شهادة طفل تكشف جريمة قتل

بعد فشل المتهم في إقناع الضحية بالعدول عن السفر أسقطها في الساقية توصلت مصالح الدرك الملكي بخبر العثور على جثة فتاة طافية فوق مياه الساقية، وبعد التعرف عليها، حامت شكوك حول ضلوع خطيبها في قتلها. لم يجد إنكار المتهم ولم يبعد عنه شبهة القتل العمد، لكن شهادة طفل قريب من الضحية، أزالت اللثام وكشفت الغطاء عن جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد. حلت فرقة دركية بالساقية وعملت على توجيه جثة الهالكة نحو مستودع الأموات بالمستشفى الإقليمي، وفتحت بحثا حول ظروف وملابسات غرقها. وزاد العثور على حقيبة ملابسها بحقل للذرة من تعقيد القضية. واستمعت الضابطة القضائية لوالدتها، فأكدت أنها غادرت المنزل بعد توديعها في اتجاه مقر عملها بالبيضاء، قبل أن تعلم بالعثور على جثتها، ووجهت أصابع الاتهام نحو أسرة خطيبها. أصل المشكل ربطت فتيحة علاقة حب مع سعيد وتوطدت بينهما واتفقا على الزواج. طالت مدة تعارفهما وقررا، أخيرا، مفاتحة والديهما لتسريع ووضع الترتيبات المتعلقة بليلة الزفاف، لكن مفاجأتهما كانت كبيرة، عندما عبرت والدة خليلها عن عدم رضاها عن الاقتران بها. حاول سعيد بكل قواه الدفاع عن اختياره لفتيحة زوجة المستقبل، ولجأ إلى أخواته لتعزيز صفه في الدفاع عن رغبته في الزواج بصديقته أمام والدته، لكنها تمسكت برأيها وقفلت الموضوع بالبت نهائيا فيه بالرفض المطلق. غضب سعيد وسافر إلى البيضاء، وعلمت والدة فتيحة بما حدث بينهما، فقررت رفع شكاية أمام النيابة العامة لإجباره على إصلاح خطئه بالزواج بها أو قضاء بعض السنوات بالسجن نظير ما اقترفه من جرم في حق ابنتها. واضطرت والدته لمسايرة والدة الفتاة، وأبانت عن حسن نيتها بأنها تراجعت عن موقفها وأنها لا ترى مانعا من زواج ابنها من ابنتها. وتقدمت لخطبتها رسميا وأقامت حفلا حضره عدد من أفراد العائلتين واتفقت معها على تنظيم حفل الزفاف خلال العطلة الصيفية. وطلبت الأم من ابنها العودة إلى البيضاء والاختفاء مؤقتا عن الأنظار إلى حين نسيان الموضوع. ولم يعد يتصل بخطيبته فراودتها الشكوك في تصرفاته. وقررت السفر إلى البيضاء للبحث عن عمل والبقاء قريبة منه والتأكد من حقيقة نواياه. اللقاء بالمتهم قررت فتيحة السفر إلى البيضاء بعدما ناقشت الموضوع مع والدتها، فشجعتها على ذلك. وحطت الرحال عند خالتها مؤقتا ووجدت عملا بأحد المعامل، ثم بدأت رحلة البحث عن خطيبها الذي اختفى عن الأنظار. وبعد بحث طويل عثرت عليه، فرحب بها وعجبته الفكرة، سيما أنهما سيعيشان معا بعيدا عن مشاكل والدته التي لا تنتهي. وانتقلت للعيش معه حيث يسكن، وظلت متمسكة بعملها. وكان يعيشان عيشة الأزواج، وكانت تتردد على خالتها نهاية كل أسبوع، ما جعلها تطلب منها تسوية وضعها مع خطيبها، لأنه لا يمكنها العيش معه على هذا الشكل طيلة حياتها. وظلت تطالبه بضرورة تحرير عقد زواج ليعيشا مطمئنين، إذ كان وضعهما غير سليم من الناحية القانونية. واتفق المتهم مع والدته على العودة من أجل عقد قرانه بخطيبته، فطمأنته، مما شجعهما على الرجوع عند والديهما في أفق إحياء ليلة الزفاف، لكنهما فوجئا