضرورة الحرص في الإصلاح على التوازن بين الثوابت الإسلامية والمقتضيات المدنية، التي لا تتناقض مع خصوصية المجتمع المغربي وثقافته وتشبثه بالدين الإسلامي. برحو بوزياني