قاض ودركيون في مستنقع المخدرات 5 سلم 10 ملايين لـ "ليوتنان" بالدرك ووعده بـ 40 أخرى لمساعدة الجزائري في تهريب الشيرا هي حكاية مثيرة، فجرتها تسريبات أشرطة من القاعدة العسكرية الخامسة التابعة للبحرية الملكية بالقصر الصغير، عنوانها استغلال آليات الدرك البحري من سيارات ذات دفع رباعي، وزوارق مكتوب عليها الدرك البحري، لتهريب المخدرات. أسقطت الأبحاث قائد المركز البحري ومساعده و11 دركيا آخرين، وبعد تعميق البحث سقط "ليوتنان" بالدرك وعناصر أخرى بمراكز تدريب بمراكش وابن سليمان وابن كرير، وبارونات مخدرات. لكن أصل الحكاية هو سقوط قاض يشتغل نائبا لوكيل الملك بخنيفرة، تبين صلته ببارون جزائري، وبضغطه على الدرك لمساعدته في التهريب. عبد الحليم لعريبي ظلت الفرقة الوطنية للأبحاث القضائية تتوصل بنتائج الخبرات التقنية وتقارنها باعترافات الموقوفين في صفوف الدرك الملكي وأيضا المحسوبين على بارونات دوليين. لكن المفاجأة هو اكتشاف أن قاضيا بالنيابة العامة يشتغل نائبا لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بخنيفرة، داخل الشبكة، وتزامنت الخبرة مع إعلان قرب انتقاله نائبا لوكيل الملك بتطوان، في إطار الحركة الانتقالية التي أعلن عليها المجلس الأعلى للسلطة القضائية في بداية أبريل 2021. ربط ضباط البحث الاتصال بالوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، ليخبروه بتشخيص هوية مشتبه فيه ضمن الشبكة التي سقط فيها مسؤولون بالدرك الملكي وبارونات مخدرات، وبعدها طلبت النيابة العامة من المحققين التمهيديين كافة المعطيات المرتبطة بهوية الشخصية القضائية. وبعدها أبلغ الوكيل العام للملك بالعاصمة رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالموضوع، لتتم مباشرة فتح مسطرة في الموضوع تخص المسؤول القضائي، حول ظروف وملابسات تواصله مع البارون الجزائري و"ليوتنان" الدركي وآخرين. استدعي القاضي إلى مركز التحقيق وأسرع المكلفون بإنجاز المسطرة معه، لتتم مواجهته بتصريحات مجموعة من الموقوفين، لكنه أنكر الاتهامات المنسوبة إليه. ووجد نائب وكيل الملك نفسه ضمن الشبكة الدولية لتهريب المخدرات التي يتزعمها الجزائري الملقب من قبل أعضاء الشبكة ب"إلياس"، وكان يستقر بمراكش، قبل أن يتدخل له شخص من عائلة «عريقة» بخنيفرة لتوطيد علاقته مع المسؤول القضائي، والتقيا مع عناصر محسوبة على الدرك بمراكز التدريب بابن اكرير وبنسليمان، وعناصر تشتغل بالناظور، وأخرى بالقاعدة البحرية الخامسة بالقصر الصغير والمركز البحري بالمنطقة نفسها، إذ توسط ضابط الدرك برتبة "ليوتنان» للمسؤول القضائي ولعناصر دركية أخرى، لمساعدة البارون الجزائري على تهريب الشيرا من نواحي الناظور، وذلك بإحدى نقط المراقبة التابعة للقوات المساعدة، قبل أن تفشل العملية. وسلم المسؤول القضائي مبلغ عشرة ملايين إلى "ليوتنان» قصد مساعدة الجزائري في تهريب الشيرا لتسهيل المهمة، وبالضغط على دركيين آخرين بالناظور لتسهيل المهمة، ووضع النائب المبلغ بالسيارة التي كان يقودها المسؤول الدركي، حيث وعده بمنحه 40 مليون أخرى فور نجاح العملية. وحاول القاضي التملص من الاتهامات المنسوبة إليه في النازلة، وبالتهرب من الضغط على دركيين ومساومتهم من أجل فسح المجال للبارون الجزائري لتهريب كميات مهمة من الشيرا عبر سواحل الناظور. آخر مشتبه فيه بعد الانتهاء من البحث مع القاضي، أخبر من قبل المحققين بموعد تقديمه أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف من أجل استنطاقه عن الجرائم المقترفة، وظل المشتبه فيه الأخير ضمن الشبكة، بعدما جرى تقديم الآخرين أمام النيابة العامة وقاضية التحقيق رئيسة الغرفة الخامسة المكلفة بجرائم الأموال لدى المحكمة نفسها.