ثالوث «الهشاشة والمخدرات والإجرام» حولها إلى «كولومبيا» بعد أن كانت أجمل القرى أضحى اسم جماعة "دار أم السلطان" القروية التابعة لقيادة "عين عرمة" غرب مكناس، في السنوات الأخيرة مقرونا بالإجرام والاتجار في الممنوعات، حتى بات الكثيرون يلقبونها بـ"كولومبيا" لتفشي آفة الاتجار وترويج الممنوعات بها بـ"العلالي"، ونظرا للعدد الهائل من الجرائم التي تشهدها المنطقة بشكل شبه يومي. أما سكانها فبات الكثير منهم يتمنون مغادرتها بحثا عن الأمن والأمان. إنجاز : حميد بن التهامي (مكناس) في السنين القليلة الأخيرة، تزايد كما هو معلوم عدد سكان جماعة دار أم السلطان بشكل مهول بسبب نزوح العديد من الأسر الفقيرة معظم أفرادها يتحدرون من المدن المجاورة، كسيدي قاسم والخميسات وغيرهما. إرهاصات الانحراف شيد الوافدون الجدد على المنطقة دورا وأكواخا صفيحية بشكل عشوائي، ما أفرز ظواهر مجتمعية متعددة وسط مناخ تنعدم به أبسط شروط العيش الكريم بسبب هشاشة البنية التحتية، حيث انعدام الإنارة العمومية وطرقات غير معبدة، ناهيك عن غياب مرافق ثقافية وترفيهية ورياضية وغيرها من المرافق الحيوية التي من شأنها امتصاص غضب شباب المنطقة، التي تعاني معظم أحيائها من الهشاشة والإقصاء الاقتصادي. الأمر الذي فتح باب الإجرام على مصراعيه في وجه العديد من شباب المنطقة وهم غير قادرين على التمييز بين الخطأ والصواب والخير والشر، ليجدوا أنفسهم في ظل الفقر والبطالة وانفصام الشخصية والغربة عن المجتمع وانعدام التوجيه الاخلاقي، وغياب الوازع الديني في أحضان الجريمة بشتى أصنافها كالسرقة والاعتداء على حياة الأفراد تحت التهديد وترويج المخدرات والأقراص المهلوسة والمشروبات الكحولية. ضياع "الشعبة السعيدة" أمام تقاعس مصالح الدرك الملكي بهذه النقطة السوداء، يلاحظ تنامي هذه الآفة بشكل أصبح يقلق سكان المنطقة. إذ لا يمر يوم دون وقوع جريمة غالبا ما تكون دامية بسبب انتشار قطاع الطرق والمنحرفين، وبالمقابل تبقى الجهات المسؤولة عاجزة عن ضمان وتحقيق الأمن المنشود لجماعة أم السلطان التي كانت بالأمس تحمل اسم "الشعبة السعيدة"، يأتي إليها المكناسيون والزوار من كل صوب للاستمتاع بهدوئها وبمناظرها الطبيعية الخلابة وشلالاتها المتدفقة التي تروي بساتينها وحقولها الشاسعة، قبل أن تتحول مع التوسع العمراني وفي غياب تام للأمن والاطمئنان، إلى نقطة سوداء تؤثثها جحافل من المجرمين والخارجين عن القانون، الذين نزحوا من مناطق نائية وحولوا المنطقة إلى مشتل لتفريخ الجانحين وقطاع الطرق. السكان يستنجدون في ظل هذا التزايد المخيف في وتيرة الإجرام بمختلف أنواعه وأساليبه، التمس سكان المنطقة من المسؤولين المحليين الالتفات بجدية وبشكل عاجل إلى مستقبل هذه الجماعة خصوصا من الناحية الأمنية، وذلك بالتدخل الفوري لزيادة عدد أفراد الدرك الملكي، والقيام بدوريات مكثفة ليلية ونهارية لتمشيط وتجفيف هذه النقطة السوداء من منابع ترويج الممنوعات والتصدي للخارجين عن القانون. وسبق لفاعل جمعوي بالمنطقة نفسها فضل عدم ذكر اسمه أن صرح لـ"الصباح"، بقوله، إن جماعة دار أم السلطان تعرف حاليا مع الأسف الشديد مظاهر مقلقة ومخيفة من الانفلات الأمني، أدت إلى مقتل العديد من الأبرياء جراء الاعتداءات الوحشية عليهم من قبل متسكعين، أو أصيبوا بعاهات مستديمة، حيت يعترضون سبيلهم، من أجل سلب ما بحوزتهم من مال وأشياء ثمينة تحت التهديد بالسلاح الأبيض، وهو ما يمس بشكل خطير السلامة الجسدية والنفسية للمواطنين ولممتلكاتهم. مضيفا أن هذه الآفة الأخذة في التصاعد، قد تكون بسبب عدم إخضاع المعتدين لمحاكمات زجرية وعادلة، حيث تتم إدانتهم بأحكام مخففة قد تشجعهم على ممارسات الانتقام والمزيد من الاعتداءات، بالنظر إلى فقدان عامل الزجر، بالإضافة إلى انتشار حبوب الهلوسة والمخدرات بكل أنواعها، مما يتسبب في انتشار مظاهر الإدمان، وحاجة المدمنين إلى الأموال، من جهة، وغياب مداركهم أثناء قيامهم بالاعتداء على الأبرياء من جهة ثانية. غياب حملات التحسيس والتوعية ما يزيد الطين بلة ويرفع من وتيرة تنامي آفة الإجرام بدار أم السلطان، غياب تحسيس فعال بعواقب وخطورة الاعتداء على المواطنين وعلى ممتلكاتهم، فضلا عن غياب المرافق الثقافية والرياضية، التي تمكن الطاقات الشابة من استثمار مقوماتها، بدل هدرها في ممارسات غير قانونية ومؤذية، لذلك يطالب السكان القيادة الجهوية للدرك الملكي بمكناس بتحمل المسؤولية وضرورة العمل على تقوية الدعامة الأمنية لهذه المنطقة، وتخصيص الإمكانات اللازمة لذلك مع تبني حكامة أمنية فاعلة، وبأهداف مسطرة ودعم وتفعيل وتشديد العقوبات الزجرية في حق المعتدين والمتسببين في الانفلات الأمني. وما يثير الانتباه يضيف المتحدث، هو بروز بعض الظواهر وسط أحياء جماعة دار أم السلطان، نذكر من بينها على الخصوص، أن المجرمين بهذه النقطة السوداء، هم عبارة عن شباب قاصرين، إذ تجدهم يتناولون المخدرات والأقراص المهلوسة، مما يتسبب في تنامي ظاهرة العنف ضد الأصول وتنامي العنف خاصة في الأوساط التربوية، كما أن محاربة المخدرات والوقاية من هذا المشكل تمثل تحديا حقيقيا على المستوى المنطقة على غرار العديد من النقط السوداء بمختلف مدن وأقاليم المملكة، خاصة في صفوف الناشئين، باعتبارهم أكثر الفئات هشاشة، مما يجعلهم يستهلكون المخدرات في مرحلة عمرية مبكرة ويلجون عالم الإجرام من بابه الواسع على حد تعبير الفاعل الجمعوي.