مفاجـأة فـي حمـام قـرب أوزود

طاقم تصوير فيلم أمازيغي اكتشف أنه مجاني وذو تنظيم عجيب تفتقر القرى إلى الحمامات الجماعية الشعبية، وتقتصر في بعض الدواوير على حمامات فردية تصنع بطريقة تقليدية، ولا تسع إلا لشخص، إذ على من يرغب في الاستحمام انتظار انتهاء الأول، وهي حمامات ترى في الطرق الجبلية داخل الدواوير، إذ توجد بقرب المنازل، وتتميز بشكلها وبغلافها الخارجي المصنوع من صفائح القصدير. لكن بجماعة أيت تكلا، وبالضبط عند الوصول إلى منتزه شلال أوزود، وقبل التدحرج عبر الدروج الإسمنتية، قصد التوجه إلى السفح، توجد فجوة بين الدكاكين المتراصة، قرب فندق صغير، تؤدي مباشرة إلى دوار تناغملت، حيث كانت مفاجأة لطاقم التصوير، بحجم المحافظة على تراث فريد، ينم عن اهتمام أهل "المشيخة" بالنظافة، وبما يسمى "تيويزي"، أي العمل الجماعي. لم تكن المناسبة زيارة شلالات أزود ذات مناظر انهمار المياه والمجاري العذبة، بل اختيرت المنطقة من قبل المخرجة فاطمة بوبكدي، لتصوير الفيلم الأمازيغي "حمو أو نامير"، ونظرا لأن أيام التصوير تفوق العشرين يوما، فإن كل الطاقم من ممثلين وتقنيين، استقروا بالمنطقة ووزع بعضهم على الفنادق الصغيرة بأوزود، كما تم اكتراء مننزلين بدوار مجاور، يطلق عليه "تناغملت"، لا يفصل بينه وبين مركز منتزه أزود سوى بضع دقائق يسلكها الطاقم وهو يحمل معدات التصوير وغيرها. بعد حوالي عشرة أيام من التصوير، فكر خمسة أفراد من الطاقم، وكانوا من الفئة التي تقيم بدوار "تناغملت" في استغلال صبيحة اليوم الموالي، للتوجه إلى مركز أزيلال قصد البحث عن حمام شعبي، سيما أن الاستحمام بالمنزل لا يفي بغرض إزالة العياء والأوساخ. وبعد أن وجه أحد أفراد الطاقم سؤالا لواحد من أبناء الدوار نفسه، يطلب منه أن يدله على أقرب حمام شعبي، والمسافة التي توصل إليه، كان الرد مفاجأة، إذ أجابه بألا حاجة للتوجه إلى مركز أزيلال، فهناك حمام بالدوار نفسه يقع عند السفح، ويطل على الحقول والوادي. لم يسأله عن الثمن أو أي شيء آخر بل شكره على رده ثم انصرف إلى أصدقائه من أفراد الطاقم يزف لهم خبر عثوره على حمام شعبي قريب جدا، وبالدوار نفسه. توجه الخمسة إلى المكان الموصوف عند منتهى منازل الدوار، فوجدوا دخانا يخرج من فوق فوهة منصوبة على سطح منزل، لكن المفاجأة أنهم حين ولجوا لم يجدوا أي شخص، فالحمام غير محروس، وليس به الجابي المكلف بصندوق الأداء، فاعتقدوا أن الأداء يكون بعد الاستحمام ثم دخلوا إلى الغرفة القليلة الإضاءة، قبل أن يشرعوا في الاستحمام. يتكون الحمام من غرفتين متوسطتي الحجم، بإحداها يوجد صهريج إسمنتي مخصص للمياه الساخنة، وفي الغرفة الأخرى يوجد مثيله لكنه خاص بالمياه الباردة، يستقي المستحم الماء من الجهتين معا، وبعد أن يستغرق وقتا في الغرفة الدافئة يشرع في تنظيف جسمه وفق الطريقة المتعارف عليها، ويمكن لمن لم يستحمل حرارة الغرفة أن يتوجه إلى الأخرى البعيدة عن البخار. بعد أن أنهى أفراد الطاقم الاستحمام خرجوا من الحمام بالطريقة نفسها التي دخلوه بها، فلا أحد سألهم عن الأداء. بدؤوا يبحثون عن طريقة لترك المبلغ، فاستفسروا مارا من المكان، ليجيبهم مستعرضا عليهم قصة الحمام المجاني. أخبرهم أن الحمام ملك للجماعة، ليست الجماعة القروية، بل يقصد مجموعة من الأشخاص الذين يقطنون بالدوار ويشكلون تنظيما عرفيا يفصل في الأمور المشتركة. وأن الحمام موزع حسب أيام الأسبوع، فهناك يومان للنساء، والباقي للرجال مع استثناء يوم يحتكر فيه زعيم القبيلة أو الشيخ، الاستحمام هو وأفراد عائلته. كما أكد أن الحمام والطريقة موروثان عن الأجداد، أما تكاليف التسخين والصيانة، فإن الجماعة نفسها، وزعت المهام حول السنة، وتتكلف كل أسرة بحطب التدفئة يوما واحدا في العام، ومن لم يستطع جمع الحطب والقيام بواجبه في اليوم المخصص له، فإنه يؤدي مبلغا ماليا لشخص يتكلف بالمطلوب بالنيابة عنه. أما الصيانة في حال احتاجت البناية لها، فإن للجماعة طرقا في التدبير والتسيير، لا تقتصر فقط على الحمام، بل تمتد إلى مختلف الحياة الجماعية لسكان الدوار. المصطفى صفر

مفاجـأة فـي حمـام قـرب أوزود

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

كحول مغشوشة تقتل 9 أشخاص بمكناس

السجن لسارق المنازل بالجديدة

مقالات ذات صلة