مذكرات بلمودن 1 أوراق من مذكرات المقاوم بلمودن (السائق) تحكي مرحلة تصفيات جيش التحرير من الداخل انفردت مذكرات المقاوم حسن بلمودن، الملقب بالسائق بتقديم صورة واضحة عما وقع في السنوات الأولى للاستقلال رصدت تاريخ المقاومة المغربية وجـيـش الـتحـرير مـن الـداخـل، من مرحلة النشأة والتـطـور إلى زمن التصفية والصراعات التي تفجرت بين الرفاق بعد التحرير. ولم تفتح لهذه السيرة الذاتية، التي جمع تفاصيلها التهامي نجار، تحت عنوان «الآن أتحدث»، كل الأبواب وضربت بسلاح التعتيم والتهميش لأنها حملت بين صفحاتها حقائق أريد لها أن تدفن مع أصحابها، لذلك وجه السائق وصية إلى المغاربة عموما وسكان البيضاء على وجه التحديد جاء فيها «إذا كنت تسير يوما بكل حرية وأمان واطـمئنان وصادفت عيناك اسم شارع إبراهيم الروداني، أو شارع محمد الزرقطوني، فاعلم أنك قد لن تجد شارع عباس لمساعدي لأنه تكالب عليه الطغاة، وتنكروا له حيا وميتا ولم يخلدوا اسمه وفرضوا التعتيم على تاريخه». ياسين قُطيب من مصادفات القدر أن أربعة من المتورطين في عملية اغتيال عباس لمساعدي أقاموا كلهم في حي واحد بالبيضاء، وبالضبط بـ"كراج علال" قرب سينما شهرزاد، عايشتهم عن قرب، لأنني كنت من سكان الحي، اثنان منهم أصبحا من الأثرياء بين ليلة وضحاها، وآخران لم يفوزا إلا بالفتات. لم يكن الأول سوى مقتصد بثانوية أصبح ثريا بعدما منح العديد من رخص النقل، لكنه تورط في آخر أيامه في فضيحة تزوير لأملاك عائلة معروفة، وكان سيفوز بها لولا تدخل رئيس دولة شقيقة لدى الملك الراحل الحسن الثاني، أدخل إثرها السجن رغم إرجاع الحقوق إلى ذويها. أما الثاني فهو صاحب دكان صغير لبيع مشتقات الحليب بدرب الشرفاء بالدار البيضاء، منحت له رخصتان للنقل ووظيفة بالجيش الملكي في قسم المخابرات، يقال إنه كان برتبة " كومندان". طلب مني هذا الأخير عندما ترشح للانتخابات البلدية، بأن أساعده في حملته الانتخابية، وفي إحدى الجلسات واجهته بسؤال مثير كان سببا لقطع العلاقة بيننا، فقد سألته عن حقيقة مشاركته في عملية اغتيال لمساعدي" فأجابني بهدوء غريب وبنظرة اقشعر لها بدني «والدك صديقي، ولولا الانتخابات لكان لي معك تصرف آخر، ولكي أرضي فضولك أقول لك، إنني بريء من دم عباس وعندما يحين وقت الكلام سأفضح كل شيء، ولتسأل الزعيم العبدي، فهو يعرف أكثر مني»، وكان يقصد أبا زكرياء محمد العبدي، ولم تمهله الأيام ليبوح بكل شيء، إذ تعرض لحادثة سير مات فيها هو وابنه. أما الثالث فهو أبو زكرياء الملقب بـ» أَبا العبدي « الذي لم يفز إلا برخصة «تاكسي صغير» ورخصة لشحن البضائع، ووظيفة مراقب لبطائق الدخول لسينما شهرزاد، وكان من أكبر المناضلين بحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، واستطاع رغم أميته التأثير في شباب الحي وتكوين عدة خلايا بدرب السلطان، تورط في المؤامرة التي طالت العديد من مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، اعتقل عدة مرات، وفي آخر مرة اختطف فيها من منزله، اختفى عن الأنظار نهائيا، وتقول بعض الأخبار إنه كان من نزلاء "الكوربيس" وتوفى هناك.