عودة “التشرميل” تحرج خطط استتباب الأمن

عاد «المشرملون» ليعيثوا في الأرض فسادا، بعد أن نعم المواطنون، خاصة في المدن الكبرى، بقسط من الأمن على أنفسهم وممتلكاتهم لبضعة أشهر. عاد «المشرملون» من جديد ليضرموا النار في أجساد بعض المواطنين ويقطعوا الأيدي ويسلبوا الهواتف المحمولة والحقائب اليدوية ويختطفوا ويغتصبوا ويعتدوا بالسكاكين والسيوف على الرجال والنساء.عاد الوضع إلى ما كان عليه قبل الغضبة الملكية على واقع الأمن، التي دفعت محمد حصاد، وزير الداخلية، إلى القيام بجولات في مجموعة من المدن لإبلاغ المسؤولين الأمنيين ورجال السلطة على أن الملك غاضب على تردي الوضع الأمني في العديد من المدن، وحثهم على تكثيف الجهود حتى يشعر المواطن بالأمن المفقود.قامت الدنيا ولم تقعد، وتجند المسؤولون من أجل استتباب الأمن، فكانت الاعتقالات بالجملة بعد حملات أمنية أتت على الأخضر واليابس، وقدم كل مسؤول أمني حصيلة عمله التي كانت، في الأول والأخير، عبارة عن أرقام تحدثت عن آلاف المعتقلين في كل المدن.دخل «المشرملون» إلى الزنازين، وزادوا أعباء أخرى على الدولة، إذ اكتظت العديد من السجون وازدادت الأتعاب على موظفيها وحراسها، خاصة في مدينة مثل البيضاء التي استضاف سجنها الشهير عكاشة قرابة 20 ألف معتقل دفعة واحدة، كما وجدت الدولة نفسها أمام عبء آخر تمثل في الميزانية المخصصة لكل سجين، وضرورة توفير حاجيات المعتقلين الجدد، ما أثقل كاهلها، إلى أن جاء العفو عن 13 ألف سجين دفعة واحدة، من بينهم فئة كبيرة من «المشرملين».هذا «الإفراج الكبير» أعاد الوضع الأمني إلى نقطة الصفر لتنتشر الجريمة من جديد، لذا أصبح لزاما طرح السؤال التالي: هل يتوفر المسؤولون على إستراتيجية لمحاربة الجريمة، أم أن ما حدث دخل في منطق الحملات الأمنية التي غالبا ما يكون الهدف منها إطفاء غضب جهة ما، ووضع مسكنات لوضع قابل للانفجار في أي لحظة؟الجواب يقتضي العودة إلى الكلام الذي قاله وزير الداخلية خلال لقائه بالمسؤولين منذ بضعة أشهر، حين أكد أنه يريد نتائج ملموسة خلال 15 يوما، على أن يقدم كل مسؤول إستراتيجيته لمحاربة الجريمة على المدى المتوسط.«كلام جميل، كلام معقول، ما اقدرش أقول حاجة عنو» على حد قول الراحلة ليلى مراد، لكن التطبيق على أرض الواقع جاء بنتائج أقل مما كان ينتظره وزير الداخلية ومعه المواطنون وقبلهم صاحب الجلالة، إذ لم يطبق سوى الشق الأول المتعلق بإظهار نتائج خلال 15 يوما الموالية للقاء الشهير بعد أن أطاحت الحملات الأمنية بآلاف «المشرملين»، لكن بعد ذلك، بدأت الأمور تعود إلى «طبيعتها».سياسة «الأرض المحروقة» التي نهجها المسؤولون الأمنيون وشركاؤهم من رجال السلطة لم تؤت أكلها كما يجب، وكشفت بالملموس أنها لم تخرج عن منطق الحملة الأمنية، كما بدا واضحا غياب إستراتيجية لدى العديد من المسؤولين من أجل وضع مقاربة شاملة لإعادة الأمن المفقود، مقاربة بالتأكيد لا يتحملها رجال الأمن لوحدهم، حتى لا نلصق التهمة بهم، بل هو تحدي الدولة بأكملها، تتداخل فيه العديد من الجهات، التي عليها أن تضع سياسة شاملة حتى تتسنى عودة الأمن المنشود.ص . ب

عودة “التشرميل” تحرج خطط استتباب الأمن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مغاربة الكريدي... "دقة مورا دقة "

مواقع إلكترونية مهددة بالمتابعة القضائية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات