مولاي بوشعيب وعائشة البحرية ...أسطورة الحب 3 الروايات صورت لالة عائشة مقاومة ضد الاستعمار البرتغالي بمجرد أن يتراءى لك بأزمور، ضريح مولاي بوشعيب الرداد وبالجهة المقابلة، ضريح "لالة عائشة البحرية"، تثيرك قصة حبهما الأزلي، التي بدأت في بغداد وانتهت بفاجعة على مصب نهر أم الربيع. قصة تسحر قلوب العشاق، وتكشف أن المرء مهما بلغ درجة الزهد والتصوف لا بد أن يصاب بسهم الهوى يوما، لكن بقراءة نقدية للرواية، تظهر تناقضات في وقائعها وتاريخية أماكنها وأحداثها، لتخرج بخلاصة أنها أسطورة، وأن مؤلفها سحر بقرب الضريحين من بعضهما البعض، فأطلق العنان لخياله لسرد رواية حب، بسبب قوتها وحبكتها، توارثها المغاربة لقرون. مصطفى لطفي في الرواية الشفوية حول لالة عائشة البحرية، وقصة حبها مع مولاي بوشعيب، تم الحديث دون قصد، وبشكل عفوي عن بطولاتها ضد المستعمر البرتغالي الذي احتل منطقة دكالة وعبدة. تقول الرواية إن لالة عائشة خاضت حروب استنزاف ضد القوات البرتغالية بمجرد احتلالها سواحل دكالة وعبدة. وكانت لها الكلمة العليا في العديد من المعارك، وساهمت بطولاتها في توحيد قبائل لمقاومة المحتل، وأن السلطان أسرع وقتها بإرسال جيوشه لطرد المحتل، وهو ما تحقق بعد تضحيات جسام. إلا أن تقديم لالة عائشة البحرية في صورة فارسة لا يشق لها غبار، تؤكد بالملموس أسطورية قصة حبها مع الولي الصالح بوشعيب الرداد، وأن هذه القصة ألفت بعد وفاتهما معا، بناء على معطى دقيق لا يقبل النقاش، وهو أن الاستعمار البرتغالي لدكالة وعبدة كان في نهاية الدولة الوطاسية وبداية الدولة السعدية، وبالضبط في 1431، في حين أن مولاي بوشعيب الرداد عاش في بداية عهد الدولة الموحدية، بل كان من كبار المقربين لأعظم سلطان لها وهو مولاي عبد المومن الكومي. كما أن الرواية المنسوبة لمولاي بوشيعب الرداد، لم تشر لا من قريب ولا من بعيد وقتها، عن تعرض أرض دكالة لغزو أجنبي، لأنه لو حدث فعلا، لكان مولاي بوشعيب من يتزعم حركة المقاومة وليس لالة عائشة البحرية، بحكم مكانته وليا صالحا له أتباع ومريدون، وكلمته تطاع بقداسة لدى جميع قبائل المنطقة، وهو ما كان يميز المغرب تاريخيا، حيث كانت تتولى الزوايا دور الجهاد ضد الأجنبي، إلى حين تدخل السلطة المركزية. كل الروايات وسير مولاي بوشعيب، قدمته على أنه عالم صوفي له علاقات وطيدة بالسلاطين، وهو ما كان يسمح له بالتوسط بين الرعايا والحكام في العديد من القضايا، كما أنه يقضي أغلب وقته في عقد المجالس العلمية بزاويته بأزمور، والنظر في أمور الناس وحاجتهم الروحية والمعرفية، إلى درجة أن الرواة لم يغفلوا عن ذكر وقائع طريفة ومعبرة حدثت مع مولاي بوشعيب، كما الأمر لمريد طلب من مولاي بوشعيب الدعاء له ليبسط الله رزقه عليه فقبل، بعدها حل سائل يطلب الصدقة، نادى مولاي بوشعيب على المريد، وطلب منه منح جميع ماله للمتسول، ففعل، قبل أن يعرفه على تاجر يتحدر من غرناطة لمساعدته في التجارة، وبعد فترة طويلة عاد الشخص على متن سفينة صوب أزمور، محملة بالسلع، فهاج البحر واضطر للتخلص من نصفها ولما التقى مولا بوشعيب سأله كم سلم من المال للمتسول، فأجاب النصف، فكان الرد أن الله حرمه من نصف سلعه أيضا.