بورتري: أبناء بلا عقد

إيجة، أمازيغية من الأطلس الصغير، لم يتعد عمرها 19 سنة، تحمل رضيعا بين أحضانها فيما ابنها الثاني حملته على ظهرها. بدت عليها تجاعيد تحت العينين رغم سنها الصغير. كانت تنتظر دور ابنها في الفحص بمناسبة مرور قافلة طبية في إحدى قرى اقليم تارودانت، حينما همست إلى إحدى مرافقتها تطلب منها أن تلمس ابنها الصغير لتقيس درجة الحرارة. إيجة، هذا الاسم الأمازيغي، يجد له مقابلا بالعربي، ويعني "زكية"، لم تكن تحمل دفترا للحالة المدنية، وعندما سألتها المكلفة عن عدد الأشهر التي بلغها سن ابنها تلعثمت وأجابت بأن عمره حوالي سنتين، فعاودت الممرضة سؤالها إن حملت معها كناش الحالة المدنية للتأكد بالضبط من عدد الأشهر التي بلغها، إلا أنها أخبرتها أنها لم تنجز بعد دفتر الحالة المدنية وتنتظر أن يتوجه زوجها إلى المحكمة لإنجازه.تروي الممرضة التي اشتغلت في العديد من الحملات الطبية التطوعية بالجنوب المغربي، أن دفتر الحالة المدنية الذي يشترط التوفر أولا على عقد الزواج، يسهل عمل الأطباء والممرضين، من حيث التعرف على السن بالضبط، وحتى لإنجاز الوصفات الطبية وكتابة الاسم الصحيح للمعنيين بالتطبيب أو أوليائهم. وتستغرب الممرضة من أن زوج المعنية بالأمر يشتغل سائقا لشاحنة بشركة ويتوفر على جميع وثائق الشغل ومنها التغطية الصحية، إلا أنه لا يستفيد منها كما لا تستفيد منها زوجته، ببساطة لانعدام عقد الزواج.إيجة التي تبين أن ابنها تعرض لنوبة برد، لم تغادر القافلة الطبية إلا بعد أن شرحت للممرضة السبب الذي حال دون إنجاز عقد القران، إذ أنها لم تكن تتعدى 16 سنة حينما تقدمت عائلة زوجها لخطبتها، وعندما تمت استشارة فقيه يكلف عادة بالتوسط بين العدول والراغبين في عقد القران ويحضر طقوس قراءة الفاتحة وتقديم المهر، أخبر العائلتين بأن زواجها يتطلب إذنا من القاضي لأنها لم تبلغ بعد سن الزواج حسب ما هو منصوص عليه في المدونة. وأمام ضيق الوقت، سيما أن الأسرتين اتفقتا يوم الخطبة على تاريخ العرس والتحاق الزوجة ببيت زوجها، كما بنتا كل تلك الأشياء على عطلة الخطيب السنوية، التي إن مرت، فالزواج يؤخر بسنة على الأقل.لم تأبه الأسرتان بفصول القانون وقررتا تنظيم الحفل، فالأعراف في المنطقة تقول إن الفتاة لا ينبغي أن ترد من تقدم إلى خطبتها، وإلا فإنها ستظل بدون زواج.هكذا تم الزواج. أما بخصوص تدوين عقد القران، فإن "إيجة" كانت تنتظر أن يباشر زوجها دعوى ثبوت الزوجية، عندما يسمح له الوقت، وقد يتم ذلك في سنة أو سنتين، أو حتى يبلغ الأطفال سن التمدرس. وهي لا ترى في ذلك مشكلا، سيما أن قريناتها بالدوار يعشن الوضع نفسه. م . ص

بورتري: أبناء بلا عقد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خيمة متنقلة لتوثيق الزيجات بتارودانت

القانون وحده لا يكفي للإجبار على توثيق الزواج

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات