وزراء وأمنيون واقتصاديون يتشبثون بانتمائهم ويدافعون عن مصالح بلد الأجداد لا ينحصر الحضور المغربي الإسرائيلي على الجوانب الثقافية والدينية فقط، فهناك حضور قوي على المستوى السياسي للمغاربة اليهود في مناصب القرار. ويشير عدد من الباحثين إلى أن جذور العلاقات المغربية الإسرائيلية لم تنقطع، رغم كل الاضطرابات السياسية، إذ ما زال عدد من اليهود يعيشون بالمغرب، ويزوره كل سنة آلاف الإسرائيليين، لصلة بلد آبائهم وأجدادهم وأيضا زيارة قبور الحاخامات والأولياء اليهود الذين عاشوا في المغرب منذ مئات السنين. ويؤكد الباحثون أنفسهم أن المجتمع الإسرائيلي "مركب من يهود قادمين من 70 دولة ويمثل المغاربة اليهود أحد أهم عناصره"، فالمغاربة اليهود "تمسكوا بتقاليدهم وعاداتهم التي تربطهم بالمغرب، ورغم ذلك اندمجوا بقوة في المجتمع الإسرائيلي، ونجدهم في مناصب مهمة بالبرلمان وبالحكومة، وفاعلين بارزين في الاقتصاد والثقافة". وضمت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وزراء من أصول مغربية، فالحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، تضم ستة وزراء من أصول مغربية من مجموع 30 وزيرا. ويتعلق الأمر بخلوف درعي، رئيس مجلس الوزراء و وزير الصحة، الذي ولد في مكناس في 1959، ويشغل درعي منصب زعيم حزب "شاس"، وسبق أن تقلد من قبل مناصب وزارية عديدة، من بينها وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الدينية ووزارة التجارة والصناعة ووزارة تطوير الضواحي، كما يتولى يعقوب مارغي، المزداد في الرباط في 1960، وزارة العمل والرفاه والخدمات الاجتماعية، والذي سبق أن تقلد منصب وزارة الشؤون الدينية في الحكومة الثانية والثلاثين، إذ هاجر مارغي في 1962 إلى إسرائيل ونشأ في مدينة بئر سبع، وترعرع في كنف عائلة مكونة من 11 فردا. كما تضم الحكومة الإسرائيلية ميري ريغيف، التي تم تعيينها وزيرة للمواصلات، وهي لأب من المغاربة اليهود وأم إسبانية، وتقلدت خلال مسارها المهني عددا من المناصب المهمة، من بينها وزيرة الثقافة والرياضة، كما شغلت سابقا منصب المتحدثة باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهي متزوجة ولديها 3 أطفال. كما تولى ميكي زوهار، حقيبة الثقافة والرياضة، وهو سياسي ومحام إسرائيلي، وعضو الكنيست عن حزب "الليكود"، الذي تعود جذوره إلى المغرب. أما عيديت سليمان، التي تتولى حقيبة وزارة حماية البيئة، فهي من أصول مغربية، مثلها مثل موشي أوبوتبول، نائب وزير الزراعة. ويداوم مغاربة إسرائيل على زيارة المغرب، حيث تمثل المملكة بالنسبة إليهم "أرض المحبة والسلام بين مختلف الديانات والثقافات، ونموذجا فريدا لتعايش اليهود والمسلمين على مدى قرون"، ولا يخفون في تصريحاتهم أن علاقات الإسرائيليين ذوي الأصول المغربية وبلد عائلاتهم الأصلي "خاصة وعاطفية جدا"، مرجعين هذه العاطفة إلى متانة الروابط الدينية والثقافية، التي تجمعهم بأرض المملكة، التي تضم عشرات المزارات والمعابد وأيضا الأحياء والمقابر التي عاش ودفن فيها آباؤهم وأجدادهم. ويعود وجود اليهود بالمغرب لأكثر من ألفي سنة وكان موطنا لأكبر جالية يهودية في شمال إفريقيا، حيث مثلت إلى حدود أواخر الأربعينات عشرة في المائة من إجمالي السكان بحوالي 250 ألف نسمة، غير أن أغلبهم غادروا المغرب، بعد تأسيس إسرائيل في 1948، ولم يتبق منهم حاليا سوى حوالي ثلاثة آلاف يهودي، بينما يقيم أزيد من مليون يهودي من أصل مغربي في إسرائيل. خالد العطاوي