وكالات الأموال… “الحاضي الله”

السطو تزايد بشكل غير مسبوق والعمليات تمت بمدن صغيرة والمتورطون شباب في مقتبل العمر شهدت الأيام الأخيرة تناميا غير مسبوق في عملية سطو استهدفت وكالات بنكية وأخرى لتحويل الأموال، بعضها كان ناجحا وتم السطو على أموال مهمة، في حين كان الفشل مصير الأخرى. الملاحظ أن عمليات السطو هاته تمت بمدن صغيرة، بداية بمديونة ضواحي البيضاء والقصر الكبير وبرشيد وابن احمد، في حين تملك جانحون جرأة أكبر، ونفذوا عملية سطو استهدفت وكالة بنكية بالبيضاء. أغلب التدخلات الأمنية كانت ناجحة، انتهت في ظرف قياسي باعتقال المتورطين، بناء على خبرات تقنية والاعتماد على تسجيلات كاميرات المراقبة، والمثير في الأمر أن المتورطين شباب في مقتبل العمر، تتراوح أعمارهم ما بين 20 سنة و30. عوامل عديدة وراء انتشار هذا النوع المتطور من السرقات خلال الفترة الأخيرة، أبرزها الظروف الصعبة التي يعانيها قسم كبير من المغاربة بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات، لهذا كان رهان الجانحين على استهداف وكالات أموال وبنوك، ضمان مبلغ مالي كبير في عملية واحدة، بعد استنباط الخطط من حلقات المسلسل الإسباني الشهير "منزل من ورق"، الذي يتحمل مسؤولية هذا الارتفاع الكبير في عمليات السطو على البنوك عالميا. م.ل قاصرون في قفص الاتهام تمكنوا من التسلل إلى وكالة بنكية عبر نافذة الشباك الأوتوماتيكي باستغلال شق ناتج عن خطأ موظفين هي واقعة أقرب إلى الخيال، لطريقة تنفيذها وهوية منفذيها، لكن الواقع الذي لا يرتفع يجعل المرء يصدقها وهو يعلق عليها تحت آثار الصدمة بالقول "الشيطان وماطيحش عليه هاد الفكرة"، بعدما استطاع أطفال وقاصرون السطو على وكالة بنكية بمراكش بطريقة احترافية. الواقعة التي شهدت فصولها الشبيهة بالأفلام الهوليودية وكالة بنكية بشارع محمد الخامس بكيليز، نفذتها عصابة إجرامية عدد أفرادها أربعة أشخاص، بطريقة احترافية حيرت المحققين، بعد أن اختار الجناة استثمار عدد من المؤهلات التي يتوفرون عليها، من بينها صغر حجم أجسادهم وخفة حركاتهم للتسلل إلى وسط الوكالة البنكية دون الحاجة إلى الكسر، الذي يمكن أن يفضح مخططاتهم. وتمثل المخطط الاحترافي في قيام زعيم العصابة الذي يبلغ من العمر 11 سنة، رفقة شركائه القاصرين باقتحام الوكالة البنكية عبر نافذة الشباك الأوتوماتيكي، الذي نسي الموظفون المكلفون بوضع الأموال به إغلاقه بإحكام من الداخل، إلى أن صار به شق صغير يُسهل عملية الدخول والخروج. ولم يكن فك لغز عملية السطو المثيرة، التي استهدفت الوكالة البنكية، سهل المنال، لولا اكتشاف زبون كان يرغب في سحب مبلغ مالي، آثار عملية اقتحام ناتجة عن تعرض الشباك الأوتوماتيكي للتلف، ليتأكد أن الأمر له علاقة بواقعة سرقة، ليقرر حينها دون تردد إشعار المصالح الأمنية. وتفاعلت المصالح الأمنية مع البلاغ، واستنفرت أفرادها ليحلوا بمسرح الحادث، فعاينت عناصر الشرطة القضائية والعلمية والتقنية، مسرح الجريمة، ومكنت الأبحاث التقنية والعلمية الميدانية خاصة المتعلقة باستغلال تسجيلات كاميرات المراقبة المثبتة بالوكالة البنكية، من الوقوف على تفاصيل عملية السطو