قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، إن تحقيق المساواة بين الجنسين في مجال العدالة يأتي في مقدمة التحديات التي نواجهها اليوم، وهو امتداد ولاشك لتحد أعمق وأوسع يجسده رهان تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في مختلف المجالات. وأضاف الداكي في كلمة له لمناسبة افتتاح الدورة 16 للمؤتمر الدولي للنساء القاضيات، المنظم من قبل الجمعية الدولية للنساء القاضيات باستضافة من جمعية اتحاد قاضيات المغرب بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ووزارة العدل، تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، تحت شعار: «القاضيات: إنجازات وتحديات»، أن تمثيل المرأة في الجهاز القضائي ينطوي على أهمية خاصة ودلالات رمزية بالغة الدقة، لقربها من قضايا النوع وحماية الفئات، ففضلا عن أهمية ذلك في ضمان تطوير النظام القانوني. وفي كلمة مفعمة بالافتخار، أورد الداكي أن المرأة المغربية كانت من بين من لهن الريادة في ولوج القضاء في العالم العربي، إذ عينت أول امرأة قاضية في السنوات الأولى لفجر الاستقلال وتحديدا في 1961، وراكمت منذ ذلك الحين إلى جانب زميلها الرجل العديد من التجارب الرائدة، التي أهلتها عن جدارة لتخليد اسمها بمداد من الفخر والاعتزاز، وبوأتها المناصب السامية في مجال القضاء، كما هو الأمر أيضا في باقي أجهزة الدولة ذات الأهمية، بل وحتى مهام المسؤولية على المستوى الدولي. وسلط المتحدث نفسه، الضوء على أن تحقيق المرأة لذاتها في المغرب انعكس على المشهد القضائي ببلادنا، والذي تميز بالتنامي التدريجي للتمثيلية النسوية للقاضيات، بحيث تشكل النساء البالغ عددهن 1093 قاضية بنسبة حوالي 26 % من ثلث إجمالي عدد القضاة، يمارسن مهام القضاء على مختلف الأصناف والمستويات، سواء بقضاء الحكم، أو قضاء النيابة العامة وأيضا على مستوى مختلف درجات النظام القضائي من محاكم ابتدائية، واستئنافية، ومحكمة النقض، كما تمكنت العديد من القاضيات من تحمل مهام المسؤولية القضائية. وشدد الداكي على أن تعزيز الثقة في المشهد القضائي بنسائه، تواصل بتقلدهن مناصب المسؤولية حيث تم في 1998 تعيين أول رئيسة لمحكمة ابتدائية، ليتوالى بعدها إسناد المسؤولية القضائية على مستوى باقي المحاكم بمختلف درجاتها ورئاسة بعض الغرف بمحكمة النقض لقاضيات مقتدرات طبعن بخبرتهن الاجتهاد القضائي للمملكة، كما تقلدت أخريات العضوية بالمجلس الدستوري ثم بالمحكمة الدستورية، بالإضافة إلى تقلدها منصب الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، مؤسسة قضائية مالية بالمملكة. وأضاف المسؤول القضائي، أنه نتيجة للتحولات التي عرفتها منظومة العدالة بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، عزز دستور المملكة لسنة 2011 تموقع المرأة القاضية ضمن المشهد القضائي ببلادنا، حيث نص على تمثيلية منصفة للنساء القاضيات داخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهي المؤسسة الدستورية التي يرأسها جلالة الملك، التي تعنى بتدبير الوضعية المهنية للقضاة وتسهر على ضمان استقلالهم. وأضاف الداكي «بمداد من الفخر والاعتزاز شهد سجل القاضية المغربية على تجارب رائدة للقاضيات، اللواتي تولين مناصب دولية، بالإضافة إلى تتويج هذا الإشعاع بالحصول على جوائز تميز حصلت عليها قاضيات مغربيات فاضلات، من بينها جائزة بطل مكافحة الاتجار بالبشر سنة 2017 من وزارة الخارجية الأمريكية، من أجل الإسهامات الرائدة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، والجائزة الأوربية الدولية للقيادة النسائية سنة 2022 ببروكسيل، مما يؤكد مجددا كفاءة القاضيات المغربيات وقدرتهن على التميز والريادة». محمد بها