تعد أرقام الهواتف المحمولة مجهولة الهوية، مصدر إزعاج للسلطات، لأنها تسهل عملية النصب والاحتيال، وتهديد المواطنين في حياتهم اليومية. وفشلت الإجراءات الحكومية والإدارية المتخذة من قبل الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات منذ 2015، في الحد من ظاهرة استعمال آلاف المواطنين لأرقام مجهولة المصدر، بسبب تكاثر عمليات بيع بعض الشركات المختصة في الاتصالات لشرائح الهواتف المحمولة في الشوارع، دون التأكد من هوية مستعمليها، أو إعادة بيع أرقام أخرى بعد انتهاء عملية اشتراك الزبناء أو تحويل أرقام خاصة بالاشتراك في الأنترنيت المتعلق بالحواسيب (الموديم)، إلى أرقام هواتف محمولة، بعد تأخر الأداء الشهري، ما جعل أسماء العديد من مستعملي الهواتف والحواسيب متداولة من شخص إلى آخر لغياب أو تأخير عملية تحيين المعطيات. وانتفض الفريق الاستقلالي في جلسة محاسبة الوزراء المنعقدة أخيرا بمجلس المستشارين، في وجه غيثة مزور، الوزيرة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، مؤكدا أن قرارات الحكومة وإجراءات وكالة تقنين المواصلات لم تحد من ظاهرة الاستعمال السيئ لأرقام الهواتف مجهولة المصدر التي تستعمل أحيانا في النصب والاحتيال، وأحيانا أخرى تجر مواطنين إلى القضاء وهم لا يعلمون شيئا. وقال البرلماني الاستقلالي محمد حلمي، إن الوزارة مطالبة باتخاذ إجراءات أخرى رفقة شركائها للحد من هذه الظاهرة المستشرية في الفضاء العمومي ببيع شركات اتصالات أرقام هواتف لأشخاص دون التأكد من هويتهم، والأخطر من ذلك نقل رقم هاتف شخص معروف الهوية ببطاقته التعريفية لآخر لم تحدد هويته يستعمله متى شاء وقد يجره إلى القضاء، إذا استغل هذا الرقم في عمليات النصب والاحتيال. وأكدت الوزيرة مزور أن متعهدي الشبكات العامة للمواصلات ملزمون بتحديد هوية طالبي الاشتراك في الخدمات، مبرزة أن المتعهد هو المسؤول عن تحديد هوية زبنائه الذين اقتنوا البطاقة الهاتفية من مختلف الموزعين، أو البائعين أو الأعوان التجاريين. وأضافت المسؤولة الحكومية أنه بإمكان أي شخص ذاتي أو معنوي، الاستفادة من الاشتراك في الخدمات التي يقدمها متعهدو الشبكات العامة للمواصلات بناء على طلبه، وذلك طبقا لمقتضيات المادة 23 من القانون 24.96 المتعلق بالبريد والمواصلات كما تم تغييره وتتميمه. ولفتت المسؤولة الحكومية الانتباه إلى أن الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات اتخذت مجموعة من التدابير، لمواجهة بعض الممارسات التي تخص تداول وتوزيع بطاقات هاتفية مجهولة الهوية، ومن أهمها إصدار قرار يتعلق بتحديد هوية المشتركين في الخدمة المتنقلة، مشددة على أن كل زبون يجب أن يكون موضوع تعريف. وبموجب هذا القرار، أضافت الوزيرة، أصبح متعهدو الشبكات العامة للمواصلات ملزمين بتحديث قاعدة البيانات المتعلقة بالمشتركين وجعلها ذات موثوقية ومصداقية أكثر من خلال ضرورة تضمين كل رقم مشترك معلومات متعلقة باسم ولقب صاحب الاشتراك، ورقم بطاقة هويته، وتاريخ إبرام الاشتراك. وأوضحت الوزيرة أنه تم تحديد أجل ثلاثة أشهر لتضمين قاعدة المعطيات جميع المعلومات التي تثبت هوية صاحب الاشتراك، مشيرة إلى أنه في حالة انتهاء المدة المحددة دون توفر المعلومات، يصبح المتعهد ملزما بإلغاء وتعطيل البطاقة الهاتفية المعنية، وثمنت المسؤولة الحكومية انخراط المتعهدين في هذه العملية من خلال التقيد بمقتضيات هذا القرار وتفعيله على أرض الواقع. ومع ذلك، أقرت الوزيرة في ردها على تعقيب البرلماني بعدم تمكن السلطات المختصة من القضاء على ظاهرة بيع واستعمال أرقام هواتف مجهولة المصدر. أ. أ