التباعد يحبط جهود مكافحة الجريمة

لم يرق التنسيق بين جهازي الأمن والدرك، إلى مستوى التطلعات، ما يساهم أحيانا في عجز أحدهما أو كلاهما، عن معالجة قضايا تتشابك وتتشعب خيوطها وتمتد إلى خارج النفوذ الترابي لهذا الجهاز أو ذاك، خاصة في حالة مطلوبين للعدالة يلجؤون لمناطق قروية بعيدة عن الأعين، للاختباء دون أن يطولهم الإيقاف لأسباب مختلفة وغامضة أحيانا، أمام تحركاتهم بشكل عاد ودون احتياطات تذكر.ويثير تدخل طرف منهما خارج حدود نفوذه المرسوم ترابيا، امتعاض الطرف الآخر خاصة لما يتم ذلك في غياب أي تنسيق مسبق يحرص منفذ التدخل على استبعاده خوفا من فشل الإجراء، احتياطا ضروريا إن تعلق الأمر بتهاون في إيقاف المطلوب للعدالة أو حجز أشياء محظورة، ما يضاعف الهوة بين الجهازين ويزيد من التباعد بينهما، رغم سعيهما معا إلى مكافحة الجريمة والحد منها. ويلعب التسابق نحو أخذ الريادة في التدخل أو تداول المعلومة الاستخباراتية أحيانا، بين الجهازين مختلفي التكوين والموارد البشرية منها واللوجستيكية، دورا مهما في تعميق هذا التباعد الذي لا يخدم جهود مكافحة الجريمة على أرض الواقع، بل قد يتحول إلى وسيلة للوشاية و"حرق أوراق"الطرف المتخاذل بتقارير ساردة لأوجه التقصير في أداء الواجب أو غض الطرف عن اعتقال مبحوث عنه.عدة حالات لتجاذبات بين الجهازين المفروض أن يتعاونا لما فيه مصلحة البلد ويكثفا من ذلك ومن تدخلاتهما المشتركة، شهدتها أقاليم المنطقة الوسطى الشمالية، خاصة في مجالات قروية تدخلت فيها عناصر الأمن الوطني لتفكيك شبكات إجرامية أو اعتقال مسجلين خطر أو مبحوث عنهم بموجب مساطر مرجعية أو لعلاقتهم مع شبكات متخصصة خاصة في الاتجار الدولي في المخدرات. ويتذكر سكان شارع شنكيط بمونفلوري (الزهور) بفاس، مشاهد مثيرة عاشوه مساء الأحد 10 غشت الماضي، وهم يعاينون "كوموندو"للدرك الملكي استعان بعدة كلاب مدربة، لاقتحام منزل في ملكية شخص معتقل بالمحمدية بحثا عن مخدرات بعد ساعات من حجز كمية منها على متن شاحنة في طريقها إلى البيضاء، قبل أن يعثروا على مبلغ مالي مهم مخبأ في صندوق حديدي بقبو المنزل.وقال مصدر مطلع إنه رغم التنسيق في هذه العملية، فدور عناصر الأمن "كان شبه ثانوي"على غرار تدخلات أخرى لمصالح الأمن بمناطق قروية في محيط المدينة لإيقاف عناصر ضمن شبكة متخصصة في سرقة السيارات نفذت عدة عمليات بعدة مدن خاصة بعين تاوجطات وأزرو وفاس وإيموزار وصفرو ومكناس، بعد تفكيكها وإيقاف عنصرين خطيرين بها إثر كمين نصب لهما. أمن فاس كان له دور فعال في إيقاف عنصر آخر بقلب إيموزار كندر، بعد محاصرته وعدة أشخاص آخرين كانوا على متن سيارتين مسروقتين يجوبون شوارع المدينة وهم في حالة سكر طافح، ولاذوا بالفرار إلى وجهة مجهولة، كما في تدخلات أخرى مرتبطة بالبحث عن خيوط هذه العصابة التي لها امتدادات كبيرة بعدة مناطق بجهتي فاس بولمان وتازة الحسيمة تاونات. لكن غير المستساغ في القضية، عدم إيقاف مبحوث عنهم لتورطهم في سرقات نفذتها العصابة أو اقتنائهم مسروقات، رغم وجودهم أو إخفائهم المسروق بمناطق قروية تابعة للدرك خاصة في أولاد الطيب ضاحية فاس وتاهلة بتازة، بل قالت بعض المصادر إن عدة سيارات مسروقة يتم إخفاؤها وتغطيتها بالتبن في دوار بعيدا عن أعين الدرك الذين لا تفصلهم إلا مسافة قصيرة عنه. غض الطرف يقع كذلك في مناطق قروية معنية بزراعة القنب الهندي بكتامة وبني زروال، يلجأ إليها مبحوث عنهم ومدانون بعقوبات سجنية مختلفة، للاختفاء دون أن يطولهم الاعتقال، كما الحال بالنسبة إلى مبحوث عنه في قضية جريمة قتل، اعتقل صدفة أخيرا بقلب تاونات من قبل عناصر الأمن في حاجز أمني، بعد عقد من فراره وتنفيذه الجريمة رفقة قريب لها أدين بحكم نهائي.هؤلاء المطلوبون للعدالة يلجؤون إلى تلك المناطق الجبلية حيث يعيشون حياة خاصة بمناطق قد تكون بعيدة عن أعين الدرك، مستغلين صعوبة التضاريس والمسالك واتساع رقعة أمكنة وجودهم وصعوبة ضبطهم، كما حدث في قضايا سابقة إحداها يحكيها الناس عن شخص قضى قرابة 20 عاما في وضعية تشرد مفتعل، بعد اكتشاف تورطه في جريمة قتل أدين فيها بالمدة ذاتها. ويثير التباعد بين جهازي الأمن والدرك، اهتمام الفاعلين السياسيين الذين سبق أن نبه بعضهم إلى ذلك، كما حال الشبيبة الاستقلالية بصفرو التي لم تستسغ غياب التنسيق بينهما جراء لجوء عدة منحرفين ولصوص وقطاع طرق وبائعي المخدرات، إلى ضواحي المدينة والمدن والقرى القريبة التي تقع تحت نفوذ الدرك الملكي، ما يصعب من مهمة جهاز الأمن المحتاج إلى مزيد الدعم البشري.ضعف الموارد اللوجستيكية والبشرية، قد يكون سببا في تقاعس هذا الجهاز أو ذاك، لإيقاف مبحوث عنهم، لكن ذلك ليس بمبرر مقنع خاصة في بعض الحالات التي تتطلب الإسراع بإنجاز المساطر خوفا من وقوع جرائم أكثر خطورة، كما حال زوج عنف وحاول قتل زوجته بإيموزار كندر وطفل تعرض إلى اغتصاب يوم عيد الفطر من قبل شاب فر إلى الضواحي، دون أن يطوله الاعتقال إلى الآن.حميد الأبيض (فاس)

التباعد يحبط جهود مكافحة الجريمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مجرمون استفادوا من غياب الانسجام

الوفا: ارتفاع الفواتير ناتج عن الزيادة في الاستهلاك

مقالات ذات صلة