وكذا التوصل إلى هوية المشتبه فيهم، ليتم إيقافهم في اليوم الموالي. وفي تفاصيل الواقعة، توصلت الشرطة التابعة لولاية أمن مراكش، من أحد الزبائن بإشعار، مفاده شكوكه في ارتكاب عملية سرقة همت وكالة بنكية. وتفاعلت المصالح الأمنية مع البلاغ، واستنفرت عناصرها لتحل بمسرح الحادث، حيث عاينت الأمكنة المستهدفة واستمعت إلى رواية شهود عيان، قبل أن تقرر فتح تحقيق معمق في الواقعة وأجرت أبحاثا، في انتظار العثور على خيط رفيع يقود إلى هوية المتهمين في أقرب وقت، والكشف عن ملابسات عملياتهم المثيرة. ولإيقاف المتهمين، باشرت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية التابعة لولاية أمن مراكش تحرياتها، عن طريق الاعتماد على أبحاث تقنية وعلمية ميدانية، خاصة المتعلقة برفع البصمات وكذا استغلال التسجيلات المخزنة بكاميرات المراقبة المثبتة بالوكالة البنكية، من أجل الاهتداء إلى هوية الفاعلين. ومن خلال الاطلاع على كاميرات المراقبة، ظهر زعيم العصابة وهو يقتحم الوكالة البنكية، قبل الشروع في سرقة محتويات المكان والمبلغ المالي، ثم ظهر وهو يغادر المؤسسة المالية من نافذة الشباك الأوتوماتيكي، والفرار رفقة شركائه إلى وجهة مجهولة، بعد وضع اليد على المسروقات المتحصل عليها. محمد بها ملثمان يفتتحان السطو الرمضاني سلبا مليونين من وكالة للأموال لحظات بعد فتح بابها أثارت عمليات السطو على وكالات بنكية أو لتحويل الأموال الحدث في رمضان، إذ شهدت أرقاما غير مسبوقة، مقارنة مع السنوات الماضية، ربما ساهمت في ذلك ضغوط الحياة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، دفعت جانحين إلى الرهان على هذا النوع من الجرائم لمكسبها المالي الكبير. ببرشيد، وضع ملثمان خطة محكمة للسطو على وكالة لتحويل الأموال، فاختيار توقيت التنفيذ الذي كان صباح أول يوم في رمضان، والرهان على وكالة تسيرها فتاة، يفيدان أن التخطيط كان منذ فترة قبل رمضان وأن المتهمين كانا يترقبان ساعة الصفر وهي صباح رمضان، حيث تكون حركة المارة بالشارع الذي توجد به الوكالة، شبه منعدمة، ما سيمكنهما من فسحة زمنية مهمة لتنفيذ عملية السطو دون خوف من أي حضور مفاجئ للشرطة، أو تدخل مواطنين لإجهاض مخططهما. انتقل المتهمان إلى مكان وجود الوكالة، وظلا يترقبان قدوم مسيرتها، ولحظات بعد فتحها، عمدا إلى وضع قناع مستغلين غياب المارة، واقتحماها على طريقة أفلام "المافيا"، وأشهرا أسلحة بيضاء، وخاطباها بلغة عنيفة لإرباكها وتخويفها بالتهديد بطعنها، لإجبارها على تسليمهما مبلغا ماليا مهما، وهو ما تم، إذ تمكنا من السطو على مليوني سنتيم، وغادرا الوكالة بسرعة كبيرة تحت صدمة الضحية. وأشعرت المسيرة رؤساءها في العمل بالواقعة، كما أشعر مسؤولو أمن برشيد بتعرض الوكالة لاقتحام وسرقة تحت التهديد من قبل ملثمين، ما تسبب في استنفار كبير لمصالح الشرطة القضائية وباقي الفرق الأمنية، التي انتقلت بمؤازرة من قبل أفراد الشرطة العلمية والتقنية، إلى مقر الوكالة، حيث شرعت في عملية التحري والبحث والمعاينة وفحص المكان للعثور على أي دليل مادي، أو آثار بصمات قد تساعد على فك لغز العملية. واستمع المحققون لمسيرة