نساء “أفزا” التاجرات الغنيات

تادلة في تاريخ ليون الإفريقي 5 يكسبن أكثر من الرجال وبضاعتهن تباع رغم تماطلهن على التجار الأجانب شكلت منطقة تادلة أحد أهم أقاليم المملكة المغربية عبر التاريخ، إلا أنها لم تحظ باهتمام كبير من قبل المؤرخين، كما هو الأمر بالنسبة إلى فاس أو مراكش، ويعتبر كتاب وصف إفريقيا، للحسن بن محمد الوزّان الزناتي الفاسي، والمشهور بليون الأفريقي، أحد أهم المصادر التي تناولت مجال تادلة، بوصف مدنها وقبائلها وصناعات أهلها، وحكايات رجالها وفرسانها، والحياة الاجتماعية والسياسية لسكانها، وعلاقة كل قطر منها بالسلطة السياسية للوطاسيين ملوك فاس، في القرن السادس عشر. في هذه السلسلة، نروي على لسان "ليون الإفريقي"، قصصا من الجزء المخصص لتادلة. وهو الديبلوماسي والمؤرخ الذي عمل في إدارة الوطاسيين، وصال وجال في رحاب وأقطار المغرب، تاركا لنا وثيقة تاريخية وزنها ذهب. عصام الناصيري بعث الملك في الحين اثنين من كتابه و100 فارس لاستلام هذا المبلغ، فحازاه ورجعا توا إلى فاس، وبعد ذلك قدم النبلاء المذكورون إلى القائد هدية، قدرها ألفا مثقال خيلا وعبيدا ومسكة، معتذرين بأنهم لم يبق لديهم مال، شاكرينه جزيل الشكر على إنقاذ حياتهم، وهكذا بقيت هذه الناحية خاضعة إلى ملك فاس، تحت حكم القائد الزرنكي، الذي سيقتله الأعراب بعد ذلك غدرا، ويحصل ملك فاس من هذه الناحية على خراج سنوي، يبلغ 20 ألف مثقال. أسهبت في هذه القصة لأنها كانت بمحضري وشاركت فيها، ولأنني ربحت فيها أيضا دريهمات بما دبرت من حيلة، ورأيت فيها لأول مرة مثل ذلك المبلغ من الذهب، وأعلم أن ملك فاس لم ير قط مثل هذا المبلغ، لأن هذا الملك المسكين الذي يجبى إليه كل عام نحو 300 ألف مثقال، لم تتوفر لديه قط في الخزينة 100 ألف، ولا كانت أيضا لأبيه. وترون من خلال هذه الحيلة أي خدعة وأي مناورة يلجؤون إليها لابتزاز الأموال، وكان هذا الحادث عام 915 هـ. وأغرب من هذه الحال يهودي أدى وحده من المال أكثر مما أداه النبلاء مجتمعين، وكان ذلك سببا للحكم على اليهودي شرعا، بغرامة تبلغ 50 ألف مثقال لأنهم حابوا الفريق المناوئ للملك، وكنت مع الأمين المنتدب، حينما استلم هذه الغرامة. "أفزا" مدينة صغيرة على بعد نحو ميلين من "تافزة"، وتشتمل على قرابة 500 كانون، وقد بنيت على تل في سفح الأطلس، يسكنها عدد كثير من المسلمين واليهود، وتصنع فيها البرانس بكثرة، وأهلها جميعا تجار أو فلاحون، يحكمهم أهل تافزة. نساء هذه البلدة ماهرات جدا في خدمة الصوف، ويصنعن منه البرانس والأكسية الفاخرة، فيكسبن من المال أكثر مما يكسبه الرجال. يمر بين أفزا وتافزة نهر يدعى تارنا، ينبع من الأطلس ويمر بين تلال قبل أن يسيل في السهل إلى أن يصب في نهر أم الربيع، وتوجد في هذه التلال على ضفة النهر، حدائق في غاية الجمال، مليئة بجميع أنواع الأشجار المثمرة، التي تشتهيها الأنفس، وأصحاب هذه الحدائق في غاية الكرم والظرف، بحيث يدخل كل تاجر غريب إلى حدائقهم، ويأكل من ثمارها ما يشاء. يبطئ أهل أفزا كثيرا في إنجاز ما يعدون بتقديمه من بضاعة، وهكذا تعود التجار بأن يؤدوا ثمن البرانس المطلوبة مسبقا، على أن يتوصلوا بها بعد ثلاثة أشهر، لكن عليهم أن ينتظروها سنة. ذهبت إلى هذه المدينة في الوقت الذي جاء جيش ملكنا إلى تادلة، فخضعت له في الحين، وفي المرة الثانية التي جاء فيها القائد، أهدوا إليه 15 فرسا و15 عبدا، كل عبد يمسك بزمام حصان، كما أهدوا إليه 200 رأس من الغنم، و15 بقرة، فاعتبر القائد أهل أفزا مخلصين للملك.

نساء “أفزا” التاجرات الغنيات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

6 سنوات لجانح بالجديدة

جرائم غامضة لسفاح مديونة

مقالات ذات صلة