مغرضون على مواقع التواصل الاجتماعي أفسدوا عليها فرحتها وأقحموها في حساباتهم الضيقة وجدت التلميذة هبة، الفائزة بلقب "ملكة الرياضيات" في أولمبياد الرياضيات برواندا، نفسها وسط دوامة التعليقات على حفل تكريمها، بمسقط رأسها "بويكرى"، إذ استغل بعض المغرضين صورها لتصفية حسابات سياسية ضيقة مع المسؤولين المحليين على القطاع، ومع وزير التعليم. وانتشرت صور للتلميذة المجتهدة، التي تفوقت على زملائها من مختلف الدول الإفريقية في المسابقة القارية في الرياضيات، وهي تقف في الصف الثاني، أثناء عزف النشيد الوطني إلى جانب صديقاتها، ما اعتبره البعض سطوا على مقعدها، وأنها ضحية تهميش المنتخبين الذين يتسابقون على التقاط الصور. وحقيقة الصورة أن التلميذة كانت تجلس في البداية في الصف الأول بالقرب من والدها ووالدتها، قبل أن تترك مكانها وتجلس في الصف الثاني مع صديقاتها، وظل كرسيها فارغا لم يجلس فيه أحد، وهو ما يسقط الادعاءات الكاذبة. ولم يقف محدودو الأفق عند صورة عزف النشيد الوطني، إنما أطلقوا العنان لأنفسهم، لانتقاد الصورة التي ظهرت فيها، تحمل شيكا قدم لها، عرفانا بمجهوداتها، وتشجيعا لموهبتها للتألق في قادم المناسبات. والتقطت التلميذة المجدة صورة وهي تحمل شيكا بقيمة 5 آلاف درهم، وآخر بقيمة ألف درهم، ما وجد فيه المغرضون مادة دسمة لممارسة "شعبويتهم" المعهودة، معتبرين أن قيمة الشيك لا تعادل قيمة ما قدمته، على اعتبار أنها رفعت راية البلاد في محفل دولي. ولا نعلم كيف تفاعلت هذه التلميذة مع هذه الآلاف من التدوينات التي علقت على صورتها، لكن الثابت أن البعض أفسد عليها فرحتها، وأدخلها في نقاشات بعيدة عليها وعلى سنها وأسرتها، التي ربتها على الاجتهاد إيمانا به، وليس من أجل منحها شيكا ضخما. وحسب المعلومات التي خرج بها بعض القريبين من التلميذة، فإن هذه الهدايا المالية قدمت لها من قبل بعض الجمعيات، التي تدعم التمدرس، وهناك بعض من قدم لها هدايا أخرى، وفضل عدم تصويرها. لكن لماذا وجدت تلك الانتقادات مجالا للانتشار، وتبناها كثيرون؟ يتعلق الأمر بثقافة الشيكات والهبات التي يؤمن بها البعض، ويرى أن أي إنجاز يحققه موهوب ما، وجب إغراقه بالأموال، من أجل تحسين وضعيته، وهذا أمر غير سوي، ويدخل في ثقافة الريع. إن الشيك والهدية الحقيقية التي قدمها المغرب لهذه التلميذة، هو توفير مدرسة ومدرسين في المستوى، علموها عشق الرياضيات والتفوق فيها، كما أن أفضل هدية هو تشجيعها على المشاركة في مسابقة الرياضيات وطنيا وقاريا، ومرافقتها هي وزملاؤها إلى رواندا وتقديم الدعم لهم. وذهب البعض إلى حد القول إنه يجب أن تخصص للتلميذة خمسة آلاف درهم شهريا، وهو اقتراح أقل ما يمكن القول إنه أنه ساذج، ولا يستوعب الصورة الكاملة للتنمية، كما لا يستوعب أيضا أدوار الدولة ومؤسساتها. ورغم أن البعض يستوعب هذا الأمر، لكن حقده على نماذج تضيء عتمة التخلف بين الفينة والأخرى، جعله يكفر بجميع المبادرات، ويكرس فكرة أن المجتمع والدولة لا يساعدان المبدعين، رغم أن الفتاة قادمة من عمق المجتمع ونتاج مؤسسات الدولة، ولم تستأجرها من بلد آخر للمشاركة في الأولمبياد. عصام الناصيري