الوكالة، التي سردت تفاصيل عملية السطو وقدمت أوصاف الملثمين وطبيعة وشكل الأزياء التي كانا يرتديانها، قبل أن ينصب البحث على الشق التقني، خصوصا مراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة سواء بالوكالة أو بالشارع. وأسفرت المجهودات التي بذلت خلال الأبحاث والتحريات عن فك لغز الجريمة، إذ تمكنت عناصر فرقة الشرطة القضائية ببرشيد، بتنسيق مع نظيرتها بسطات، من إيقاف المتهمين بناء على معلومات حول مكان وجودهما، إذ تبين أنهما يبلغان من العمر 21 سنة و22، وأن العملية نفذاها بتنسيق مع شخص ثالث، صدرت في حقه مذكرات بحث وطنية لتورطه في المشاركة في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية. مصطفى لطفي تطور السرقة < ظاهرة السرقة قديمة وعرفت بالأسواق، لكنها تطورت بفعل تطور الزمن والاقتصاد والمجتمع، إذ أمام التحولات التي عرفتها البلاد، استطاع الجناة أن يطوروا أساليبهم، لأن عملية السطو المسلح يبقى هدفها السرقة في نهاية المطاف، بمعنى أن الجريمة تحولت من النشل والخطف إلى التخطيط القبلي واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتفادي الوقوع في قبضة الضابطة القضائية، وأصبحنا نرى أفراد عصابات يضعون أقنعة على وجوههم، أو يستعملون أحزمة ناسفة مزيفة ومسدسات بلاستيكية لتخويف المستخدمين قصد تسليم ما بحوزتهم من أموال، أي أن حتى أدوات الجريمة تغيرت، رغم أن الهدف يبقى واحدا، الاستيلاء على ممتلكات الغير. < المشرع ميز بين السرقات وشدد في أغلبها إذا اقترنت بظروف التشديد. وكانت العملية تهدف إلى تخويف وترهيب الضحايا، ويمكن تصنيفها جنايات ثقيلة تتعلق بتكوين عصابة إجرامية والسطو بيد مسلحة واستعمال ناقلات ذات محرك ومحاولة القتل والتهديد بارتكاب جنايات، ويمكن أن تصل أيضا حتى إلى متابعات أمام غرف الإرهاب، كما حدث قبل أشهر بعدما استعمل شخص حزاما ناسفا مزيفا ولاذ بالفرار ليسقط بمراكش، لكن الطريقة التي تنفذ بها جريمته شبيهة بالعمليات الإرهابية، كما أن التحريات التي باشرها المكتب المركزي للأبحاث القضائية قبل شهر من مقتل شرطي وإحراق جثته، أن السلاح المستولى عليه كان ينوي الجناة استعماله في عمليات سطو، بهدف استحلال أموال المؤسسات البنكية. < من هذه السبل تأمين الوكالات البنكية، سيما وكالات تحويل الأموال التي انتشرت في السنوات الأخيرة بالجماعات القروية والأحياء الهامشية للمدن، إذ يسهل السطو عليها في ظل غياب مراكز الأمن القريبة منها وأيضا غياب شروط السلامة، إذ في الوقت الذي أغلقت فيه وزارة الداخلية مجموعة من الوكالات البنكية قبل سنوات، بسبب عدم التقيد بشروط السلامة، وأبانت البنوك الكبرى عن رغبتها في التعاون، إلا أننا نجد وكالات تحويل الأموال أو التحصيل، كأداء الفواتير الخاصة بالماء والكهرباء والهاتف، لا تتوفر حتى على أدنى شروط السلامة، ويبقى سؤالا عريضا يطرح نفسه حول التأمين والحراسة الخاصة. أجرى الحوار: عبد الحليم لعريبي * محام بهيأة الرباط

وكالات الأموال… “الحاضي الله”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اللويسي يواصل انتفاضة تطوان

"الكوديم" يطيح بالكوكب أمام 25 ألفا

مقالات ذات صلة