لعبة القط والفأر بفاس

السلطات تكتفي بحملات ظرفية تعود بعدها الشوارع للاختناق ومطالب بتثبيت الباعة في أسواق مهيكلة تؤرق ظاهرة "الفراشة" المواطنين المحرومين من حقهم في السير الآمن على الرصيف، أكثر من مسؤولين غافلين أو يحاربونها بشكل ظرفي ومزاجي أحيانا، دون البحث عن حلول جذرية لإعادة تثبيت مئات الباعة الجائلين يتكاثرون تدريجيا، في أسواق منظمة ومحلات تحافظ على سيولة مداخيلهم وتحرر شوارع مختنقة بهم، منها من أصبحت محرمة على الراجلين والعربات. في كثير الشوارع بمدن جهة فاس لم يعد للراجل موطئ قدم آمن لمروره السلس والعادي، ما يضطره للمخاطرة بنفسه بالسير وسط الطريق، في مشاهد يومية لم تحرك في المسؤولين شعرة الغيرة للقيام بواجبهم ليس لإخلائها وتحريرها فقط، بل لإيجاد حلول عملية للظاهرة في رمتها وإحصاء الباعة وحصر مستحقي الالتفاتة بإعادة التثبيت، من غيرهم، خاصة أن بينهم تجارا لهم محلات. ويبدو أن الظاهرة وجد فيها البعض طريقا لكسب أوفر وغير مكلف، حتى أن تجارا يخصصون جزءا من سلع متاجرهم لعرضها في الشارع قريبا منها أو بمواقع أخرى، فيما فئة أخرى استفادت من محلات تجارية بأسواق نموذجية وانتقلت من أمكنة رحلت منها إلى أخرى ما زالت في انتظار مبادرة رسمية بتحرير يراعي ظروف الباعة ومصالح المواطنين الغاضبين من احتلال أرصفة شوارع. وبات ضروريا إحصاء الباعة الجائلين وإجراء بحث في ظروفهم الاجتماعية، لتحديد المحتاجين منهم ممن يعيشون فقط من مداخيل تجارتهم الجائلة، والتجار المغتنين منها ومتحيني الفرص للاستفادة من محلات في حال الترحيل، ولو أن ذلك يبدو مؤجلا إلى حين من طرف سلطات تتعامل مع الظاهرة ب"العين الحمراء" أحيانا، وتغض الطرف في أخرى، لأسباب غامضة وغير مفهومة. هذا الأمر ينطبق على غالبية الشوارع والأزقة والساحات المحتلة بفاس، وبحدة في شارع للا مريم حيث للفوضى عنوان لم تنفع معها صيحات التجار والمواطنين والغضب الافتراضي والواقعي، اللهم من حملات ظرفية تظهر فيها سيارات المسؤولين ساعات بالموقع لتختفي أياما تاركة "الحبل" على غارب مكان لم يعد للرصيف فيه وجود، وقد تأثث بمختلف السلع وطاولات المحلات. بمقاطعة أكدال أمكنة يمكن أن تحتضن المحتاجين من هؤلاء الباعة، في محلات مهيكلة عوض استمرار اختناق الشارع بهم وخنقهم حرية المرور وتكافؤ فرص التنافس التجاري. الأمر لا يحتاج إلا إرادة رسمية تتعامل بالجدية اللازمة مع الموضوع، عوض الاقتصار على "محاولات إفراغ" تعقبها احتجاجات تخمد الرغبة وتعيد الشارع لسابق اختناقه حتى أصبح منظره مقززا لكل عابر. الفعاليات لا تطلب "قطع أرزاق" هؤلاء الباعة وفئة كبيرة منهم لا يملكون غير ما يكسبون من تلك التجارة، بل ترحيلهم لأماكن يحافظون فيها على مصدر رزقهم، مطلب يتكرر في كل شبر بالمدينة وحيث ما زالت الظاهرة مستشرية ومتعاملا معها بمنطق يسائل مسؤولي مدينة عمرها 12 قرنا وتريفت بشكل غير مسبوق، حتى أصبحت شوارع أشبه بسوق أسبوعي قروي. في كل الأحياء وبكل المقاطعات تقريبا بؤر ونقط سوداء و"سويقات" عشوائية تنبت تدريجيا حتى بعد ترحيل فئة من أماكن معينة وإعادة تثبيتها بأسواق نموذجية، ما يفتح المجال للفوضى وسيادة ظواهر موازية على غرار الابتزاز و"الزطاطة" يستعملها ذوو سوابق لفرض جبروتهم على باعة لا قوة لهم على صد زحف الأطماع على مدخولهم ومن جهات متعددة وحدهم العارفون بها. وباستمرار الوضع على ما هو عليه، يتساءل مسؤولو المدينة حول سر هذا التساهل أو التماطل في محاربة الظاهرة، ولو أن ذلك يتخذ تجليات مختلفة بين مقاطعة وأخرى ليس في فاس وحدها، بل أيضا بصفرو، حيث سهر رجل سلطة حديث التعيين، على تنظيم باعة سوق بمقاطعة المدينة، بطريقة سمحت لهم بممارسة الإجارة المعيشية دون عرقلة حركة السير بموقع شبه مشلول. لكن هذه الجدية والحزم لا يتعامل بهما في باقي المقاطعات التي تعرف بعض شوارعها اختناقا واحتلالا مضطردا للملك العمومي بشكل تجاوز معه حدود الرصيف إلى النزول إلى الطريق ما يساهم في اختناق كامل أو جزئي لحركة السير، سيما في أوقات الذروة بشارع ومدار السلاوي، في انتظار تحريرهما وتحرير كل شوارع المدينة ومختلف مدن جهة فاس. حميد الأبيض (فاس)

لعبة القط والفأر بفاس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قالوا

"مداولة" على "الأولى"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات