كتاب سردي للناقد والمترجم يندرج ضمن أدب الرحلة صدر حديثا للكاتب والناقد والمترجم مراد الخطيبي، ضمن السلسلة السادسة لنصوص رحلية معاصرة، عن منشورات الجمعية المغربية للباحثين في الرحلة، كتاب بعنوان "شهر في الأندلس". ويندرج هذا الكتاب السردي الذي قام بتقديمه بوشعيب الساوري وصمم غلافه الفنان توفيق البيض، ضمن أدب الرحلة، يحكي فيه الكاتب عن تجربة ورحلة قام بها إلى إسبانيا بالصدفة ودون سابق تخطيط في بداية التسعينات من القرن الماضي. ويشير الكاتب إلى أنه بعد حصوله على شهادة الإجازة في تخصص اللغة الإنجليزية وآدابها وفشله في متابعة دراساته في سلك الدكتوراه بفرنسا بعد رفض التأشيرة، يقرر الهجرة إلى إسبانيا وهو وصديقه أحمد. كان ذلك في دجنبر سنة 1990 تزامنا مع حرب الخليج. ويحكي الكاتب أنه قرر هو وصديقه السفر في اليوم نفسه الذي سيعود فيه صديقهما المشترك الإسباني باكو إلى إسبانيا، أي يوم 27 دجنبر 1990. تعرفا على باكو في مدينة الجديدة، وعبر عن استعداده لاستضافتهما بمنزله بإشبيلية. حلت الباخرة التي تقلهم بميناء الجزيرة الخضراء، الخزيرات أو " ألخِثيراس". كانت التأشيرة تمنح حينذاك انطلاقا من الحدود. السلطات الإسبانية رفضت منحهما إياها. فعادا ومجموعة كبيرة من المسافرين المغاربة عبر الباخرة نفسها التي حملتهم من طنجة، التي بعد عودتهما إليها تجولا بين أسوارها العتيقة. وفي يوم 29 دجنبر 1990، قررا خوض تجربة سفر ثانية إلى إسبانيا. عند وصولهما إلى الجزيرة الخضراء في 30 دجنبر 1990، رفض الإسبان مجددا منحهما التأشيرة. احتفظوا بجوازي سفرهما شأنهما شأن المغاربة الآخرين. عليهما العودة مرة أخرى إلى ديارهما في الباخرة نفسها التي أقلتهما. الشرطة المغربية هي التي ستسلمهما رفقة آخرين جوازات السفر بالباخرة بعد أن تتسلمها من نظيرتها الإسبانية. أعين السارد كانتا مصوبتين نحو جوازات السفر. الشرطي حمل جوازات سفر المهاجرين الذين تم رفض دخولهم إلى التراب الإسباني ودخل إلى مكتب يوجد على يسار المكان الذي كان السارد واقفا فيه هو وصديقه. كان هو الشرطي الوحيد الذي يراقب مدخل الميناء الخارجي. ترك هذا المكان الاستراتيجي بدون حراسة. بسرعة البرق اتجه السارد نحو. الممر الذي يسلكه المسافرون الحاصلون على التأشيرة. أشار السارد إلى صديقه أن يلحق به. بصوت خافت دعاه أن يفعل مثله ويمسك الوثائق في يده وكأنهما حصلا على التأشيرة وتسلما جوازي سفرهما. دقات القلب تزداد في الخفقان. في كل خطوة يجدان أفرادا من الشرطة بأسلحتهم الرشاشة. طلبوا منهما فتح الحقائب، فقاموا بتفتيشها بدقة متناهية. لم يسألوا عن جوازي السفر. تابعا المسير. وغادرا المكاتب ودهاليز الميناء المخيفة إلى أن وصلا إلى باب الميناء الرئيسي. أحمد سكاب (الجديدة)