القانون وحده لا يكفي للإجبار على توثيق الزواج

تقاليد وأعراف تتعارض مع القانون في مواجهة نجاح تفعيل المادة 16 من مدونة الأسرة بعد انقضاء أجل خمس سنوات التي حددها قانون الأسرة في حلته الأولى بدا أن القانون، المادة 16 من مدونة الأسرة، لم يستطع إلزام المخاطبين به في الامتثال له لتوثيق الزيجات، وتراكمت الملفات من جديد أمام قضاة الأسرة، أمام عائق فوات أجل تطبيق المادة 16 التي تقول «تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج، وإذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات، و كذا الخبرة، وتأخذ المحكمة بعين الاعتبار، وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين. ونصت الفقرة الأخيرة على أنه «يعمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات، ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ».سماع دعوى الزوجية لم يعد قانونيا انطلاقا من سنة 2009، وأمام الحاجة الملحة للاستجابة لطلبات الأسر التي لم توثق زاوجها خلال الفترة سالفة الذكر، اضطر المشرع إلى تمديد الفترة من جديد ووضع أجل جديد مدته خمس سنوات تنتهي سنة 2014.آلية التشريع وهي تستجيب للحاجة الملحة التي انبنت على تراكم الملفات بمحاكم الأسرة، خارج الأجل السابق، وإن كانت واقعية من الناحية القانونية، فإن تساؤلات عريضة تطرح من جديد، وتبحث عن أجوبة حول مدى فعالية القانون كوسيلة للقضاء على الخلل الذي يعتري إنجاز عقود القران في وقتها، أو في الآجال القانونية التي تحدثت عنها مدونة الأسرة.فتوثيق الزواج في البادية لا يتوقف فقط على المادة 16، التي تم تمديد العمل بها بعد الأجل الجديد، كما أنه لا ينحصر دائما في الوضعية المادية للأزواج ومدى قدرتهم على التوجه إلى المحكمة والحصول على إذن الزواج قبل التوجه في العدول لتوثيق العقد، بل هناك معيقات أخرى بعضها يظهر على شكل تقاليد وأعراف، وآخر يظهر صدفة وتمليه ظروفا معينة يعشها أطراف العلاقة.النسيج الاجتماعي في الوسط القروي، سيما في المناطق الجبلية بالأطلسين المتوسط والصغير والريف، يختلف تماما عن نظيره بالمدن، وتتحكم الأعراف والتقاليد في المارسات، وتجابه القانون الذي تعتبره يحد من حريتها ويغير عاداتها.ويرى البعض أن استمرار الزيجات خارج المادة 16، سيظل قائما، في تلك المناطق، إذ أن الزواج بالقاصرات فيها، أمر عاد، فالمرأة أولا وأخيرا، ربة بيت، تقوم بالواجبات المنزلية وتربي الأبناء كما تسهر على القيام بأشغال أخرى تعين فيها الزوج، ولا تطلعات ثقافية أو حقوقية لديها، إذ أنها سرعان ما تصطدم بوعرة الجبال والمسالك التي تحد بصرها وتجبرها على الذوبان في تقاليد محيطها.ففي بعض المناطق، تتقلص حظوظ المرأة في اختيار الزوج مباشرة بعد تصاعد سنها من العشرين نحو الثلاثين، وقد تفقد تلك الحظوظ إن بلغت سن الثلاثين، فتجد الفتيات يتسارعن إلى الزواج ويتباهين بالدخول إلى قفصه مبكرا.وبطبيعة الحال فإن المساطر التي تقتضيها مدونة الأسرة بالنسبة إلى زواج القاصر، تكون حائلا دون توثيق عقد الزواج، فانتقال الخطيب والخطيبة من البادية حيث سكناهما إلى المدينة حيث محكمة الأسرة، ليس مقبولا، كما أن ما يستلزمه إذن القاضي لتزويج القاصر، من وقت وجلسات، يأخذ وقتا كبيرا، وقد ينتهي بعدم الموافقة، في الوقت الذي تكون فيه الأسرتان حددتا تاريخ العرس وقرأتا الفاتحة بين الاثنين، فالعقد بالنسبة إلى هذه الشرائح من المجتمع ليس وسيلة إثبات للزواج، إنما الوسيلة هي «مجلس النكاح»، الذي يحضره الأقرباء وينظم وفق طقوس موروثة تتكلل بتلاوة القرآن والإعلان رسميا عن تزويج فلانة لفلان، كما ينتهي بعرس يكون بمثابة إشهار الزواج.أمام هذا الواقع، ورغم الحملات التحسيسية التي انطلقت من تارودانت، فإن توثيق الزيجات عن طريق سماع دعاوى ثبوت الزوجية سيتم وستتكلل خمس سنوات الإضافية بأرقام كبيرة جديدة، لكنها لن تحد من الزواج بدون عقد، وقد تنتهي المدة ويجد المشرع نفسه مجبرا على إعادة فتح المجال من جديد، أو إلغاء الفقرة الأخيرة من الفصل التي تحدد آجال سماع دعاوى ثبوت الزوجية. المصطفى صفر

القانون وحده لا يكفي للإجبار على توثيق الزواج

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بورتري: أبناء بلا عقد

غوميجة: استمرار التعبئة لتفعيل مقتضيات المادة 16 سيمكن من الوصول إلى الهدف

مقالات ذات صلة