واقـع لا رجعـة فيـه

بنعبو شدد على ضرورة التأقلم والتعايش مع الجفاف باعتماد تخطيط إستراتيجي دعا محمد بنعبو، الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، إلى الاستعجال في اعتماد تخطيط إستراتيجي للتعايش مع قدر الجفاف، معتبرا أن تغير المناخ والجفاف والعجز في التساقطات المطرية، عناصر تجتمع لتشكل ضغطا على الموارد المائية إشكالية مقلقة توحي بأن ظاهرة الاحتباس الحراري وكأنها واقع لا رجعة فيه، و أن التغلب على مشكل الضغط على الموارد المائية يفرض اعتماد إستراتيجية التخطيط. في ما يلي نص الحوار : أجرى الحوار: ياسين قُطيب < تتسم معالم المناخ الجديد بالمغرب بتناقص الحالة الهيدرولوجية، لا على مستوى التساقطات المطرية والثلجية، ولا على مستوى المياه الجوفية، ما نتج عنه عجز في مختلف الأحواض المائية، هذا الوضع أثر سلبا على حجم المخزون المائي بالسدود، إذ بلغ إلى غاية اليوم حوالي 5.363 ملايير متر مكعب، أي ما يعادل 33.27 في المائة كنسبة ملء إجمالي، مقابل 34.33 في المائة سجلت في التاريخ نفسه من السنة الماضية. وسيمكن المخزون المائي المتوفر حاليا بالسدود من تأمين حاجيات الماء الصالح للشرب بالنسبة لجميع المدن الكبرى المزودة، انطلاقا من السدود في ظروف عادية، باستثناء الموجودة بأحواض ملوية وأم الربيع، التي من المرتقب أن تعرف بعض الصعوبات في حال عدم تحسن الحالة الهيدرولوجية خلال الأشهر المقبلة، لذلك تضمنت الإجراءات المتخذة في هذا الصدد تفعيل لجان اليقظة والتتبع برئاسة الولاة لاتخاذ القرارات الضرورية واللازمة، من أجل تدبير أفضل للموارد المائية المتاحة وإجراءات ترشيد استعمالها، والتتبع المستمر لوضعية الموارد المائية، حسب تطور الحالة الهيدرولوجية. < يشهد المغرب تفاوتا كبيرا في توزيع المياه، خصوصا السطحية، بفعل تباين التساقطات بين المناطق، حيث يلاحظ أن المناطق الشمالية للمملكة التي توجد بها أحواض اللوكوس وسبو، تحقق نوعا ما الاكتفاء الذاتي، بينما تسجل الأحواض المائية الموجودة بالمناطق الجنوبية والشرقية مخزونا قليلا من هذه المادة الحيوية، مثل حوض واد نون، وسوس ماسة، وملوية، وتانسيفت، ويسجل مخزون المياه الجوفية بدوره تراجعا متواصلا، حيث إن أغلب الفرشة المائية التي يتراوح عمقها بين 50 مترا و60، تعرضت للاستنزاف، خصوصا بالمناطق الجنوبية، بفعل السقي غير المعقلن، الذي تفاقمه قلة التساقطات المطرية. < يجب وضع حلول استعجالية، من قبيل عقلنة استعمال هذه المادة بالقطاع الفلاحي، الذي يستنزف ما بين 87 و90 في المائة من المخزون المائي بالمملكة، من خلال تعميم السقي بنظام التنقيط، ومنع زراعة بعض المنتوجات التي تتطلب نسبة كبيرة من المياه في المناطق التي تعاني استنزاف فرشتها المائية، إضافة إلى وجوب الحد من تسرب المياه خلال نقلها عبر قنوات التصريف من السدود إلى أماكن السقي، وإلى جانب ترشيد الاستهلاك يجب توسيع الاستثمار في المشاريع الجديدة لزيادة المخزون الإستراتيجي، من قبيل زيادة محطات تحلية مياه البحر لتشمل كل المناطق الساحلية، واستغلالها في المجال الفلاحي، إضافة إلى مواصلة النهج المتبع في مجال معالجة المياه العادمة، حيث انتقل المغرب من محطتين إلى 122 محطة. < إن تغيير دورة المياه الناتج عن الاحتباس الحراري لن يؤثر فقط على نوعية وكمية المياه اللازمة لاحتياجات الإنسان الأساسية ، ولكنه سيشكل أيضا مخاطر على إنتاج الطاقة والأمن الغذائي والصحة وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والحد من الفقر، وبالتالي المساس بتحقيق أهداف التنمية المستدامة. إن حجم الآثار الكارثية تم تأكيده من خلال التحذير الذي أصدرته 13 وكالة إغاثة هذا الأسبوع من أن أكثر من 12 مليون شخص في سوريا والعراق يفقدون وصولهم إلى الغذاء والماء بسبب الاحتباس الحراري. < سيؤثر تغير المناخ على الرطوبة والجفاف والمناطق الساحلية والمحيطات، وفقا للهيأة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وبالتالي، إذا لم نحصر الاحترار على 1.5 درجة مائوية، فسوف نشعر بإجهاد الماء أكثر. ومع ذلك، فإن 50٪ من سكان العالم يتعرضون بالفعل للإجهاد المائي، وهذا يرجع بشكل رئيسي إلى تكثيف دورة المياه. يؤدي هذا إلى هطول أمطار غزيرة بالإضافة إلى الفيضانات المصاحبة لها. ويعني تكثيف دورة المياه بشكل خاص موجات جفاف أشد في المناطق الجافة بالفعل. سوف تصبح أكثر جفافا، مما يزيد من خطر نشوب الحرائق. لذلك ستصبح موارد المياه حرجة بشكل متزايد في المستقبل. وهي تشمل البداية المتزامنة لموجات الحر الشديدة والجفاف في بعض المناطق ، فضلا عن هطول أمطار غزيرة وفيضانات في مناطق أخرى ، وكل ذلك بدرجة غير مسبوقة. < وفقا لتقرير صادر عن معهد الموارد العالمية أخيرا تواجه 17 دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ندرة حادة في المياه، وتشير الخريطة التي رسمها معهد الموارد العالمية إلى أن المغرب مهدد أيضا وهو يقترن ببلدان «ذات تهديد كبير»، وهذا يعني أن المغرب من بين البلدان التي يكون فيها الطلب على المياه أكبر من الكمية المتاحة، هذا التقرير المثير للقلق يصنف المغرب في الرتبة 22 من إجمالي 164 دولة. في الواقع ، تعاني منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل عام حرارة وجفافا مقلقين، كما أن ضعف إمدادات المياه وكذلك تغير المناخ يزيد من تفاقم المخاطر. هذه المنطقة ، التي تمثل ربع سكان العالم ، مهددة اليوم بالعطش وتقترب بشكل متزايد من اليوم الذي لن تتدفق فيه المياه من الصنبور. < بالنسبة إلى المغرب يبرز بشكل كبير تغير المناخ والجفاف والعجز في التساقطات المطرية، هي عناصر تجتمع لتشكل ضغطا على الموارد المائية كإشكالية مقلقة توحي بأن ظاهرة الاحتباس الحراري وكأنها واقع لا رجعة فيه، وللتغلب على مشكل الضغط على الموارد المائية، يرى العلماء على أنه لا مفر من اعتماد إستراتيجية التخطيط والاستباقية، فإذا كان المؤشر أقل من 500 متر مكعب من المياه العذبة لكل مواطن سنويا، فإننا نتحدث عن نقص إجمالي يتراوح بين 500 متر مكعب وألف متر مكعب، حيث نكون أمام نقص مزمن، أما الحديث عن الضغط على الموارد المائية يصبح جديا عندما يكون لدينا نصيب من المياه من ألف متر مكعب إلى 1700 متر مكعب، وتصل حصة المغربي من الماء سنويا 620 متر مكعب، يعني أننا أمام ندرة من هذه المادة وقد تتناقص هذه الحصة من حوض مائي إلى آخر, على سبيل المثال فحصة المواطن على مستوى الحوض المائي لأبي رقراق الشاوية لا تتعدى 106 أمتارا مكعبة. في سطور : - من مواليد 1973 بمكناس - حاصل على دبلوم مهندس في مجال البيئة من المدرسة متعددة التخصصات بموريال في 2009 - عضو مشارك في المنتدى العالمي للبيئة - عضو مشارك في كوب 23 بشرم الشيخ

واقـع لا رجعـة فيـه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

هل حان وقت المزروعات البديلة؟

مدن يطاردها شبح العطش

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات