خيمة متنقلة لتوثيق الزيجات بتارودانت

قضاة الأسرة بالمدينة يستمعون إلى دعاوى ثبوت الزوجية في خيمة متنقلة بالسوق الأسبوعي لجماعة "أيت إيعزة" بإقليم تارودانت، تجمهرت مجموعة من المواطنين ينظرون إلى ما يجري داخل الخيمة، فهم لم يألفوا ذلك من قبل. هيأة محكمة متنقلة تعقد جلستها في الهواء الطلق، وأشخاص يقفون أمامها ويدلون بوثائقهم، ماذا يجري في قريتهم الصغيرة؟ تساؤلات كانت تثير كل من مر بالقرب من الخيمة المتنقلة، "ما يجران؟ ختاد أكما تكا تيكمي ؤمصاراد "، فمنهم من لم ير ذلك المشهد إلا في التلفاز. على طاولة خشبية وضعت مجموعة من الملفات وجلسة رئيس الهيأة الأستاذ محمد أيت هماد، وبجانبه اثنان من مستشاريه وكاتبة ضبط وممثل النيابة العامة، وشرعوا في دراسة الملفات المطروحة أمامهم في إطار دعوى سماع ثبوت الزوجية. نادى القاضي على أحد المتقاضين الذي حضر لأجل توثيق عقد زواجه، وبعد سؤاله عن اسمه ولقبه والغاية من حضوره، أكد المتقاضي أنه حضر لأجل توثيق زواجه الذي أقامه في 1972، إلا أنه لم يحضر معه لا الزوجة ولا الشهود ما اضطر القاضي إلى تأخير النظر في ملفه إلى جلسة أخرى إلى حين إحضار زوجته والشهود.ثم نادى على الملف الثاني الذي يخص سيدة متقدمة في السن حضرت مع ابنها لأجل توثيق زواجها من زوجها المتوفى سنة 1975 في حادثة سير لم تكن تلك السيدة تعرف اللغة العربية، ما يتطلب وجود مترجم لتلك الغاية، فجلسات المحكمة تعقد باللغة العربية. اندهش الحضور وانتظروا كيف سيتعامل رئيس الهيأة مع الوضع، وهل أخذت تلك النقطة بعين الاعتبار أم لا؟ ولم يأخذ السؤال عن تلك الأسئلة الكثير بعد أن سأل القاضي السيدة عن اسمها وسنها باللهجة الأمازيعية، وطلب منها بطاقة تعريفها، فأحست السيدة بنوع من الاطمئنان أبعد عنها الدهشة التي صاحبتها منذ وقوفها أمام المحكمة. وانخرطت في البحث عنها بين ثنايا ملابسها دون أن تعير الحضور أهمية، وبعد أن أخرجتها من الجيب الخلفي أمدت القاضي بها، وشرعت في الإجابة على أسئلته بكل تلقائية، ببأنها تزوجت من زوجها المتوفى بالفاتحة وبشهادة عدلين، وأنه توفي سنة 1975، بعدما أنجبا 10 أبناء بقي منهم على قيد الحياة 7، وحضر معها شاهدان بالنظر إلى أن دعوى ثبوت الزوجية تتطلب ذلك وأكد الأول أنه من مواليد 1984، وبعد أدائه اليمين سأله القاضي كيف يمكن له أن يشهد على واقعة لم يعشها، فأوضح أنه بالنظر إلى أنه يسكن المنطقة نفسها يسمع بأن "أركاز" أي زوج فاطمة توفي في 1975، وأن لها منه 10 أبناء بدأ يذكر أسماء الواحد تلو الآخر ويستعين في ذلك بأصابع يده، واعتبر رئيس الهيأة شهادته بالسماع ثم نادى على الشاهد الثاني الذي أكد الوقائع نفسها، ليحجز القاضي الملف للمداولة. ويسترسل في دراسة باقي الملفات المعروضة خلال تلك الجلسة والتي بلغت 58 ملفا.الناصري يتابع مجريات الجلسةتابع محمد الناصري وزير العدل، مجريات الجلسة التنقلية، التي عقدت في إطار الحملة التحسيسية، لسماع دعوى ثبوت الزوجية، وكان ينظر بإمعان كبير إلى القاضي رئيس الهيأة ويثني على إتقانه اللهجة الأمازيغية، واعتبر أن الوزارة تحاول الحد من ظاهرة الزواج بالفاتحة، بتعبئة الموارد البشرية والمادية واللوجيستيكية، خاصة انتقال القضاة العاملين في أقسام قضاء الأسرة بمختلف المحاكم إلى المناطق والقرى النائية، عبر جلسات متنقلة، للقيام بالإجراءات الإدارية، التي ستمكن الأزواج المقترنين بـ"الفاتحة" من توثيق زيجاتهم، كما أن المحاكم ستقبل كل الحجج التي تثبت الزواج، بما فيها اللجوء إلى الخبرة لحدود الخامس من فبراير من سنة 2014وأضاف الوزير أن عدد أحكام ثبوت الزوجية في المغرب في تصاعد مستمر مند انطلاق الفترة الانتقالية الأولى، إذ بلغت سنة 2009، 13 ألف و962 حكما في حين بلغت هذه الأحكام سنة 2008، 23 ألف و390 حكما وفي سنة 2007، 18 ألف و752 حكما.