زيدوح...أوراق من الاستقلال 3 شاركنا في حملات انتخابية لقادة كبار وتبادلنا أفكارنا معهم يعد حزب الاستقلال، أحد أقوى الأحزاب السياسية بالمغرب، لتاريخه العتيد، ومواقفه المتنوعة التي أسهمت في تطوير مؤسسات البلاد من خلال قرارات اتخذتها شخصيات كثيرة بصمت تاريخ هذا الحزب. وفي هذا اللقاء يحكي محمد زيدوح، القيادي الاستقلالي، الطبيب الجراح، وبرلماني بمجلس المستشارين، وقائع من تاريخ الحزب تشهد على دور الشخصيات الكاريزمية التي غيرت مسار أحداث بعينها، من محمد بوستة، ومحمد الدويري، وعبد الرزاق أفيلال، و حفيظ القادري، ومحمد الوفا، وآخرين ...وطرائف الالتحاق بالحزب في البداية وخضوعه للمساءلة، ولقاء الطفل زيدوح، بعلال الفاسي، والمؤامرات التي وقعت في مؤتمرات. إعداد : أحمد الأرقام رغم ارتكاب الشباب أخطاء وهم في بداية اشتغالهم بالسياسة، فإن القادة تسامحوا معهم وغرسوا في أنفسهم فكرة النضال، وتحمل المسؤولية، إذ تم إشراك الجميع في الحملة الانتخابية، التي جرت في 1977. قمنا بتوزيع المناشير، والملصقات وصور المرشحين، وبرنامج الحزب والالتقاء بالمواطنين لشرح ذلك والتفاعل معهم، وحضور التجمعات الخطابية لزعماء وقادة الحزب والنقابة، وإعادة مراجعة ما صرحوا به في صحف الحزب، التي كانت منتشرة آنذاك ولها مكانتها وسط المجتمع والمثقفين، وكبار المسؤولين. وأتذكر أنني شاركت في الحملة الانتخابية مع سيدي حفيظ القادري، الذي كان مسؤولا عن إقليم الرباط وأنا عمري لحظتها 15 سنة، كما شاركت في الحملة الانتخابية لوالدي إبراهيم زيدوح القيادي النقابي ببني ملال، وشعرت بأن طريق النضال مسألة مهمة وشاقة، وأنها مدرسة سياسية تساعد على التكوين والأخلاق وتشعرك بالأمان، وتزرع في نفسك الوطنية الخالصة مع الدفاع عن ثوابت البلاد. حينما ذهبت لتقديم التهنئة لسيدي القادري تحدث معنا نحن الشباب كأننا قادة، ورد علينا بكلمة هنيئا لنا جميعا بهذا النجاح، وأن نضالنا المستميت لم يذهب سدى وحققنا الفوز عن جدارة واستحقاق، وطبعا وأنت تستمع لسيدي حفيظ القادري الرجل القوي في الحزب بهيبته، تشعر كأنك جزء منه، إذ اختفت الفوارق بين شاب، وبين قيادي تتعلم منه فن الحديث اللبق، والشرح والتحليل، وهو كان ركيزة أساسية في اللجنة التنفيذية بفكر مضيء ومنفتح وبل مدرسة للتكوين قائمة الذات. ولا يمكن لشاب أن يتخيل أنه لحظتها سيكون أمام سيدي امحمد بوستة، أمين عام الاستقلال، وزير الخارجية، وفي عمره 16 سنة بمقر الوزارة، إذ شارك الحزب في حكومة 1977، واستقبلني كأنني ابنه وتعامل معي بلطف ولباقة، وأشعرني أني مهم وأنني محمي ويمكن أن أفكر بصوت عال، وأتخذ القرارات، إذ يجيد الإنصات كثيرا ويتفاعل مع الكلام بشكل إيجابي. وكنا نحن الشباب نتابع الزعماء والقادة، وفي الآن نفسه نتابع صعود شخصيات شابة مثل السي محمد الوفا، الذي كان يشغل لحظتها مسؤولية الكاتب العام للشبيبة الاستقلالية ويخطو خطواته بثبات نحو القيادة بدخوله البرلمان، وعضوية اللجنة التنفيذية، ما جعله يمثل رمز الشباب الصاعد. وفرض الوفا وجوده بتحاليله الثاقبة وجرأته ومواقفه، وإن كان يصطدم أحيانا مع القيادة، فإنه حافظ على الاحترام الواجب للزعماء والقادة الاستقلاليين، فكان معيارا ومرجعية للشباب لكي يسلكوا طريقته في العمل الجاد لتحقيق النجاح، إذ كان برلمانيا لولايات تشريعية كثيرة ورئيسا لبلدية مراكش، وقياديا صلبا ومدافعا عن المبادئ والحقوق في اللجنة التنفيذية، مع احترام الالتزامات الملقاة عليه. حماس شديد هكذا عشنا في الحزب مع الأمين العام والزعماء والقادة والشباب الصاعد، ومن يذكر هذه الأسماء تقشعر أبدانه مثل امحمد بوستة، وأبو بكر القادري، والهاشمي الفيلالي، وعبد الحفيظ القادري، وأحمد بليماني، وعبد الكريم غلاب، وعبد السلام بن عبد الجليل، وامحمد الدويري، وآخرين فالكل يشتغل والمناضلون يحضرون للمجلس الوطني واللجنة المركزية بحماس شديد لخوض النقاش وتوسيع دوائره، والاشتغال مثل قوة اقتراحية لتعلم أبجديات العمل السياسي والنقابي، وفق منظومة متكاملة وقواعد شفافة وواضحة.