قاض ودركيون في مستنقع المخدرات (الحلقة الأخيرة) دخول أجهزة أمنية على الخط وإعادة إيقافه بتمارة وتقديمه أمام قاضية التحقيق هي حكاية مثيرة، فجرتها تسريبات أشرطة من القاعدة العسكرية الخامسة التابعة للبحرية الملكية بالقصر الصغير، عنوانها استغلال آليات الدرك البحري من سيارات ذات دفع رباعي، وزوارق مكتوب عليها الدرك البحري، لتهريب المخدرات. أسقطت الأبحاث قائد المركز البحري ومساعده و11 دركيا آخرين، وبعد تعميق البحث سقط "ليوتنان" بالدرك وعناصر أخرى بمراكز تدريب بمراكش وابن سليمان وابن كرير، وبارونات مخدرات. لكن أصل الحكاية هو سقوط قاض يشتغل نائبا لوكيل الملك بخنيفرة، تبين صلته ببارون جزائري، وبضغطه على الدرك لمساعدته في التهريب. عبد الحليم لعريبي في الوقت الذي أحيل فيه القاضي على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، والذي استنطقه في الجرائم المنسوبة إليه، وبعدها قرر عرضه على قاضية التحقيق رئيسة الغرفة الخامسة المكلفة بجرائم الأموال من أجل مواصلة استنطاقه ملتمسا إيداعه السجن، لاذ المسؤول القضائي بالفرار من داخل بهو قاضية التحقيق، بعدما علم بمتلمس النيابة العامة الصادر في حقه. تفاجأ الضابط المكلف باختفاء القاضي من داخل المحكمة، وبعد مراجعة الكاميرات تبين أنه أوهم رجال الأمن بحديثه في الهاتف، ليتسلل من باب المحكمة نحو شارع النخيل مقر محكمة الاستئناف السابقة بحي الرياض، ويستقل سيارة أجرة صغيرة، تاركا وراءه مسؤولبن قضائيين وأمنيين في حيرة من أمرهم. وأعلن الوكيل العام للملك ما يشبه النفير للبحث عن المسؤول القضائي، الذي تبين أنه أطفأ هاتفه مباشرة بعد خروجه من محكمة لاستئناف، لتدخل أجهزة أمنية على الخط لتعقب خطوات القاضي، وبعد يومين سقط داخل منزل بتمارة، لتتم إعادة إيقافه وإحالته في حالة اعتقال على الوكيل العام لتتم عرضه من جديد على قاضية التحقيق المكلفة بالغرفة الخامسة. وبعد جلسات من التحقيقات التفصيلية بغرفة جرائم الأموال بالرباط، وملتمسات النيابة العامة وإعادة الاطلاع من قبل الوكيل العام للملك، رفعت قاضية التحقيق السرية عن تفاصيل ملاحقة القاضي، لتكيف له المتابعة إلى "جنح محاولة نقل المخدرات والاتجار فيها وتهريبها على الصعيد الدولي وجنايات المساهمة في الإرشاء بتقديم مبالغ مالية لموظفين عموميين للقيام بأعمال غير مشروعة"، وفقا للأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول 128 و248 و251 و114 من القانون الجنائي، والفصول 2-3-5 من ظهير 21/5/1974. وتبين أن المسؤول القضائي سلم مبلغ عشرة ملايين إلى "ليوتنان" قصد مساعدة الجزائري في تهريب الشيرا، وبالضغط على دركيين آخرين بالناظور لتسهيل المهمة، ووضع النائب المبلغ بالسيارة التي كان يقودها المسؤول الدركي، حيث وعده بمنحه 40 مليون أخرى فور نجاح العملية. أدلة إدانة أكدت قاضية التحقيق على وجود أدلة كافية في الاتهامات المنسوبة إلى القاضي، كما صرحت بمتابعة "ليوتنان" الذي تسلم منه مبالغ مالية لمساعدة الجزائري على تهريب الممنوعات، وذلك بجرائم «استغلال النفوذ والارتشاء بتسلم مبالغ مالية للقيام بأعمال غير مشروعة والمشاركة في نقل وتهريب المخدرات على الصعيد الدولي والمساهمة في حركية وحيازة المخدرات داخل دائرة الجمارك ومحاولة نقل وتهريب المخدرات على الصعيد الدولي».