بها مرة أخرى تواصل رفضها السماح لهما بالاقتران رسميا. وتدخل بعض أفراد العائلتين وحاولوا ثني الأم عن رأيها لكنهم فشلوا في إقناعها، وأصيبت فتيحة بخيبة أمل واتهمت خطيبها بأنه عديم المسؤولية وغادرته وقررت العودة من جديد إلى البيضاء لاستئناف عملها. العثور على جثة بينما كان رئيس المركز الترابي ينظر في ملف موضوع أمامه، اتصل به قائد القيادة وأخبره بضرورة الانتقال إلى قناة الري، حيث تم العثور على جثة فتاة في مقتبل العمر. جهز رئيس المركز نفسه دورية وتوجه نحو الساقية، فوجد جمعا غفيرا من المواطنين متحلقين حول مكان الجثة. وعاينها ولاحظ عليها كدمات على عينها اليسرى وانتفاخا بإحدى شفتيها. وكانت ترتدي جلبابا يميل إلى اللون البرتقالي وسروالا يحمل زهورا مختلفة الألوان. وتقدم منه عون السلطة وأخبره بهويتها، مضيفا أنها تعمل بالبيضاء. تم استدعاء والدة الضحية واستمع إليها شفاهيا، فأكدت أن ابنتها ودعتها بعدما قررت العودة إلى عملها. وأضافت أن الحقيبة التي تم العثور عليها بحقل الذرة تعود إليها واستغربت سبب وجودها هناك، سيما أن المكان يبعد كثيرا عن قناة الري. ووجهت اتهامها المباشر لعائلة خطيب الضحية، التي رفضت السماح له بالاقتران بها. تعميق البحث واصلت الضابطة القضائية أبحاثها وتحرياتها بالاستماع إلى كافة الأطراف التي لها ارتباط بالضحية، لكن النيابة العامة، طلبت منها رفع اليد وتسليم الملف برمته إلى المركز القضائي. استهل رئيس المركز ذاته البحث بالاستماع إلى شقيقات الضحية، فأكدن جميعا أنها غادرت المنزل في اتجاه مقر عملها وأنها منذ ذلك الوقت لم تعد إلى المنزل، إلى أن سمعن بغرقها بالساقية. وتم استقدام والدة المتهم، لأنها تعتبر المشتبه فيها الأولى، فنفت رأيتها منذ تاريخ خطوبتها، لكن بعض ضيوفها، أدلوا بتصريحات مناقضة لتصريحاتها، إذ أكدوا أن الضحية زارتها ليلة الواقعجة لكنها منعتها من الدخول واعتدت عليها بالضرب والجرح. وأعيد الاستماع إليها من جديد وواجهتها الضابطة بهذه الحقيقة، فتراجعت عن إنكارها وأكدت أنها بالفعل قدمت عندها، لكنها منعتها من الدخول ونفت اعتداها. واستمع للخطيب فنفى بدوره اللقاء بخطيبته، مصرحا أنه علم بسفرها وتبعها إلى البيضاء قبل أن يعلم بإلقاء نفسها في الساقية. وتقدم طفل من أقارب الضحية، وأدلى بشهادة فاصلة، أكد فيها أنه لما رافقها نحو المحطة الطرقية، ناوله المتهم 5 دراهم وطلب منه العودة إلى المنزل، فتركهما هناك وعاد إلى بيته. وحاصرت الضابطة القضائية المتهم وواجهته بتصريحات الطفل، فانهار واعترف بأنه رافقها نحو الصهريج المائي وحاول إقناعها بالعدول عن السفر، لكنها رفضت ذلك ووصفته بعديم المسؤولية وبأنه غير قادر على اتخاذ أهم قرار في حياته، فاشتبك معها مدعيا أنه يجهل كيفية سقوطها في الساقية. ولم تقتنع المحكمة بذلك، وخلصت إلى أن جناية القتل العمد مع سبق الإصرار ثابتة في حقه، وأدانته بالمؤبد. أحمد ذو الرشاد (الجديدة)

شهادة طفل تكشف جريمة قتل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مستودعات سرية لتخزين المخدرات

سيدي بنور... التنمية المفقودة

مقالات ذات صلة