شموخ جبال “واركزيز”

بطولات على صوت المدافع 5 كان هدفنا في معارك الصحراء إبعاد مرتزقة "بوليساريو" إلى مسافات أبعد عن الجدار الأمني هذه السلسلة ليست فقط سيرة ذاتية عادية لعقيد سابق في الجيش، شارك ببسالة في حرب الصحراء، بل هي دروس وعبر في الحياة والوطنية، خلاصتها أنه ليس من الضرورة أن يولد الإنسان وفي فمه ملعقة من ذهب لتحقيق حلمه. بالبيضاء وبالضبط بمنطقة بلفيدير، ولد العقيد عبد الإله معجيب في 1957. عانى رفقة أسرته الأمرين، بسبب الفقر والحاجة، ومع ذلك ضحى أفراد من أسرته من أجل ضمان دراسته، سيما بعد وفاة الوالد، والنتيجة ضابط متخصص في أعقد سلاح عسكري وهو المدفعية، وبه كبد عصابات "البوليساريو" خسائر جسيمة، إلى درجة أنه صار رأسه مطلوبا لديهم، مهما كلف الثمن. مصطفى لطفي في يوليوز 1981، التحقت بالصحراء، كان الوضع العسكري صعبا للغاية في تلك الفترة، بسبب اشتداد المعارك بين قواتنا وعصابة "بوليساريو". كان بإمكاني الاستفادة من عطلة أو الاستقرار مؤقتا بالرباط بعيدا عن صخب المعارك، لكن بحكم التدريب الذي خضته بفرنسا، حتم علي التوجه في الحال لتنزيل المستجدات والمعارف والمعلومات في سلاح المدفعية على أرض الواقع، سيما أنني خضت تدريبا على سلاح حديث اقتناه المغرب من فرنسا. كانت الوجهة صوب "الزاك"، في رحلة طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، وبمجرد عبور نهر درعة، أبهرني منظر جبال "واركزيز"، كانت على شكل سور عال بمقاس واحد، ممتد على عشرات الكيلومترات، مازال شموخها يسحرني إلى اليوم. وصلنا إلى وجهتنا، وكانت "الزاك" وقتها عبارة عن قرية صغيرة بها عشرات من المنازل خالية من السكان، بعد تحويلها إلى منطقة عسكرية. حظيت باستقبال خاص من قبل قادة وجنود الوحدة العسكرية، تشعر بارتياح يغمرهم، كأن قطعة منقوصة أضيفت إليهم، بسبب الخبرة التي اكتسبتها في سلاح المدفعية بفرنسا، إذ كانوا يترقبون مني عطاء وفعالية أكبر خلال المواجهات. وفعلا في صباح اليوم الموالي، كنت مع أول اختبار، عندما قصف العدو وحدات من الجيش المرابطة على الجدار الأمني الذي يبعد عنا بكيلومترات. كان ردنا مدويا، وأجبر فلول المرتزقة على الفرار إلى منطقة أبعد. كانت وحدتنا في حالة تأهب دائم للرد على العدو، منذ مطلع الصباح، كان ممنوعا على أي ضابط أو جندي الابتعاد عن المدفع مسافة تتجاوز 50 مترا، لأنه في أي لحظة قد يطلب منها التدخل ويجب أن نكون على استعداد. كانت لي قناعة أن فعالية أي وحدة عسكرية في المعارك متوقفة على جودة وتدريب عال لأفرادها، لهذا خصصت حصصا نظرية وميدانية لتدريب ضباط وضباط الصف وجنود الوحدة، إذ قدمت كل معارفي والخبرات التي اكتسبتها أثناء التدريب في الخارج، وفعلا أعطت هذه الخطوة أكلها، صارت وحدتنا أكثر نجاعة وفعالية في سلاح المدفعية. هذا السلاح يعد حاسما في المعارك، إذ يمنح الدعم لوحدات المشاة، بالرد على أي هجوم مفاجئ يتعرضون له أو لشل حركة العدو استعدادا للهجوم عليها. وفي معارك الصحراء كان هدفنا طرد وإبعاد مرتزقة "بوليساريو" إلى مسافات أبعد عن الجدار الأمني، إذ كان لنا مراقبون على الجدار يرصدون تحركاتهم، وبمجرد إشعارنا باقتراب عربات أو أشخاص نسارع بقصفهم. كان مدى مدفعيتنا أزيد من 15 كيلومترا بعيدا عن الجدار الأمني، وخلال القصف كنت حريصا أن تتساقط القذائف قرب العدو وأن لا تبتعد عنه بأزيد من 50 مترا. اصطياد العدو القصف المركز يربكهم، لهذا يتطلب الأمر تريثا ودما باردا قبل اتخاذ القرار، فالرد الفوري لا يؤتي نتائجه، بل يجب دراسة موقع العدو وتحركاته، وفي حالات نتأخر في القصف لدقائق طويلة لجمع معلومات حول عدد العربات والأفراد، وانتظار مرورهم من سهل، ما يجعل اصطيادهم يسيرا.

شموخ جبال “واركزيز”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال شبكة الاتجار في البشر ببوجدور

الثوار يقتلون ممثل فرنسا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات