تقاعس السلطات عن محاربة احتلال الملك العمومي حول الفضاء إلى مسرح للفوضى طالما كان الشارع مرآة الحي السكني أو المدينة، لاحتضانه عددا من المقومات التي تجعله فضاء لجودة الخدمات الاقتصادية والاجتماعية ومكانا للترفيه وانسياب حركة السير، لكن الحقيقة عكس ذلك بشارع أفغانستان بالحي الحسني بالبيضاء. ولم يكن الموقع الجغرافي لشارع أفغانستان عاملا لتطوير المنطقة وكافة تراب المقاطعة، بل أدى إلى أدائها ضريبة غالية التكلفة تتجلى في الآثار السلبية لتزايد الكثافة السكانية والفوضى حتى صار الحي نقطة سوداء. شارع أفغانسان ومحيطه أصبحا نقطة سوداء بالحي الحسني، ومرتعا لتفريخ الجريمة بمختلف أصنافها، بسبب احتضانه سوقا عشوائيا ينقسم إلى سوق للملابس الجاهزة والمنتوجات الاستهلاكية في مزاحمة للسوق المركزي، وسوق للخضر والفواكه يطل خلف الشارع. وتم تنصيب هذين السوقين العشوائيين من قبل فتوات يتحدون القانون أمام مرأى ومسمع السلطات المحلية، إذ لم تتوقف الأضرار باحتلال الملك العمومي بل تعدته إلى تحولهما إلى فضاء لتجمع ذوي السوابق والمنحرفين، وهو ما شكل شبحا يقض مضجع السكان والزوار والمارة من مختلف الفئات والأعمار. تقاعس السلطة "نقطة بنقطة كيحمل الواد"، مثل ينطبق على شارع أفغانستان بالحي الحسني، الذي أدى تقاعس السلطات المحلية في القيام بواجبها في محاربة العشوائية به إلى احتضانه عددا من الفضاءات العشوائية، التي لا يمكن للغرباء دخولها. وتحول شارع أفغانستان إلى بؤرة سوداء تقض مضجع السكان والزوار، بفعل تنامي الوقائع الإجرامية به في الفترة الأخيرة. وكشف عدد من سكان الحي الحسني القاطنين بالعمارات السكنية المطلة على شارع أفغانستان، أو المحيطة بجوانبه، أنهم يجدون أنفسهم محاطين بفئات تنظم تجمعات مشبوهة أمام بوابات الإقامات، وكذا بالممرات المؤدية إلى الحي السكني، مطالبين بإحلال الأمن وتوفير برامج اجتماعية تشمل فئة تعاني البطالة. وأرجع منتقدو الوضع الكارثي بشارع أفغانستان ومحيطه، أصل ظاهرة الفوضى التي تمس بالأمن والنظام العامين، إلى غياب برامج اجتماعية موجهة إلى فئة الشباب العاطل عن العمل، الذي انغمس في الإجرام والعشوائية بابتداع وسائل بديلة للحصول على مورد رزق حتى لو كان ذلك يخالف القانون، من قبيل أصحاب "الكراول" المجرورة بالدواب أو أصحاب "التريبورتورات" والباعة الجائلين. وساهم تقاعس السلطة المحلية في احتلال الملك العمومي واستغلاله بدون سند قانوني، إذ هناك الاستغلال غير المقنن من قبل بعض المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية "الفراشة" إضافة إلى أصحاب "السترات الصفراء" المعروفين ب"الكارديانات" الذي يفرضون إتاوات على سائقي السيارات والدراجات بدون وجه حق، الأمر الذي نتج عنه تطاولا على حقوق الناس في التمتع بحريتهم الفردية والجماعية في الشوارع والأزقة. فتوات يتحدون القانون من الأمور التي أضحت تهدد سكان وزوار شارع أفغانستان في حياتهم، الانتشار المهول لأصحاب الدراجات الثلاثية العجلات، بعد أن قرر سائقوها تحويلها من دراجة لحمل السلع إلى وسيلة لتنقل الأشخاص، والانتظام في محطة قارة خلف الشارع وبالضبط بالجهة المقابلة للمستوصف الصحي، لعرض خدماتهم على الزوار العائدين من السوق العشوائي، الذي يطل على الدائرة الأمنية 15، أو الراغب في التنقل إلى وجهات محددة، حيث يتم تكديس الركاب في وضعية يمكن وصفها ب"مقابر متنقلة". وإضافة إلى مخاطر حوادث السير، التي تتسبب فيها دراجات "التريبورتورات"، هناك مشاكل يتسبب فيها سائقوها الذين ينتمي أغلبهم إلى فئة "المنحرفين" والفتوات، بعد أن صارت الدراجات الثلاثية العجلات مصدر إزعاج كبير للسكان وإقلاق لراحة المارة، خاصة مستعملي السيارات والراجلين، سواء في ما يتعلق بحوادث السرقة أو الاعتداء أو المعارك، التي تنشب بين بعض المشتبه فيهم. مطالب مستعجلة طالب عدد من سكان الحي الحسني بالبيضاء، السلطات الترابية بوضع حد لفوضى الباعة الجائلين وسائقي العربات المجرورة بالدواب والدراجات الثلاثية العجلات، لما أضحت تشكله من خطر يهدد سلامة وأمن سكان المنطقة، كما طالبوا المنتخبين بمغادرة مكاتبهم لمعاينة تداعيات إهمالهم لمنطقة تترنح بين الترييف والتمدن، وإخراج مشاريع التنمية البشرية إلى الوجود وإصلاح البنيات التحتية المتهالكة، التي أصبحت مفرخة للجريمة بمختلف أنواعها. والتمس سكان التقتهم "الصباح"، من عامل عمالة الحي الحسني بإعطاء تعليماتها إلى رجال السلطة المحلية وأعوانهم لتنظيم حملات محاربة لاحتلال الملك العمومي ومحاربة مختلف الشوائب، التي تتحول إلى مجمعات للفوضى والعشوائية والجرائم، من أجل تسهيل عمل المصالح الأمنية، التي أضحت تواجه عوائق مرتبطة بالبنيات العشوائية. فوضى بشارع أفغانستان