وأبرز وزير العدل أن المشرع المغربي وحفاظا منه على ميثاق الزوجية الذي يعتبر رباطا مقدسا أوجب منذ تقنينه لمسائل الأحوال الشخصية سنة 1975 وعبر جميع المحطات التشريعية ضرورة توثيق عقد الزواج، وهو ما ألحت عليه مدونة الأسرة وأحاطته بضمانات خاصة عبر إقرار مؤسسة قضائية جديدة وهي قاضي الأسرة المكلف بالزواج.محيط الخيمة اقترب رجل في الخمسينات من عمره، من باب الخيمة وحاول استفسار أحد الجالسين عن دعوى وجود هؤلاء الأشخاص في السوق، خاصة أن منهم وجوها ألفوا رأيتها في التلفاز، إضافة إلى وجود عدد مهم من رجال الدرك، بالقرب من الخيمة. إنها حملة توثيق الزيجات غير الموثقة، استغرب الرجل من ذلك الرد وتساءل كيف لزيجات حضرها الأهل ووافقوا عليها، بمباركة فقيه المنطقة أن لا تكون صحيحة، وهو السؤال الذي حاول أحد الحاضرين الإجابة عليه بتأكيد أن الهدف من توثيق عقود الزواج هو الحفاظ على الحقوق المشتركة في حال النزاع بين الطرفين وغيرها من الحالات كالإرث.وأضاف المتحدث أنه أضحى من الضروري تكثيف الحملات التحسيسية في أماكن نائية تلك التي تسيطر في أوساطها عادات معينة لا يتم توثيق عقود الزواج بواسطة عدلين ويكتفي بالفاتحة بحضور جماعة من الناس، ويكون عقد الزواج مستوفيا لجميع شروطه الشرعية الموضوعية ، دون الشرط الشكلي المتمثل في التوثيق. قاضي الجلسة يحكي عن الحملةأشار محمد أيت هماد، نائب رئيس المحكمة الابتدائية بتارودانت، الذي ترأس الجلسة المتنقلة، أن قضاة محكمة الأسرة، منخرطون لإنجاح هذه الحملة التحسيسية، وأن الجلسة الأولى ابتدأت من مركز أيت ايعزة بتارودانت، وستتواصل بجميع جماعاته البالغة 89، فضلا عن مناطق أخرى مجاورة لأن الأصل هو توثيق عقد زواج وإثباته، رغم وجود بعض الاستثناءات، من قبيل دعوى سماع الزوجية. وأضاف القاضي فيما يتعلق بتزويج القاصرات، أن المحكمة أصبحت حاليا تسمح لمن بلغت 16 سنة بالزواج، بعد خبرة قضائية ومراقبة بنية الفتاة الجسمانية، وبعد معرفة المستوى الدراسي للفتاة، ومعرفة إن كانت تعرضت لأي ضغوطات من أجل القبول بالزواج.وأبرز أيت هماد أن وزارة العدل، تعمل حاليا ومن خلال هذه الجلسات المتنقلة، إلى جانب إثبات عقود الزواج بالفاتحة، على شرح مضامين المادة 16 من مدونة الأسرة، لضمان تفعيل مقتضياتها المعدلة، بشكل جيد.يذكر أن وزارة العدل، أكدت في بيان لها، أن هذه الحملة التحسيسية جاءت بعد التعديل، الذي طال الفقرة الأخيرة من المادة 16 بتمديد الفترة الانتقالية الثانية لسماع دعوى الزوجية من أجل تسوية كل زواج غير موثق حفاظا على حقوق الزوجين والأطفال على الشكل التالي: «يعمل بسماع دعوى الزوجية في مرحلة انتقالية لا تتعدى عشر سنوات ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، بعدما تبين أن الفترة الانتقالية الأولى وما واكبها من تدابير ما زالت لم تسو فيها بعض الوضعيات». كريمة مصلي (موفدة الصباح إلى تارودانت)

خيمة متنقلة لتوثيق الزيجات بتارودانت

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فترة تمديدية للمادة 16لإثبات الزوجية

بورتري: أبناء بلا عقد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات