وسائل التواصل أبادت مهنة الوسيط التقليدي في الدعارة الذي أصبح مختفيا وراء الشاشة بارت مهنة الوسيط في الدعارة، بمفهومه القديم (القواد)، ولم يعد له دور كبير في تسهيل مأمورية لقاء الرجال بالنساء للمتعة. وتراجعت الوساطة (القوادة) أمام انتشار وسائل ووسائط التواصل (الواتساب والفيسبوك والإنستغرام)، التي غزت المجتمعات وفرضت نفسها فعلا كوسيط جديد سهل المنال، بسط طريقة ربط العلاقات خاصة بين الرجال والنساء قصد ممارسة البغاء، في السر وبأقل الأضرار المادية والمعنوية. ولم تعد دور البغاء معروفة ومنتشرة في أغلب المدن المغربية كما في القديم، إذ كانت أحياء معروفة ومخصصة لاحتضان الراغبين في تمضية ساعة أو ساعات مع مومس أو للمبيت حتى. فوسائل التواصل سهلت اللقاءات بين الجنسين وبسطت الأمور وألغت دور الوسيط التقليدي، بل يمكن القول، "إنها خلقت وسطاء جدد مختفين وراء شاشات الهواتف الذكية والحواسيب". لم تعد الفتيات اليوم ولا الشباب في حاجة إلى وسيط لترتيب لقاء حميمي، بل يكفي التوفر على هاتف ذكي وتعبئة دائمة للتوغل في متاهات "فيسبوك" و"تكتوك" و"واتساب" للبحث عن صديقات أو أصدقاء دائمين أو مؤقتين لتزجية الوقت أو لاقتناص فرصة قصد ممارسة الجنس في أي مكان، في سيارة، أو في حديقة أو على باب عمارة أو سطحها. تقول امرأة في الستين من عمرها، احترفت الوساطة في البغاء ودخلت جراء ذلك السجن عدة مرات: "اليوم كلشي بسال، الوقت تغير. كنا كنخدمو بالعز، كيجيك الراجل بعقلو وبفلوسو وكيطلب منك إيجاد امرأة يمواصفات معينة وكان كيتهلى فينا، اليوم الدراري ما عارفين حتى أش باغين". وأضافت المرأة التي فضلت عدم ذكر اسمها للحديث إلى "الصباح"، "تقواديت ما بقا عندها سر، اليوم العيالات يضربو مواعد مع الرجال عبر الهاتف ويخرجو معاهم للعروبية ويباتو عندهم ويقضيو معاهم يوم ولا يومين دون خبار عائلاتهم، ما بقات معنى احنيني". ولجأت العديد من العاملات في البغاء إلى استغلال التطور التكنولوجي وانتشار الشقق المفروشة للعمل خفية دون لفت انتباه السلطة المحلية والأمنية. ومنذ سنتين تقريبا، تمكنت الشرطة القضائية من فك لغز شبكة مختصة في البغاء دوخت العناصر الأمنية بالجديدة ومراكش والبيضاء، إذ تم الاهتداء إلى استغلال العديد من الفتيات في البغاء دون الوصول إلى الرأس المدبر التي كانت تسير هذه الشبكة عبر عدد من الأرقام الهاتفية المجهولة. وتوصلت الشرطة نفسها إلى خيط رفيع قادها أخيرا إلى التوصل إلى الوسيطة وهي امرأة في عقدها الثالث، تمكنت بذكائها من نسج علاقات مع فتيات عبر صفحتها الخاصة وتوصلت بصور لنساء جميلات في وضعيات مختلفة، كانت تعرضهن عبر تقنية الواتساب على الراغبين في ممارسة الجنس من بعيد (لا عين شافت ولا قلب وجع). وكانت الوسيطة الجديدة تعرض على المتصل بها صورا لفتيات كثيرات لاختيار المناسبة له، ثم تتفق معه على السعر المناسب. وتتدخل في تحديد السعر نفسه ومدة اللقاء والمكان، يعني هل يتوفر على مكان اللقاء أو لا ويبدأ السعر من 200 درهم. وبعد الاتفاق والأداء القبلي، يتم إرسال "السلعة" إلى المكان المتفق عليه أو يتم استقبال الزبون في مكان يتم تحديده دائما عبر الواتساب". وبذلت عناصر الشرطة القضائية جهدا كبير في سبيل فك لغز هذه الوسيطة، إذ توصلت إلى عدة أرقام، قبل أن تضع يدها على رقم "الباطرونة". وانتحل ضابطان صفة شخصين يرغبان في تمضية بعض الوقت مع فتاتين. وتم إرسال الصور إليهما وفي احتياط كبير، تم اختيار المطلوب وتم الاتفاق على السعر ومكان اللقاء. والتحق الضابطان في الزمان المحدد بشقة تم إرشادهما إليها، ووجدا امرأتين في مقتبل العمر في انتظارهما. وبعد تعميق البحث معهما، توصلا إلى اسم الوسيطة ومكانها وتم إلقاء القبض عليها. أحمد ذو الرشاد (الجديدة)