انفردت بتقديم الدعم المدرسي لـ 285 تلميذا وأطرها تحمل مشعل الرقي بتربية جيل المستقبل جعل شباب جامعي بتاونات، من "الدار الكبيرة" حضنا جمعويا دافئا يجد فيه أطفال المدينة من وسائل التنشيط والترفيه والدعم المدرسي، ما يكفي لتنشئتهم ومواكبتهم وإدماجهم السليم في المجتمع وإنقاذهم من الانغماس في براثن مستنقع الانحراف والإدمان المبتلي به أقرانهم ممن يحتاجون مبادرات جمعوية مماثلة، ما أحوج كل المدن لتثبيتها وتعميمها. قبل أربع سنوات وضع حاملو شهادات جامعية في تخصصات وشعب مختلفة، أياديهم في بعضهم، في تجربة جمعوية جديدة تمنوا أن تكون اسما على مسمى، وتعهدوا ببذل قصارى جهودهم لإنقاذ أبناء أحيائهم المهددين أمام الغزو الافتراضي ل"السوشل ميديا" لمنازلهم والخطر المحدق بهم، جراء انتشار الإدمان على التدخين واستهلاك المخدرات بأنواعها. جمعية "الدار الكبيرة" أسسوها لهذا الغرض في 25 أكتوبر 2019. سطروا أهدافها ووضعوا نصب عيونهم تحقيقها مهما كلفهم ذلك جهدا وتضحية. أنشطة متنوعة وهادفة سطرها أعضاؤها وشملت مجالات ثقافية ورياضية واجتماعية وتربوية مختلفة دون أن يكلوا أو يملوا في سبيل تثبيت تقليد جمعوي يحيي تجارب رائدة في المجال كانت تاونات سباقة لها. ومع بداية الاستعدادات للامتحانات الإشهادية، وعلى غرار كل سنة، أطلقوا مبادرة تنفرد بها جمعيتهم، لتقديم الدعم المدرسي المجاني في كل المواد، لفائدة تلاميذ وتلميذات أحيائهم لمساعدتهم على الإعداد لها، في خطوة رائدة عادة ما تعقبها مبادرات أخرى تحفيزية للمتفوقين منهم وفي مختلف المستويات الدراسية، غالبا ما تمنح لهم جوائز وهدايا تشجيعية. 285 تلميذا وتلميذة استفادوا من حصص الدعم المجاني، استعدادا للامتحانات المتواصلة، 88 منهم يتابعون دراستهم في الثالثة إعدادي، و77 آخرون في السادس ابتدائي، و54 تلميذا من مستوى الأولى باكلوريا، و66 تلميذا في الثانية باكلوريا من جميع الشعب، وفي مواد مختلفة خاصة الرياضيات والفلسفة والفيزياء وعلوم الحياة والأرض واللغات. ويؤكد جهاد الدياني، رئيس الجمعية، أن هذه الحصص أشرف عليها أعضاؤها المتطوعون من حملة الشهادات الجامعية والثانوية، بشكل مجاني وطيلة أسابيع ووفق تقسيم خاص، مشيرا إلى أنه في غياب الدعم ورغم قلة الإمكانيات، فإن "شغفنا للعمل الجمعوي التطوعي وحب الطفولة، يشجعنا على مثل هذه المبادرات للمساهمة في التنشئة الاجتماعية اللازمة". جهاد، طالب جامعي في شعبة القانون بكلية الحقوق بجامعة فاس، استثمر تجربته الجمعوية وفي تدريب الطفولة والشباب وهو الحاصل على دبلوم بشأنها من الوزارة، لإطلاق هذه الجمعية الفتية مع طاقات شابة مهتمة بالطفولة من رفاقه الذين خبروا الكثير في تنشيطها والعمل الجمعوي والتربوي، بعدما راكموا تجارب بجمعيات أخرى. ويؤكد المتحدث ذاته أن الجمعية لا تقتصر في أنشطتها على تقديم الدعم التربوي المجاني في زمن استشرت فيه آفة "الساعات المؤدى عنها"، أو على أنشطة موسمية، بل تؤطر يوميا 85 طفلا و40 يافعا وشابا من المدينة، في مجالات مختلفة، موازاة مع أنشطة أخرى تروم مواكبتهم للارتقاء بمستواهم التعليمي والدمج بين الأنشطة والدراسة وتحفيز المتفوقين فيهما. ويروم المتطوعون تأطير الأطفال والشباب تأطيرا جادا وهادفا موازاة مع استفادتهم الدورية من أنشطة أخرى، من قبيل المسرح والتعبير والترفيه لإكساب شخصيتهم القوة والصلابة اللازمتين، ما يمكنهم من الاندماج مع شرائح المجتمع، والتخلي عن الأمراض التي يسببها الشارع كالتدخين والانحراف المستشري بشكل مخيف. وبذلك "تحمل أطر هذه الجمعية مشعل بناء رجال ونساء المستقبل بناء سليما وناجعا بتفعيل شعار "نلتقي لنرتقي"، على أن يكون الرقي شاملا" يقول جهاد، مؤكدا أن الجمعية لا تكتفي بما سبق، بل "تقوم أيضا بأعمال إنسانية واجتماعية، من قبيل توزيع قفة رمضان وتنظيم مسابقة لترتيل القرآن وأنشطة أخرى تفعل من خلالها أهدافها المسطرة". حميد الأبيض (فاس)