البيضاء وبرشيد ومراكش ووجدة تدق ناقوس الخطر ومنتخبون يسارعون الزمن لمحاصرة الجفاف لم يعد مشكل الجفاف منحصرا في مدن محددة كما في السابق، بل صار معضلة خطيرة تتهدد عددا من المدن والأقاليم بربوع المملكة، بعد أن ظهرت مناطق جديدة تعاني قلة الماء الصالح للشرب وانقطاعات متكررة للصبيب، وأخرى يضطر سكانها لقطع الكيلومترات في رحلة البحث عن الماء لكسب تحدي البقاء، بعد أن تراجعت حقينة السدود وضعف الأمطار. البيضاء العاصمة الاقتصادية للمملكة ومرآتها، أضحت الشجرة التي تخفي الغابة في قضية شبح الجفاف وتشكل ناقوس الخطر، الذي يجب التفاعل معه قبل فوات الأوان، بعد أن ظهرت مجموعة من الدواوير والأحياء وهي تعيش على مسلسل النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب، في ظل الوضعية المقلقة التي يعيش على إيقاعها سد محمد بن عبد الله، الذي يزود مدن وأقاليم جهة البيضاء سطات بحاجياتها الأساسية من الماء، بعد أن سجلت نسبة امتلائه رقما متدنيا بـ9 في المائة، وهو أقل معدل في التاريخ أرعب المختصين والمهتمين. وتفاعلا مع شبح الجفاف الذي يتهدد العاصمة الاقتصادية، قال أحمد أفيلال العلمي الإدريسي، نائب رئيسة مجلس المدينة بالبيضاء، إن مجلس المدينة بادر إلى سن مجموعة من الإجراءات المستعجلة للحد من معضلة شح المياه وتفادي الجفاف والعطش، من بينها الاعتماد على العيون في عمليات السقي، إضافة إلى إحداث محطتين كبيرتين لمعالجة المياه العادمة واستعمالها في سقي المناطق الخضراء، في خطوة تروم الحفاظ على الماء وتقليص حجم الاستهلاك. وسلط أفيلال في تصريح لـ"الصباح"، الضوء على أهمية مشروع الربط بين أحواض سبو وأبي رقراق وأم الربيع، والمتمثل في تحويل الفائض من المياه بحوض سبو، بسد سيدي محمد بن عبد الله لإمداد جهة البيضاء سطات بالماء وتغطية النقص الحاصل في الوقت الحالي. وأوضح المتحدث نفسه، أن شبح الجفاف الذي يتربص بالبيضاء، يأتي بسبب تأخر المجالس والحكومة السابقة في إخراج عدد من المشاريع المهمة، التي من بينها إنجاز محطة تحلية مياه البحر، ومحطات معالجة المياه العادمة وتوجيهها للسقي وإنشاء محطتين كبيرتين لسقي العاصمة الاقتصادية. وغير بعيد عن البيضاء، وجد سكان برشيد أنفسهم وسط دوامة انقطاع الماء الصالح للشرب بشكل مفاجئ، سيما مع نهاية الأسبوع، ما تسبب في إرباك لمصالح الأسر، التي أضحت عاجزة عن تدبر شؤون البيت، من الطهو والشرب وغسيل الأواني وتنظيف الملابس، حيث هناك ربات بيوت يؤجلن موعد نومهن في انتظار حلول الساعة الثانية صباحا، من أجل مباشرة "أعباء البيت". ومع حلول تباشير فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، قال عدد من سكان برشيد في تصريح لـ"الصباح"، "دابا عاد غادية تكمل الباهية مع الحال سخون"، في إشارة إلى تأثيرات انقطاع الماء الشروب على حياتهم اليومية، من مشرب ومأكل واستحمام، باعتبار أن ارتفاع درجة الحرارة يدفع عددا من الأسر إلى الاستحمام لتخفيف درجات الحرارة. ويتسبب ضعف صبيب الماء الصالح للشرب وانقطاعه بشكل مفاجئ في عدد من أحياء عاصمة ولاد حريز، خاصة بالطوابق الثالثة والرابعة، خلال فصل الصيف، في انطفاء سخانات الماء، وهو ما يحرم الأسر من الاستحمام واستعمال الماء الساخن وبعض التجهيزات المرتبطة بقوة المياه. وعلى المنوال نفسه، يعاني سكان عدد من أحياء ومناطق وجدة معضلة العطش، بسبب الانقطاع المتكرر للماء الصالح للشرب، يصل إلى حد الانقطاع النهائي خلال الفترة الليلية وجزء مهم من النهار، ما أزم وضعية الأسر التي أصبحت تبحث عن بديل لكسب معركة أعادتهم إلى القرون الوسطى. وبدورها التحقت مراكش بركب المدن الجديدة، التي يطاردها شبح العطش، إذ تعاني الجماعات القروية المحيطة بالمدينة الحمراء ندرة المياه الصالحة للشرب، واعتماد أسلوب الصهاريج لإيصال الماء لبعض الدواوير. استنزاف الفرشة المائية كشفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، سوء تسيير وتدبير ندرة المياه، من خلال استمرار حفر الآبار بطرق عشوائية في عدة مناطق، مما يتسبب في استنزاف الفرشات المائية، واستمرار سقي ملاعب الكولف المنتشرة بالمدينة، والتي يصل عددها إلى 21 ملعبا أغلبها ملاعب ب 17 حفرة وضمنها واحد ب 22 حفرة، علما أن هذه الملاعب تستهلك كميات كبيرة من المياه. وسلطت الجمعية الحقوقية في مراسلة إلى الجهات المختصة، الضوء على استمرار تشييد مسابح ضخمة في ضواحي المدينة، تستعمل لما يسمى المنتجعات السياحية وغيرها من أساليب الاستغلال المفرط للمياه الصالحة للشرب، مشيرة إلى أنه في الوقت ذاته يتم نقص صبيب المياه والتحكم في الكميات الموجهة للسكان، من أجل الاستهلاك العادي، والذي لا يتجاوز الشطر الأول أو الثاني. ويفتقر دوار عرايش بجماعة السويهلة عمالة مراكش، للماء الشروب، مما رفع معاناة سكانه وصعب ظروف العيش بالمنطقة، بسبب أن المنازل لا يصلها الماء، نظرا لضعف صبيب وقوة صهريج موجود بالدوار، مما جعل السكان أمام حدة الحاجة للماء يلجؤون إلى قطع مسافات طويلة للتزود بلترات قليلة، غير كافية لسد حاجياتهم. محمد بها