مغاربة العالم… رافد قوي للتنمية

الشرقاوي: تحويلات المهاجرين سجلت أزيد من 100 مليار درهم نهاية السنة الماضية يشكل أفراد الجالية المغربية بالخارج إحدى الدعامات الأساسية لتنمية المغرب، وحلقة وصل بين المغرب والعالم، بالنظر لحضورهم في أكثر من خمسين بلدا عبر العالم. ولعل السمة الأساسية التي تميز أفراد الجالية بالخارج وتشترك فيها مختلف أجيال الهجرة المغربية، هي الارتباط الوثيق بوطنهم الأم، والاستعداد الدائم للدفاع عن مصالحه والمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني. وأكد خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن تحويلات مغاربة العالم سجلت في نهاية السنة الماضية رقما قياسيا غير مسبوق، وفق مؤشرات مكتب الصرف، إذ وصلت إلى أكثر من 100 مليار درهم. وسجل مكتب الصرف منحى تصاعديا لارتفاع التحويلات المالية لمغاربة العالم بنسبة 14,6 في المائة (أي زائد 12,6 مليار درهم)، مقارنة بالفترة نفسها من 2021 (86,68 مليار درهم)، ما سيسمح بإمكانية التوفر على احتياطي عملة صعبة يمكن من تغطية حاجيات الاستيراد، ويجعل الاقتصاد الوطني يتعاطى بشكل مريح مع تقلبات معدل النمو. وأوضح الباحث الشرقاوي في مقال خص به "الصباح"، أن هناك دورا اجتماعيا متضمنا في التحويلات المالية لأفراد الجالية، يتجلى في تأمين مغاربة العالم لحاجيات عائلاتهم بالمغرب، ومساهمتهم في الاستقرار والسلم الاجتماعي والدورة الاقتصادية للبلاد، مضيفا أن جزءا كبيرا من تلك التحويلات عبارة عن استثمارات بالمملكة، على اعتبار توجه أفراد الجالية المستثمرين إلى قطاعات العقار والخدمات والفلاحة والتكنولوجيات الحديثة. ويرى الباحث في العلوم السياسية أن من بين المؤسسات الحكومية التي أحدثت للنهوض بأوضاع المغاربة المقيمين بالخارج وضمان حقوقهم وحمايتها، هناك مجلس الجالية المغربية بالخارج، الذي أحدث بظهير 2007، لتتم ترقيته مع دستور 2011، إلى مؤسسة دستورية، وهو يؤدي الآن وظيفة أساسية في إبداء آرائه حول توجهات السياسات العمومية، التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تأمين الحفاظ على علاقات متينة مع هويتهم المغربية، وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم، والمساهمة في التنمية البشرية والمستدامة في وطنهم المغرب وتقدمه. وأكد الشرقاوي أن المجلس حقق تراكما في توفير المعرفة العلمية حول الهجرة المغربية، وتعبئة كفاءاتها، من خلال الدراسات والتقارير والاستشارات الوفيرة التي أنجزها، ما يدل على الأهمية والمكانة المتميزة التي صار يحظى بها ضمن مؤسسات الحكامة المنصوص عليها في الدستور. وحظي ملف مغاربة العالم باهتمام لجنة النموذج التنموي، التي اعتبرت الجالية المغربية إحدى الركائز الخمس لبلورة تنمية جديدة بالمغرب، عبر إدماج الكفاءات واقتصاد المعرفة المرتبط باستعمال التكنولوجيات الحيوية والرقمنة، وصناعة التكنولوجيات الحديثة، والطاقات المتجددة، وهي أمور متاحة لدى أفراد الجالية، ويمكن لهم أن يقدموا في إطارها خبرتهم، بغية المشاركة في تنمية وطنهم، ما يقتضي نهج سياسة استقطاب الكفاءات المتوفرة على مؤهلات عالية. ولم يفت الباحث الشرقاوي التأكيد أن المغرب الذي يشهد إقلاعا اقتصاديا ويشكل بوابة إفريقيا، ويتوفر على بنيات تحتية تستجيب للمعايير الدولية، قادر على تقديم عروض تنافسية من أجل جذب الكفاءات عالية التأهيل في المجالات العلمية والتكنولوجية، والاستفادة من القانون الإطار المتعلق بالاستثمار. ودعا للمناسبة إلى ضرورة تعزيز الارتباط الروحي القوي لمغاربة العالم بالوطن، والعمل على إيلائهم عناية خاصة، من حيث تسهيل استثماراتهم للمساهمة في التنمية، وإشراك الشباب منهم في التنمية، من خلال توفير الشروط الموضوعية لاستقطابهم، ورفع العراقيل الإدارية أمام الكفاءات الراغبة في الاشتغال أو الاستثمار في المغرب، واعتماد مقاربات محفزة، تعزز جذب الشباب ذوي المؤهلات العالية والعاملين فـي القطاعات المتطورة. وأكد أن الانفتاح على القضايا التي تهم مغاربة العالم، يقتضي تجاوز الجانب السياسي والمصلحي الضيق المتعلق بدور مغاربة العالم في التحويلات المالية، والتفكير فيهم باعتبارهم مواطنين قبل أن يكونوا موردا اقتصاديا. كما يجب تعبئة الطاقات من أفراد الجالية والحرص على تنمية ارتباطهم بالوطن، والاقتراب من قضاياهم ونقلها إلى الحكومة و البرلمان والمؤسسات المعنية بالجالية والتفاعل بشأنها، وأيضا تقدير الإسهام اللامادي لهم من خلال كفاءاتهم البارزة في مختلف المجالات ومناصب القيادة التي يشغلونها في القطاعات المقاولاتية والسياسية والعلمية والفكرية. بلورة سياسة عمومية رغم اقتراب مرور سنة على الخطاب الملكي ليوم 20 غشت من العام الماضي، الذي خصص جزءا هاما منه للجالية المغربية بالخارج، لم تقدم الحكومة أي التزام جدي وواقعي يتعلق بالجالية المغربية، ولم تبلور سياسة عمومية مندمجة وواضحة المعالم تستجيب لانتظارات مغاربة العالم. كما لم تتخذ أي مبادرة تشريعية أو تنظيمية تهم هذه الفئة، رغم إحداثها للجنة الوزارية المعنية بتنزيل مضامين الخطاب الملكي. وينبغي على اللجنة الوزارية المعنية تنزيل مضامين الخطاب الملكي لـ 20 غشت، والتسريع بوضع الإطار التشريعي الخاص بالجالية المغربية، وبلورة سياسة عمومية مندمجة وواضحة المعالم تستجيب لانتظارات أفرادها. ب . ب

مغاربة العالم… رافد قوي للتنمية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"عوينة الحجاج"... جريمة في كل شبر

متورط ثالث في تذاكر المونديال

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات